لا “بريفيه” هذا العام… وما مصير المواد الاختيارية في “البكالوريا”؟
هل تُلغى امتحانات الشهادة المتوسطة “البريفيه” أم لا؟ والى أين سيصل النقاش الذي لا يزال قائماً حول اعتماد المواد الاختيارية في امتحانات الثانوية العامة “البكالوريا”؟ مصادر مطلعة أكدت أن وزيرة التربية ريما كرامي تعقد اجتماعات مكثفة مع الجهات المعنية لحسم الملف. قرار “البريفيه”، الذي لا يزال محل تجاذب سياسي، يأتي في ظل ضغوط من بعض الجهات للإبقاء على الامتحانات الرسمية، فيما تتمسك وزيرة التربية بموقفها الداعي إلى إلغائها. ولكن يبقى التساؤل عن نجاح استبدال الامتحانات الرسمية بالعلامات المدرسية التي ستعتمد كبديل لتقييم الطلاب، خصوصاً أن الشهادة المتوسطة تُعدّ شرطاً أساسياً لبعض المسارات التعليمية والمهنية، لا سيما الالتحاق بالقوى الأمنية والتعليم المهني.
أما على صعيد شهادة “البكالوريا”، فإن الاتجاه يسير نحو عدم اعتماد المواد الاختيارية، تماشياً مع الظروف الاستثنائية التي فرضتها أزمة التعليم، بحيث يعاني أساتذة التعليم الرسمي من تدنّي عدد أيام التدريس، ما يؤدي تلقائياً إلى تخفيف المنهاج الدراسي.
وفي ما يخصّ الطلاب في المناطق الحدودية، خصوصاً في الجنوب والبقاع اضافة الى الضاحية الجنوبية، ممن تأثروا بالحرب ولم يتمكنوا من متابعة عامهم الدراسي بصورة طبيعية، فتؤكد مصادر مطلعة أن الوزارة ستتخذ إجراءات استثنائية لضمان حقوقهم الأكاديمية.
أما التعليم المهني والتقني، فتشير المعلومات إلى أن الامتحانات ستُجرى في جميع المواد، مع اعتماد الاختبارات العملية بدلاً من الخطية في بعض الاختصاصات، وهو ما يستلزم تأمين التمويل اللازم لتغطية تكاليف المختبرات والتجهيزات التقنية.
نقيب المعلمين في لبنان نعمة محفوض، تحدث لموقع “لبنان الكبير” عن قرار مجلس الوزراء إلغاء امتحانات “البريفيه” لهذا العام، إضافة إلى الجدل حول إمكان اعتماد مواد اختيارية في امتحانات “البكالوريا”.
إلغاء “البريفيه”… قرار مالي لا تربوي
وأكد محفوض أن القرار بالغاء امتحانات الشهادة المتوسطة ليس نابعاً من رؤية تربوية، بل يعود الى أسباب مالية بحتة، بحيث لم يتم تأمين الاعتمادات اللازمة لإجراء الامتحانات، معتبراً أن هذه الخطوة تشكل “كارثة كبرى”، إذ لا يمكن التعامل مع التربية والتعليم وفق حسابات مادية فقط.
وقال: “المستوى التعليمي في لبنان تدنّى بصورة كبيرة خلال السنوات العشر الأخيرة، وما شهدناه في العامين الماضيين يُعتبر كارثة تربوية حقيقية. لا يمكننا الحديث عن إلغاء شهادة من دون وضع بديل واضح يضمن معايير التقييم الأكاديمي، خصوصاً في ظل التفاوت الكبير بين المدارس الرسمية والخاصة.”
وأشار إلى أن بعض المدارس الخاصة لديه معايير صارمة في التقييم، بينما هناك مدارس أخرى تُعتبر تجارية، متسائلاً: “كيف يمكن مراقبة مستوى الطلاب في هذه المدارس؟ وكيف نضمن عدالة التقييم؟”.
ضد المواد الاختيارية في “البكالوريا”
وفي ما يتعلق بالجدل الدائر حول اعتماد مواد اختيارية في امتحانات “البكالوريا”، شدّد محفوض على رفضه التام لهذا الطرح، لأنه يضرّ ببناء شخصية الطالب ومستقبله الأكاديمي والمهني.
وأوضح أن “الطالب ليس مجرد متلقٍ لمواد علمية، بل هو شخص يُبنى فكره ومستقبله من خلال تعلّم مختلف العلوم، سواء كانت رياضيات أو فلسفة أو جغرافيا أو تاريخ. السماح باختيار مواد معينة سيؤدي إلى تراجع المستوى التعليمي بصورة خطيرة.”
وعن الوضع العام للسنة الدراسية، رأى محفوض أن الظروف هذا العام طبيعية مقارنة بالسنوات السابقة، حين كان لبنان يمرّ بأزمات معيشية وأمنية صعبة، مؤكداً أن لا مبرّر لعدم إجراء الامتحانات الرسمية في جميع المواد، باستثناء بعض المناطق الحدودية التي تأثرت بالأحداث الأخيرة.
وشدد على ضرورة إعادة الاعتبار إلى الشهادة الرسمية اللبنانية، حتى تبقى معترفاً بها عالمياً، قائلاً: “يجب الحفاظ على المستوى التعليمي حتى لا نجد أنفسنا أمام شهادات لا قيمة لها في الخارج”.
أما الخبير التربوي نعمة نعمة، فاعتبر في حديث لموقع “لبنان الكبير”، أن مسألة إلغاء الامتحانات الرسمية، سواء الشهادة المتوسطة أو الثانوية لا يمكن أن تتم بصورة عشوائية، بل تحتاج إلى بديل واضح ومدروس يضمن تقييم الطلاب بصورة عادلة ومنصفة.
وأوضح نعمة أن الحديث عن إلغاء الشهادة المتوسطة لا يعني إلغاء التقييم بالكامل، بل قد يتم استبدالها بامتحانات مدرسية تحت إشراف وزارة التربية، مع ضرورة وضع آلية رقابة صارمة لضمان نزاهة التقييم. فالمناهج الحالية لا تزال تعتمد على وجود امتحانات رسمية، وأي تعديل يجب أن يكون جزءاً من رؤية متكاملة لتطوير النظام التعليمي.”
وأشار إلى أن إلغاء الامتحانات المتوسطة لم يعد أمراً غير مسبوق عالمياً، إذ اعتمد بعض الدول أنظمة تقييم مختلفة، لكنه شدد على أهمية الحفاظ على معيار موحد للانتقال بين المراحل الدراسية، سواء عبر امتحانات وطنية أو مدرسية، لضمان جودة التعليم وعدم تمييع الشهادات.
أما بالنسبة الى الشهادة الثانوية، فتطرق نعمة إلى الجدل حول إمكان اختيار الطلاب لعدد محدد من المواد بدلاً من الخضوع لامتحانات في جميع المواد، وعلّق قائلاً: “في الأنظمة التربوية العالمية، هناك مواد اختيارية، لكنها تضاف إلى المواد الأساسية، مثل اختيار لغة ثالثة أو مهارات حياتية، وليس استبدال المواد الجوهرية بمواد أخرى.”
ولفت الى أن المشكلة في لبنان تكمن في الظروف اللوجيستية والمالية، بالاضافة إلى الأوضاع الأمنية والاقتصادية التي تؤثر على التعليم، مشيراً إلى أن تجربة السنوات الماضية أظهرت تحديات كبيرة، خصوصاً في ظل الاضرابات والتأثيرات الناجمة عن الأزمات المختلفة.
أزمة المناطق المتضررة
وعن التحديات التي تواجه الطلاب في المناطق المتضررة، خصوصاً في جنوب لبنان والنبطية، حيث أثّرت الحرب بصورة مباشرة على البنية التحتية للمدارس وعلى الحالة النفسية للطلاب، أكد نعمة أن “هناك طلاباً فقدوا أهلهم أو تعرضوا لصدمات نفسية، وهذا يفرض مقاربة تربوية مختلفة لهم، بحيث يتم تقييم مستواهم وفق الظروف التي مروا بها.”
ورأى أن أي حل يجب أن يكون مخصصاً لهذه الفئة من دون تعميمه على جميع الطلاب في لبنان، معرباً عن اعتقاده أن إمكان اعتماد مواد اختيارية قد يكون حلاً لهذه الفئة، وفقاً لما تمكنت من دراسته خلال العام.
التعليم التخصصي وربط المناهج بمتطلبات الجامعات
وفي ما يتعلق بتطوير التعليم الثانوي، اقترح نعمة ضرورة ربط المواد التي يدرسها الطلاب في المرحلة الثانوية بتخصصاتهم الجامعية، وقال: “إذا كان الطالب ينوي دراسة الهندسة، فمن غير المنطقي أن يُجبر على دراسة مواد بعيدة عن اختصاصه، والعكس صحيح بالنسبة الى اللعلوم الانسانية.”
وأضاف: “ان بعض الدول يعتمد أنظمة مماثلة، بحيث يتم التركيز على المواد الأساسية مع منح الطلاب حرية اختيار مواد إضافية تتناسب مع توجهاتهم الأكاديمية والمهنية المستقبلية”.
لبنان الكبير
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|