الصحافة

ترامب يُشعل المنطقة... لماذا يَستعجل الحسم؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعد أيام قليلة من القصف الأميركي العنيف على اليمن، وإطلاق التهديدات المباشرة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، استأنف الكيان "الإسرائيلي" عدوانه على غزة بارتكابه المزيد من المجازر التي تُضاف الى سجله التاريخي الدموي، كما لم يوقف خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701 باستمرار اعتداءاته على لبنان، مشهد يوحي وكأن القرار الأميركي و "الإسرائيلي" بإشعال المنطقة قد اتُخذ، تحت شعار "فرض السلام بالقوة"، بعد أن أتى ترامب بخطاب مناقِض تماماً لِما يفعله في الشرق الأوسط.

للمشهد الحالي في المنطقة دلالات كثيرة تُنذِر بالمزيد من التصعيد، وفق مصادر متابعة، ولعلّ من ضمنها مضمون الاتصال الذي جرى بين الرئيسين الأميركي والروسي دونالد ترامب وفلاديمير بوتين بتاريخ الثامن عشر من آذار الحالي، الذي تحدّث عن إنهاء الصراع في شرق أوروبا، والبدء بالتحرّك نحو السلام وفق تعبيرهما، وعلى ما يبدو أن الحديث عن بدء المفاوضات على الفور في الشرق الأوسط لا يمكن أن يحصل إلا تحت النار بحسب وجهة النظر الأميركية، وما تشهده المنطقة من اشتعال خاصة مع ثبات شعار يَرفعه الأميركي، أنه لا ينبغي لإيران أن تكون في وضع يَسمح لها بتدمير "إسرائيل".

ما تريده أميركا ليس جديداً، وهي دائماً تسعى لرسم الشرق الأوسط وفق مصالحها، لكن السياسة التصعيدية وإشعال المنطقة بهذا الشكل يدفع الى طرح سؤال: لماذا يستعجل ترامب رسم المشهد في المنطقة، مما اضطره الى المخاطرة بفتح النار في معركة بدأها ولا يعرف كيف تنتهي؟!

في الحقيقة ليس الأميركي وحده مَن يستعجل الحسم وإنما معه "الإسرائيلي" لعدة أسباب تقول المصادر:

1- الأسباب "الإسرائيلية": سياسية - أمنية وتحديداً في غزة وسورية ولبنان، حيث إنه يَستكمل حربه من طرف واحد، متجاهلاً اتفاق وقف إطلاق النار.

أما في سورية فضرب القدرات السورية له علاقة بأمرين: الأول: تقليم الأظافر التركية في سورية، ومحاصرة الطموح التركي بالسيطرة على الجغرافيا القريبة من الكيان الصهيوني. والثاني: ما زال لدى "الإسرائيلي" خوف حقيقي من نشوء مقاومة في الجنوب السوري، تستفيد من القدرات العسكرية الموجودة.

وفي ما يتعلّق بغزة، صحيح أن هناك سبباً اقتصادياً له علاقة بفتح "إسرائيل" لقناة بن غوريون، التي تمر بغزة بعد تدميرها كبديل عن قناة السويس، لكن أيضاً تريد "إسرائيل" التخلّص من غزة للتخلص من التهديد الأمني الذي تُشكِّله لكيانها.

2- الأسباب الأميركية: سياسية – اقتصادية، ما يعني أن التقاطع الأميركي - "الإسرائيلي" هو في الجانب السياسي، فـترامب مُقتنع أنه حاكم العالم على ما يبدو، ولكن لديه نقطة ضعف أساسية، أن هيبته السياسية غير مستندة الى قوة اقتصادية منافِسة، بحيث إنه يواجه ثلاث مشكلات، وفق المصادر:

- المشكلة الأولى: وجود خصم إمبراطوري اسمه الصين، ومشروع الحزام والطريق الذي له ممران: ممر عبر إيران أذربيجان نحو الشرق الأوروبي، ممر عبر سورية ولبنان نحو الجنوب الأوروبي.

- المشكلة الثانية: أمام ترامب ساحة متوترة اسمها مصادر الطاقة والممرات البحرية، بحيث إن منابع الطاقة في الشرق الأوسط هي في مكان "توتر"، فـترامب يَعتبر أن السير بموضوع التطبيع وضمان الممرات البحرية للتجارة الدولية مهدّد بثلاث نقاط: قوة إيران وتمرّد اليمن وعدم استكمال المشروع في لبنان بعد سقوط سورية.

- المشكلة الثالثة: ترامب لديه مشكلة جديّة بالديون الفيدرالية، فأزمة هذه الديون وصلت الى الحد الأقصى المسموح به في وزارة الخزانة الأميركية، بعد قرارات الكونغرس بالسماح برفع مستوى الديْن الى 34000 مليار دولار، مع إضافة فوائد الدين المتراكمة التي قد تصل الى 1900 مليار، مع قرارات ترامب برفع الضرائب على الواردات من كندا والصين وأوروبا والبرازيل والمكسيك واضطرار الدول الى التعامل بالمثل، يعني رفع قيمة الضرائب على الواردات من أميركا، مما يُنذر بمرحلة كساد على مستوى التجارة الدولية وبالتالي تضخم في الأسعار، لأن انعدام وجود السلع ووفرة الأموال النقدية التي تُطبع بوزارة الخزانة الأميركية يؤديان الى تضخم، مما دفع الكثير من رؤوس الأموال الى شراء الذهب أو العملات الرقمية، وهذا من مؤشرات ضعف الثقة بالدولار، الذي ما زال مسيطراً حتى الآن على التجارة الدولية، إلا أن هذا الأمر قد لا يدوم طويلاً، مع احتمال انتقال الإدارة الأميركية الى خطوة إسقاط الدولار للتخلّص من الديون.

وأمام هذه المخاطر، تقول المصادر، يمكن تفسير مسارعة إدارة ترامب الى حسم الملفات الدولية وبسط سيطرتها على مصادر الطاقة والممرات البحرية، ومسار الحزام والطريق الصيني، وفرض السيطرة السياسية على العالم بـ "البلطجة" والقوة العسكرية.

في لبنان، تضيف المصادر، يبدو أن "الإسرائيلي" والأميركي لم يقتنعا حتى الآن بنتائج الحرب، وكان الطموح بعد وقف إطلاق النار استكمال أهداف العدوان بالضغط السياسي والاقتصادي، من خلال نواب السفارات والشخصيات الحليفة لأميركا، ولكن البراغماتية التي مارسها الثنائي الشيعي في إدارة الشق السياسي للحرب، أحرجت حلفاء واشنطن في الداخل ووضعتهم بين خيارين:

- الأول: خيار إقصاء طائفة وازنة من السلطة (الطائفة الشيعية).

- الثاني: تجنّب المواجهة خوفاً من انقلاب المشهد وانتظار المتغيرات.

واكدت المصادر ان الخيار الثاني الذي تم اعتماده في الداخل اللبناني في التعامل مع الثنائي الشيعي، يبدو أنه أزعج الإدارة الأميركية المستعجلة لحذف لبنان من دائرة الصراع، لذا باتت تستخدم أساليب منها:

1- التهديد المباشر للمسؤولين اللبنانيين.

2- عدم التعاون مع لجنة مراقبة وقف إطلاق النار.

3- الاعتداءات "الإسرائيلية".

4- الحصار من أجل منع إعادة الإعمار.

5- تحريك أدواتها في سورية.

وختمت المصادر : سياسة تنتهجها الإدارة الأميركية الجديدة للسير بلبنان نحو التطبيع، ليس من أجل "إسرائيل" فقط، فالمحرِّك الرئيسي للإدارة الأميركية ليس أمن "اسرائيل"، إنما فرض السيطرة السياسية والاقتصادية على العالم.

مريم نسر- الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا