الصحافة

لبنان يماطل بتشكيل لجان التطبيع.. وإسرائيل “تذكّره” بالنّار

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعد إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتّجاه مستوطنة المطلّة، سارعت كلّ أركان الدولة إلى التحذير من أيّ عمل يمكن أن يؤدّي إلى تداعيات لا يستطيع لبنان تحمّلها بعد الحرب الأخيرة التي أصابته مصاباً جللاً. حتّى “الحزب” المعنيّ الأوّل بالتصدّي للخروقات الإسرائيلية سارع إلى إصدار بيان يعلن فيه عدم مسؤوليّته عن إطلاق الصواريخ. ولهذا البيان أكثر من سبب، أوّلها أنّ “الحزب” سبق أن أعلن أنّ أولويّاته اليوم هي في باحته الداخلية قبل أيّ شيء آخر. 

لكن، على الرغم من تدافع المسؤولين اللبنانيين رؤساء وأحزاباً كافة إلى التغافل، إلا أنّ الواقع الذي لا تحجبه الشمس هو أنّ إسرائيل تخرق الأجواء اللبنانية ليلاً ونهاراً، وتقوم بغارات أصبح تعدادها صعباً لكثرتها. لا تقتصر على جنوب الليطاني بل وشماله والبقاع أيضاً. وفي حرّية حركتها تذكّر إسرائيل بأنّ لبنان خسر حربه الأخيرة وأصبح تحت رحمة غاراتها، شاء ذلك أم أبى. فماذا في خلفيّة مخطّط إسرائيل ومن خلفها وأمامها واشنطن للمقبل من الأيّام؟

ويتكوف: حلّ الدّولتين والتّطبيع 

بعيداً عن الأخبار العاجلة عن عدد الغارات في الجنوب والبقاع، أو الغارات في غزّة وعدد الشهداء، لا بدّ من قراءة عنوان المرحلة “خريطة جديدة تُرسم بدماء أهل الأرض”. وفي هذا العنوان يقول مصدر دبلوماسي لـ”أساس” إنّه لا خيارات لدى العرب، سواء أكان في فلسطين أو لبنان أو سوريا أو الأردن أو مصر. كلّ الدول ترزخ تحت أزماتها العميقة، وتشترك بحبل خلاص واحد كما يشترك التوائم بحبل خلاص والدتهم. سبق لواشنطن أن رسمت المنطقة، ووضعت فيها تل أبيب. وعلى هذا الأساس، تعمل على التمهيد لولادة جديدة نعيش مخاضها هذه الأيّام. الولادة هي أن يعود الممسكون بحبل الخلاص الواحد إلى الحياة، لكن بشروط واضحة.

خرج المبعوث الأميركي الخاصّ للشرق الأوسط ستيف ويتكوف قبل ساعات في مقابلة تلفزيونية تحدّث فيها عن عنوانين أساسيَّين. أوّلاً الإقرار بحلّ الدولتين، والثاني تطبيع لبنان وسوريا مع إسرائيل.

تحدّثت مصادر دبلوماسية لـ”أساس” عن المعنى السياسي لكلام ويتكوف. أوّلاً هو اعتراف للمملكة العربية السعودية بأنّ خيارها للذهاب إلى تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل هو الأقوى وهو الممرّ الإلزامي ولا تستطيع إدارة ترامب اختصار هذه المرحلة للوصول إلى الهدف المنشود. ثانياً هو تأكيد أنّ مسار الأحداث في لبنان وسوريا له هدف واحد هو التطبيع مع إسرائيل. وهو أمر لا تريده تل أبيب لأنّها طامعة بحسن علاقات مع طبقتنا السياسية لضمان أمن حدودها ولإنهاء الصراع والاعتراف السياسي بها.

لبنان وسوريا: لجان ووحدة مسار إسرائيلي 

ليس خافياً على أحد أنّ لبنان تحوّل إلى ساحة مفتوحة لحرّية حركة إسرائيلية تشبه الساحة السورية. ولهذين البلدين المخطّط نفسه. إلّا أنّ لكلّ منهما سياقات مختلفة.

في لبنان، منذ حوالي أسبوعين خرجت المبعوثة الأميركية الخاصّة إلى لبنان مورغان أورتاغس تتحدّث في مقابلة تلفزيونية لأوّل مرّة عن لجان دبلوماسية يفترض أن تنظر في ثلاثة ملفّات عالقة بين لبنان وإسرائيل: الانسحاب، ترسيم الحدود، وإطلاق الأسرى. بعد مقابلتها أثارت أورتاغس جدلاً حول اللجان. وفي معلومات “أساس”، عادت أورتاغس وأرسلت ثلاث رسائل لكلّ من رؤساء الجمهورية والحكومة ومجلس النواب تحثّهم فيها على الشروع في العمل لتشكيل لجان، لا تكون مؤلّفة فقط من عسكريين، بل من مدنيين أيضاً، لحلّ الملفّات العالقة.

في لبنان فُسّر هذا الأمر مباشرة بأنّه شروع وتسهيل في التطبيع تحت وطأة التهديد. وهو ما أجاب عليه الرئيس بري بالقول إنّ وقف إطلاق النار يفترض أن يسبق تشكيل أيّ لجان. وفي معلومات “أساس” أنّ وقع كلام الرئيس برّي لم يكن جيّداً في واشنطن. لذلك كان على واشنطن التذكير بأنّ عدم تشكيل هذه اللجان ليس سوى إتاحة المجال لإسرائيل لإطلاق يدها.

هل بدأت سياسة اليد الممدودة؟ 

في الأيام الماضية، كما في المرحلة المقبلة، تقاطعت كلّ المعلومات على أن لا هدوء على الساحة الأمنيّة لأكثر من سبب.

– أوّلاً: واشنطن وإسرائيل لم تجدا بعد نتائج “إيجابية” على مستوى تنفيذ اتّفاق وقف إطلاق النار في جنوب الليطاني، وهذا ما تعمل إسرائيل على تطبيقه على الأرض.

– ثانياً: لا ثقة لإسرائيل بالجيش ولا بقوّات اليونيفيل، وتهدف إلى إلغاء دور الأخيرة وتعزيز دور الجيش شرط أن تبقى موجودة لإطلاق يدها جنوباً متى رأت ذلك مناسباً.

– ثالثاً: كلّ الغارات التي تشنّها إسرائيل هي ردّ على سرديّة “الحزب” بعد الحرب بأنّ السلاح سنقدّمه في جنوب الليطاني لكن لا شأن لذلك بشمال الليطاني.

– رابعاً: إنّ المعركة الكبرى آتية مع إيران، وما يحصل مع لبنان ليس سوى مقبّلات لها.

وعليه تتحدّث مصادر دبلوماسية عن مرحلة ساخنة يمرّ بها لبنان والمنطقة يفترض أن تتبلور سريعاً لأنّ المنطقة على فوهة بركان. وما المشهد الأمنيّ التصعيدي في لبنان إلّا جزء من هذه الحرب الكبرى. ومسؤولوه ليسوا إلّا أمام امتحان أكبر وأخطر من الحرب نفسها.

سباق بين التصعيد وتشكيل اللجان

لا شك أنّ نية اسرائيل هو التصعيد للتخلص نهائياً من ورقة “الحزب”، وهو أمر يدور بحثه في كواليس الدبلوماسية الدولية. فنتانياهو واضح في تهديده قصف بيروت رغم أنّ تل أبيب تدرك أنّ الصواريخ لم يطلقها “الحزب”. وعليه، فإنّ التهديدات تبدو بحسب مصادر دبلوماسية متابعة، مترافقة مع ضغط لتشكيل اللجان التي طالبت بهم أورتاغس.

في معلومات “أساس” أنّ لبنان يتجه إلى تشكيل لجان للتفاوض ليس فقط من عسكريين، بل من مدنيين أيضاً يتم اختيارهم بحسب الحاجة، أحيانا تقنيين، اختصاصيين، دبلوماسيين بحسب موضوع التفاوض. وبذلك سيعود لبنان إلى سابقة التفاوض على الحدود البحرية يوم تمّ تشكيل لجنة مؤلفة من عسكريين، ومن اختصاصيين أيضاً كالخبير نجيب مسيحي، وغيره.

إلا أنّ هذا المخرج الذي يتجه إليه لبنان تباعاً، سيواجه مع رغبة اسرائيلية باستكمال التفاوض السياسي، للوصول إلى هدنة طويلة بالحدّ الأدنى، وبالحد الأقصى التطبيع. وعليه أمام لبنان ألغام كبرى يفترض أن يدرك كيفية تجنبها.

جوزفين ديب-اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا