كامل شريف العباس... القبض على متورط في مجزرة التضامن الشهيرة
ما الذي تريده واشنطن من إملاء الشروط و"إسرائيل" من عودة التوتّر الأمني على الحدود !؟
عاد التوتّر الأمني الى جنوب لبنان أخيراً، وأغارت "إسرائيل" على مناطق وقرى مختلفة، ردّاً على إطلاق الصواريخ عليها من الجنوب، على ما ذكرت السبت. وتُواصل اعتداءاتها على القرى الجنوبية الحدودية على مرأى من "اليونيفيل"، ومن لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار منذ دخول اتفاق وقف النار حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني الماضي. وحذّر رئيس الجمهورية لبنان من استدراج لبنان مجدّداً الى دوّامة العنف، مطالباً قائد الجيش التحقيق لجلاء ملابسات ما حصل. في الوقت الذي ذهب فيه وزير الدفاع "الإسرائيلي" يسرائيل كاتس تهديداته الى لبنان بالقول: "المطلّة مقابل بيروت، والحكومة اللبنانية تتحمّل مسؤولية أي إطلاق نار من أراضيها". واعتبرت "اليونيفيل" في بيان لها أنّ "أي تصعيد قد يؤدّي الى عواقب وخيمة على المنطقة".
وفي حين تقوم الحكومة اللبنانية بتطبيق ما هو مطلوب منها، من استكمال نشر الجيش اللبناني على الأرض، وبسط سيطرته في المنطقة الجنوبية، غير أنّ الإحتلال "الإسرائيلي" الذي يتمركز في نقاط ومواقع عدّة لا يُتيح له متابعة مهّمّته هذه. ويُواصل بالتالي اعتداءاته على لبنان، ويرفض تنفيذ ما ينصّ عليه اتفاق وقف النار، وكذلك مندرجات القرار 1701 التي تُطالبه بانسحاب القوّات "الإسرائيلية" من جميع الأراضي اللبنانية المحتلّة.
من هنا، تبرز أهمية الترسيم البرّي للحدود الدولية للبنان جنوباً وشرقاً وشمالاً، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، ليتمكّن الجيش من السيطرة على حدود لبنان النهائية وتلافي الإشتباكات العسكرية، والتوتّرات الأمنية الناتجة عن الحدود المفتوحة أو غير المرسّمة، وإنهاء الخلافات على هذه النقطة أو المنطقة أو تلك. وما أعلنه المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ستيف ديتكوف أخيراً عن أنّ "إسرائيل" لن تنسحب من النقاط الخمس، ولن تدخل في أي تسوية أو بتّ للنقاط الـ 13 المتنازع عليها في الأصل، ما لم تسر الأمور بحسب ما ترسمه واشنطن... يؤكّد على أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب تضع شروطاً على لبنان قبل أن "تسمح" له ببدء البحث بترسيم أو تثبيت الحدود البريّة بين لبنان و"إسرائيل"، وباستئناف عملية التنقيب واستخراج النفط والغاز من البلوكات البحرية اللبنانية. كما بإعادة إعمار الجنوب والضاحية والبقاع، والسماح بالتالي لأهالي البلدات الحدودية الأمامية بالعودة اليها لممارسة حياتهم اليومية. وتُهدّد لبنان كذلك بعدم تقديم المساعدات العسكرية للجيش بالوتيرة السابقة نفسها، ما لم تتخذ الحكومة اللبنانية سلسلة إجراءات تفرضها عليها تحت عنوان عريض"القيام بعملية سياسية جديدة".
وهذا ما يؤكّد، بحسب المصادر، بأنّ إدارة ترامب تريد أولاً، كما حليفتها في المنطقة، أن يكون لبنان من المطبّعين مع "إسرائيل"، ومن بين دول المنطقة التي قد توافق على الإنضمام الى "اتفاقيات إبراهيم". وإذ لم يُعلن لبنان موقفه الرسمي من هذا الأمر، صرّح وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي أنّ "التطبيع غير مطروح، وأنّ المفاوضات السياسية المباشرة مع "إسرائيل" مرفوضة نهائياً". وعلى هذا الأساس تتصرّف حكومة الرئيس نوّاف سلام، فهي ترفض التطبيع مع العدو، كما المفاوضات السياسية والتي يقودها مدنيون، وليس عسكريين وتقنيين، وتقوم بتنفيذ المطلوب منها في القرار 1701. وتُطالب الولايات المتحدة بالتالي بالضغط على "اسرائيل" لتطبيق ما ينصّ عليه القرار المذكور في ما يتعلّق بانسحابها من جميع الأراضي اللبنانية المحتلّة.
أمّا مسألة انسحاب "إسرائيل" من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر ومن بلدة النخيلة التي لا تزال محتلّة منذ العام 2000، فتودّ واشنطن، على ما تلفت المصادر، أن يبقى بتّ مصيرها تحت إدارة الأمم المتحدة. وكان القرار 1701 طلب من الأمين العام تقديم دراسة بشأنها في غضون 30 يوماً من تاريخ صدور القرار المذكور في 11 آب من العام 2006، غير أنّه لم يفعل منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا. الأمر الذي يُمكن أن يفعله الأمين العام الحالي للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في حال أراد ذلك، أو طلب لبنان منه ذلك عبر القنوات الديبلوماسية، كون هذا البند لم يقم أي من الأمناء العامّين للأمم المتحدة المتعاقبين، على تنفيذه. على أن يُقدّم دراسة عن وضع المزارع تتلاءم مع الإتفاقيات والخرائط التي بحوزة المنظمة الدولية. الأمر الذي يُحتّم بالتالي على الدولة اللبنانية تحضير كلّ ما ينقص ملف مزارع شبعا من وثائق ومستندات وخرائط وإيداعها في أسرع وقت ممكن لدى الأمم المتحدة للبتّ بمصيرها، ولكي يتمكّن لبنان من استعادتها في أي تفاوض مرتقب، كونها جزءاً مثبتاً من أراضيه.
ولكن وفق واشنطن، للوصول الى البتّ بمصير مزارع شبعا، على لبنان الإلتزام "بالشروط الأميركية"، والدخول في مفاوضات سياسية مباشرة ومفتوحة مع "إسرائيل"، على أن تسير وفق المخطط المرسوم لها، وهذا مؤشّر مؤكّد، على ما تضيف المصادر، لطلب التطبيع مع "إسرائيل" ضمناً، رغم علمها برفض لبنان القاطع له، وقوله مرّات عدّة بأنّه "سيكون آخر دولة عربية تُطبّع مع "إسرائيل". إلّا أنّ إدارة ترامب تضع المفاوضات السياسية المباشرة كشرط أساسي لانسحاب "إسرائيل" من كلّ النقاط التي تحتلّها جنوب لبنان، وللسماح بعد ذلك للأمم المتحدة بالعمل على حلّ مسألة المزارع.
وإذ تدعو إدارة ترامب لبنان الى ضبط حدود خريطته الجغرافية عبر تأليف لجنة لترسيم الحدود البريّة مع "إسرائيل" وسورية، على أن تقوم بالمهمة نفسها مع قبرص لحسم ملف ترسيم الحدود البحرية معها، تقول أوساط ديبلوماسية مطلعة لجريدة "الديار"، بأنّ اللجنة هي مقبرة القرارات. لهذا من الأفضل التوافق على تشكيل "هيئة عليا للترسيم البرّي". والفارق بين اللجنة والهيئة، هو أنّ الهيئة تصدر بقانون بدلاً من قرار وتحتاج الى موافقة مجلس النوّاب، وتُخصّص لها ميزانية خاصّة لإنجاز مهمّتها. في حين أنّ أي وزير في الحكومة يُمكنه تشكيل لجنة كيف ما كان. من هنا أهمية البحث في تشكيل هيئة عليا، على ما سبق للأوساط أن اقترحت مرات عدّة، لكي يتمكّن لبنان من استعادة حقوقه البرّية خلال عملية التفاوض على الترسيم البرّي مع "إسرائيل" والبرّي والبحري مع سورية والبحري مع قبرص.
دوللي بشعلاني- الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|