الصحافة

محاضرة للإمام موسى الصدر تُنشر للمرّة الأولى

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

حصلت "نداء الوطن" على محاضرة ألقاها الإمام موسى الصدر في مدرسة الرهبان ببلدة شكا – البترون بتاريخ 11 نيسان 1970، وكانت محفوظة في أرشيف الدكتور نبيل خليفة.

وهذا هو النص الحرفي والكامل للمحاضرة التي تنشر للمرة الأولى:

أيها الأخوة الأعزاء

أود أن افهم معكم أربعة معاني

1. اللقاء بيني وبينكم

2. اللقاء بين الفكر والايمان

3. اللقاء بين الطوائف المؤمنة بالله

4. اللقاء بين جنوب لبنان وشماله.

1- أما المفهوم الأول من اللقاء فهو الاطار لإيماننا ولمحاضرتي هذه، لقاء عطر مليء بالعواطف ومشرق بالقلوب المتفتّحة والعقول المتهيأة، لقاء فيه الكثير الكثير من التكريم ومن العاطفة ومن الكرم وهذه الأمور التي لا يمكنني ان أشكرها بلساني وان كانت الضيافة والترحيب والتكريم لا تخصني كشخص ولكنها ملك الى من تظنون انه يمثل في عقولكم من الأفكار والمثل، فهذا التكريم للصفات والقيّم التي أرجو ان امثّل بعضها فليست لي انما لله الذي جزاؤه أوفي من الشكر هذا اللقاء حجم واطار لبحثنا وحوارنا في هذه الليلة.

2- حوارنا يبدأ بهذا اللقاء المعنوي الذي أفهمه من الذي دعا الى المحاضرة ندوة الفكر في مدرسة تمثّل الطاقة الايمانيّة ومن رجل أرجو ان يمثل هذه الطاقة. اذاً اللقاء بين الفكر والايمان وهذا لقاء جميل وضروري لقاء لا خلط لأن الانسان طالما خلط بين الفكر والايمان فعاش المشكلة وافترى، حاول الانسان ان يضع فكره بمكان الايمان ذلك هو الانسان الحديث وحاول الانسان القديم ان يضع ايمانه محل كل شيء مشاكل عاشها الانسان وعليه ان يضع الأمور في مواضعها فما هو الفكر؟ وما هو الايمان؟ وأي موضع لكل منهما في حياتنا؟

أحب ان أتحدّث عن هذه النقطة بالذات بصورة مفصّلة الفكر والايمان، هل هما شيئان أم شيء واحد؟ ثم هل يلتقيان او يتناقضان او يتعاونان؟

- الفكر حركة نفسيّة لأجل كشف الحقيقة فيقول أحد العلماء الشعراء: «الفكر حركة من المبادي الى المرادي ومن مبادي الى مرادي» . والأبحاث الأخرى الجدلية لا تنفعنا شيئًا: ندوة الفكر، رجل الفكر ماذا نقصد بكلمة فكر؟

نحن نشغل دماغنا او عقلنا او بتعبير أدّق نشغل حواسنا الباطنية لكي نكتشف حقيقة أمر أو أسباب ظاهرة... هذه هي الحركات الفكرية الفردية وقد تتحوّل الى حركات جماعية: المدارس الفكرية الفكر جهد الانسان النفسي لكشف الحقيقة. العلم ثمرة الفكرة لأن للعلم قوانين تعبّر عن الأشياء وخواصها وعلاقة بعضها ببعض. والفلسفة ثمرة الفكر وهي العلاقة بين الموجودات، (معناها العام) و Metaphysique (معنى خاص) والفن والثقافة وTechnique ثمرة الفكر اذاً كل ثمار الانسان وجهوده مستندة الى الفكر حتى الجهد المادي، أفكّر فأعمل أما العمل الذي لا أفكر فيه فينتج فوضى. الفكر أفضل تراث انساني.

- الايمان: الايمان بالله أن أدرك أن الله موجود وخلق الكون وخلقني. الايمان ليس العلم فحسب بل أكثر من العلم فيه كلمة «أميني» الاستقرار أي عندما تعلّمت استقر ذهنك وهدأ بالك فآمنت وهو فعل العقل والقلب والجسد معاً (معنى واسع) متى يؤمن الانسان؟ حينما اقتنع بوجود الله وأحب الله وأعمل لله فعل العقل والقلب والجسد، يكون الايمان ويعدّ ارتباطاً واستقراراً وملجأً للانسان ومأواً يسكن اليه ويرتاح اليه .

( والمفهوم الشائع) للايمان بالله عنصران:

أ‌- جهد بشري: الفكر

ب‌- جهد آخر ما وراء الانسان: الايمان .

- الخلط بين الفكر وبين الايمان: حاول الانسان ان يضع فكره بكل ايمانه ففشل ويفشل. أعطي على ذلك أمثلة وأن كان فيها بعض الجرح والجرأة؟

أ‌- كان لي نسيب مؤمن طيب وكان يؤمن مثلنا جميعاً «بالحسين عليه السلام» وكان لهذا الرجل ساعة فخربت يومًا وبدل ان يأخذها الى الساعاتي دخل الى مزار الحسين ووضع الساعة على المزار وطلب منه ان يصلح الساعة...

ب‌- مثل السيارة والبنزين.

ج- مثل محاربة العدو (اسرائيل).

د- خصوبة الأرض وقلة الخصوبة.

كل شي عند الله يجري عن طريق الأسباب وليس مباشرة: ليس عند الله محطة بنزين كما وان الحسين ليس ساعاتي...

كانوا في سابق الزمان يريدون جعل الله بديل السعي والعمل. الله أعطانا فكراً ويداً وعيناً وقلباً... وطاقة... حتى نفكّر ونخطّط ونسعى وننفّذ، وفي مقابل هذا تكون مع الله في جميع أعمالك وتعرف انه مسبب الأسباب ومدبّر الأمور وخالقك ورازقك فلا تنفصل عن الله ولكن تعمل عملك هكذا أراد الله: «وأوصى ربك الى النحل ان إتخذي من الجرار بيوتاً ومن الشجر ما يعيشون ثم اسلكي سبل ربك» ما هي سبل الله التي تسلكها النحلة؟

العمل والتعب. أنت أيها الانسان أسلك سبل ربك في الزراعة والحرب والثقافة.. تفكّر أنت لا فكرك من الله ونجاحك من الله. الأسباب كلها من الله. كانوا هكذا ولعلنا لا نزال نعيش بعض هذه الأخطاء. هناك مقام لله حاولنا في فترة من الزمن حاولنا ان نجعل الله بديلاً عنا، فاذا فشلنا أمام اسرائيل نقول اسرائيل عدوة الله فكيف انتصرت علينا ونحن لمؤمنين. فالفشل والنصر منا لا من الله. يجب ان نعمل وان نسعى وان نخطط حتى ننتصر.. يجب ان نقرن سعينا وجهدنا بالايمان. أولئك الذين سلكو عكس التاريخ اي عكس القدماء كما تقدم الذكر (وضع الله مكان العمل والفكر) وهناك من جعل الفكر بدلاً عن الايمان أي أن يجعل سعيه بدلاً من الله، هناك من يعتمد على انه يمكنه الاكتفاء بالعلم والجهد البشري ... فلا يحتاج الى الله هذا افراط وتفريط هذا لا يمكن: العلم نتيجة الجهد البشري العلم مخلوق للبشر ولأن العلم مخلوق بشري فهو اذاً متكامل وهو دائماً في تقدّم ولأنه متكامل فهو متغيّر. المتكامل متغير والمتغير لا يمكن ان يستقر عليه الانسان ويلجأ اليه، هل بامكانك ان تستند على الماء والماء مهزوز؟.. علينا ان نعتمد على ركن وثيق ثابت، الانسان بحاجة الى المطلق حتى يستقر أما الأمور النسبية «المهزوزة» لا يمكنني ان ابني حياتي عليها ولا أعرف المصير: «إلاّ بذكر الله تطمئن القلوب» الانسان يؤمن بالمطلق (الله) صانع الانسان حين أؤمن بالمطلق استقر واستعمل العلم كآلة في تطوّر حياتي لا يمكن للعلم والصناعة... ان يقوم مكان الله هذه الأشياء تبدأ مني وأنا انطلق من الله ومن المطلق واستند اليه وإلاّ فلا يبقى لي أمل وجرأة في الانطلاق فعلى أي شيء استند وكل شيء متغيّر؟ فيما انهم جعلوا الآلة بديلة عن الله وجدوا أنفسهم في تحلق دائمًا وبما انهم ما وضعوا أرجلهم على ايديولوجية روحية نجدهم يطفون على كل شيء، ففي حقل المادة يطفون وفي خصامهم ليس لهم حدود، وفي فوضاهم لا حدّ لهم طغيان وظلمات العالم يعيش في الحرب وانتظارها ونتائجها، من الاستعمار والثورات في الاستعمار والظلم، العالم يعيش ولا استقرار لأنه فقد المنطلق كان يستمر لانه يؤمن بالمطلق، فالإيمان بالمطلق يستلزم: اني جزء من الكل وان خطي في الحياة يجب ان يستقر مع الخطوط الأخرى. في الحقيقة علينا ان نضع حداً لهذا الخطأ ان نجعل الله صانعنا والعلم مصنوعنا، علينا ان نعتمد على الله في حياتنا كلها وكأننا مخلوقات ليس الأنا هو كل شيء فالأنا مخلوق لله فالله هو كل شيء (فكرة المؤمن) وهذا يؤدي الى الليبرالية والى عدم التمسك بالآخرين، الإيمان بالله يغيّر علاقتنا مع أنفسنا. هل أنا حارس لحياتي حتى أرضى بالذل والهوان حتى أحفظ حياتي؟ اذا كان الأصل انا والله انا فعلي ان احتفظ بالأنا وأرضى بالذل، أما اذا كان الأنا مخلوق فتصبح حياتي أمانة فأحتفظ بهذه الامانة من أجل كرامتي وكرامة ربي، أما اذا رأيت ان في حياتي ذل فابذل حياتي رخيصة في سبيل الذل والكرامة حياتي للأحتفاظ بالإيمان والكرامة فان لم تكن مؤمناً بالله فكيف ترضى في الفناء في سبيل الآخرين، والإيمان يجرّد ويعيد التعبيد بيني وبين نفسي لا اغضب ربي في سبيل ارضاء نفسي لأن الله هو أصل وليس انا الأصيل. الإيمان بالله يصنعني ويبعث في قلبي الطموح اللانهائي وهو ينظم علاقاتي اما الآلة والعلم والصناعة هي نِعم من الله أقدّسها وأحترمها وأسرفها ولا ابالغ فيها فأنا أشرف من الآلة والمال والحياة فأنا عبدالله فكفاني بها عزاً، يجب ان نضع الفكر في مكانه، الفكر مخلوقي وانا خالقه والله خالقي وانا مخلوقه حينما يلتقي الفكر والإيمان لقاء بين الفكر والإيمان في الإنسان الذي يعتمد على الإيمان الفكر، ينتهي الانسان والايمان يبدأ به وينتهي الإيمان بالإنسان والفكر يبدأ به.

مصنوع احدهما وصانع احدهما.

يجب ان نراجع الساعات (يراجع المثل، أ) نتعب في سبيل الحرب (يراجع المثل، ج) وخصوبة الأرض ( يراجع المثل، د) ولكن قلبنا مليء بالإيمان فنحن نخدم الله في خلقه هذا، وهذا يبعدني عن الظلم والحيرة التي يعيشها الإنسان.

3 – لقاء الاديان: اسلامي ومسيحي ولكن متى كانا متفرقين حتى يلتقيا: في أيام أحد الخلفاء بني 11000 كنيسة متى افترقا؟ حين جاء المتاجرون بالدين فاخذوا بالخلاف والنزاع، ولكننا نأمل وأملنا مستند الى الأرقام ان هذه الفترة التي كانت تحول دون اللقاء قد ذهبت بدون رجعة.

4- لقاء جنوبي شمالي: موضوع وطني نعيشه بصورة عامة وانا أعيشه بصورة خاصة. فالجنوبي يعيش المحنة ويده على النار من الذين يأكلون العصي لا الذين يعدّونها. أيها الشماليون ارتضيتم لبنان الكبير وطناً بل شعرتم ان لبنان الأقاليم لا يرضي طموحكم ولا يمنع اعداءكم لماذا ارتضيتم في لبنان الوطن؟ ارتضيتم به وطناً حتى تتمكنوا من تحسين أوضاعكم وحتى يمكنكم من تحسين أوضاعكم الوطنية، والوطنية قبل ان تعيش على الخرائط موجودة في القلب والاحساس، والمواطنية موجودة في الأعماق ليست سفارات هنا وهناك المواطنية شعور واقتناع. الجنوب في خطر وهذا شيء واضح يعرف حتى كل من في لبنان وكل رجل يهتم بأمن لبنان وهو في فترة قصيرة في خطر هل عرفنا ما جرى في الجنوب؟ وهل نسعى في معالجة مشاكل الجنوب؟ ام لا ؟ والجنوب هو اليأس المطلق والقرى الامامية مهجورة المدارس في عيترون وغيرها... معطلة والطلاب هجّروا والمعلمون وُزعوا في المناطق الأخرى الأطباء تركوا... النزوح بالمفهوم الذي ينتظره اللبنانيون لم يحصل، لم يحصل النزوح في بيروت، بيروت نائمة لا تفكر بامثالها يعيش الجنوب ازمة سلاح ونار لا عمل ولا استاذ ولا مدرسة هل نحس في شمال لبنان بذلك فإذا أحسسنا هل يزداد إحساسنا عن الأحزان كما نحزن على جنود Vietnam؟ ماذا يكون وراء الجنوب؟ لبنان لا يبقى بدون الجنوب الحكومة لا تعمل، وليس امامي الحكام المسؤولون حتى اتحدث معهم واتحداهم ولكن الذي يؤلمني ايها الشماليون عدم تحسس الشعب للألم في الجنوب كم مظاهرة لأجل تزفيت طريق؟ ... هل فكرتم يوماً ان تضربوا لجنوب لبنان، هل عانيتم حزناً في جنوبي لبنان لماذا عدم التحسس؟ فإذا قلنا لقاء فهذا هو صحيح بالفعل كأن الشمال والجبل وبيروت والجنوب والبقاع يعيش كل في زاوية من زوايا الأرض او في كرة من كرات السماء. ليس هكذا الدفاع عن الأوطان هل ينتظر فقدان الوطن حتى تنفجر ونعود للحرب والقتال ولا نشكر نعم الله الذي منَّ علينا بالجمال والراحة واللقاء والثقافة بلدنا، لماذا لا ندافع عنه؟ والمطلوب التحسس فيكم والضغط على المسؤولين والضغط على ممثليكم حتى يحسِّنوا أوضاع الجنوب والاّ لا نحسن استقلالنا لان العصر ليس الا عصر الصراع بين الشعوب والمنطق هو منطق الثورة ودون هذا لا يعطي أحد استقلالنا وحقّنا وشعورنا لقاء خير وتكريم فائق وهذا التحسس الذي اذا تحسستم ليس لأجلي بل لأجلكم.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا