"شاهدنا الموت".. رسالة من جنديين إسرائيليين أسيرين إلى نتنياهو (فيديو)
ما هو أسوأ من التطبيع...
لا داعي للأشعة ما تحت الحمراء لنرى كيف يلعب يهوذا في رأس دونالد ترامب. كنا قد كتبنا أن ابنته الفاتنة ايفانكا التي اعتنقت اليهودية، ديانة زوجها جاريد كوشنر، تتجول في رأسه بالكعب العالي. ما من مرة كان الرئيس الأميركي اسرائيلياً الى هذا الحد. المؤرخ الاسرائيلي، واستاذ العلاقات الدولية في جامعة أوكسفورد، آفي شلايم أبدى قلقه من "ذلك العشق الأميركي" لأن "بقاء اسرائيل في أن تكون أثينا الشرق الأوسط لا اسبارطة الشرق الأوسط".
تصوروا أن يأمر ترامب شخصياً بترحيل الطبيبة اللبنانية رشا علوية بـ"تهمة" حضور تشييع السيد حسن نصرالله، وأن يدعو مومودو تال، حفيد أول رئيس لغامبيا داودا جاوارا، وهو طالب في جامعة كورنيل ويحمل الجنسية البريطانية، الى تسليم نفسه، تميداً لترحيله، لأنه شارك في تظاهرة متعاطفة مع غزة. هذا تزامناً مع الضغط الهائل على البلدان العربية النفطية لاستثمار الجزء الأكبر من عائداتها في الولايات المتحدة، ما يعني تعرية هذه البلدان، تدريجياً، حتى من ثيايها.
قلنا حتى الغربان لم تقترب من جثث الضحايا في غزة. ترامب هدد علناً بتحويل القطاع الى جحيم بعدما كان يريد ترحيل اهله وتحويله الى ريفييرا الشرق الأوسط. ها هو الجحيم فعلاً. القس جون هاغي، رئيس منظمة "مسيحيون من أجل اسرائيل" قال له ان قهقهات يهوه تسمع في ارجاء الدنيا.
أي مقاومة في وجه ذلك الأعصار الذي لكأنه خرج، للتو، من احدى الميثولوجيات القديمة؟ ريجيس دوبريه، رفيق تشي غيفارا، قال ان "عقدة آلهة الرومان تحكم كل من يدخل الى البيت الأبيض". أمام الأميركيين (والاسرائيليين)، العرب ليسوا الفيتناميين، وليسوا الأفغان، ولا حتى الكوبيين. هم منذ ألف عام، والى ألف عام أخرى (وأخرى...)، في الغيبوبة الكبرى. حتى الاسلام حولوه الى ظاهرة ايديولوجية ضائعة بين الحلال والحرام. المعادلة الفقهية الرثة بدلالاتها اللاهوتية التي تحول دون أي محاولة للتفاعل مع جدلية الأزمنة، وحتى دون محاولة صياغة رؤية استراتيجية للمستقبل.
حال المسلمين من حال العرب. القيادة التركية التي تسعى، سيزيفياً، لاعادة احياء السلطنة بالرقص على رؤوس الثعابين، وتحت راية الاسلام، لا تعدو كونها القهرمانة الأميركية. ايران التي قالت بالجهاد المقدس لانهاء الوجود الأميركي في المنطقة، على أن تمتد، جيوسياسياً، الى ضفاف المتوسط، هي الآن أمام الخيارات المرّة، والاحتمالات المرّة، بحثاً عن طريق ديبلوماسي يفضي بها الى البيت الأبيض.
كما لو أن السيناريو كان جاهزا (وكان جاهزاً حقاً)ً بانتظار "طوفان الأقصى"، و"حرب الاسناد"، لبيدأ المسلسل الكوارثي الذي بلغ الذروة بسقوط النظام السوري، برعاية روسية كاملة، كما لو انه جدار من الخزف. هذه هي نهاية كل من يقاتل اسرائيل باعتبارها خط الدفاع الأول عن الأمن الاستراتيجي الأميركي في المنطقة. الآن ما هو أشد سوءاً من التطبيع. التبعية لأميركا، بدور اسرائيل الكبرى، وحيث اسناد حقائب حساسة الى وزراء من "جنس" معين، يجري بأمر من واشنطن. أمامنا تعيين حاكم للبنك المركزي. أين السيادة هنا حين يخضع المرشح للموقع حتى لفحص خريطته الجينية.
مسعد بولس وعد ناخبي ميتشيغن بأن المرشح الجمهوري سيوقف الحرب، وسيكون أكثر استعداداً للتفاعل مع القضايا، ومع المصالح، العربية. العكس تماماً الذي يحدث. التماهي الديناميكي مع الجنون الاسرائيلي ومع الوحشية الاسرائيلية، لنسأل ما هي الخطيئة التي ارتكبها الفلسطينيون ضد أميركا التي لولا العرب، وليس لولا اسرائيل، كما يدّعي بنيامين نتنياهو، لما كان لها وجود في الشرق الأوسط.
الضعف العربي لا القوة الاسرائيلية، مع أننا لسنا ضد الدولة الأميركية بالمعجزات العلمية والتقنية، وانما ضد السياسة الأميركية التي تستثير ذهولنا. كيف لأمبراطورية فرضت أسلوب حياتها على سائر الكائنات البشرية، كما نقلتهم، عبر ثورة الاتصالات، من زمن الى زمن (بانتظار الانتقال الوشيك الى ما بعد الزمن)، أن تتصرف بطريقة قطّاع الطرق؟
لكنها ثقافة الكاوبوي وقد تداخلت مع الثقافة التوراتية (عبر البيوريتانز أي الطهرانيين). مثلما الأولون تعاملوا مع قبائل الهنود الحمر، والى حد الابادة، يتعاملون مع العرب، كقبائل سقطت من التاريخ، والى حد الابادة. أين العرب في خارطة القوة التي تحكم مسار العالم؟
لا أحد هناك سوى أميركا. الآخرون اكسسوارات بشرية. ما يعني الروس أن تكون أوكرانيا في قبضتهم لاحياء الأمبراطورية الروسية (زبغنيو بريجنسكي). الصينيون لتسويق منتجاتهم ولو بديبلوماسية الروك اند رول.
مرة أخرى، ما يجري في لبنان، وما يجري في سوريا، أسوأ بكثير من التطبيع. غارات متى شاء الاسرائيليون، وكيفما شاؤوا. الاغتيالات شغالة دون رادع. رجب طيب اردوغان قدم الجنوب السوري، وحتى دمشق، هدية لنتنياهو. مسعود بزشكيان أخذ علماً بأن بلاده بين الضربة الديبلوماسية والضربة النووية. طريقة حائكي السجاد سقطت بسقوط اتفاق فيينا.
قذائف من لبنان باتجاه اسرائيل. قطعاً ليس "حزب الله". لنبحث معاً عمن يغرز السكين في الخاصرة!!
نبيه البرجي-الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|