عربي ودولي

"هدنة على الورق".. محطات الطاقة تؤجج نيران الحرب بين روسيا وأوكرانيا

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بعد يوم واحد فقط من الإعلان عن اتفاق هدنة بين روسيا وأوكرانيا، تبادلت الدولتان الاتهامات بشن هجمات على البنية التحتية للطاقة لدى كل منهما؛ ما يعكس مدى انعدام الثقة بين الجانبين ويبرز هشاشة أي اتفاق لوقف إطلاق النار.

ففي حين تسعى أطراف دولية إلى تثبيت التهدئة، اتهمت كييف موسكو باستهداف منشآت الطاقة الأوكرانية؛ ما تسبب في انقطاع الكهرباء عن مناطق واسعة، بينما ردت روسيا باتهام أوكرانيا بشن هجمات مماثلة على منشآتها الحيوية، معتبرةً ذلك دليلا على عدم التزام كييف بالهدنة المعلنة.

المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية، يوري إغنات، قال إن روسيا نفذت "ضربات جوية مكثفة" استهدفت منشآت الطاقة في عدة مناطق أوكرانية، في محاولة للضغط على البلاد اقتصاديا وإضعاف مقاومتها.

ومن جهتها، نفت موسكو هذه المزاعم، متهمة كييف بشن "هجمات إرهابية" على خطوط إمداد الطاقة الروسية، وهو ما وصفه الكرملين بأنه "تصعيد خطير قد يؤثر على أي مفاوضات مستقبلية".

الولايات المتحدة وحلفاؤها عبّروا عن قلقهم من أن يؤدي هذا التصعيد إلى انهيار الهدنة، حيث حذرت وزارة الخارجية الأمريكية من أن استمرار هذه الهجمات قد يعقّد جهود السلام ويزيد من معاناة المدنيين.

ومجدداً، قالت وزارة الخارجية الروسية، أمس السبت، إن موسكو تحتفظ بحقها في "الرد المتكافئ" على الهجمات الأوكرانية على منشآت الطاقة الروسية، وفق وكالة "رويترز".

ويرى المراقبون أن هذه التطورات تشير إلى أزمة ثقة عميقة؛ ما يجعل من استمرار الهدنة أمرا مشكوكا فيه، ومع تزايد التحذيرات الدولية، يبقى التساؤل مفتوحا حول ما إذا كانت هذه الهدنة ستصمد أم أنها مجرد استراحة قصيرة قبل موجة جديدة من التصعيد.

وأكد الخبراء أن الحرب الروسية الأوكرانية لا تزال تشهد تحولا استراتيجيا، حيث انتقل الطرفان من مرحلة الدفاع والاستنزاف إلى محاولة تحقيق مكاسب ميدانية؛ ما يزيد من تعقيد جهود التسوية السلمية.

وفيما يتعلق بـ"هدنة ترامب – بوتين"، أكد الخبراء أن تنفيذها يواجه صعوبات كبيرة بسبب الشروط الروسية التي تفرض وقف الدعم العسكري لكييف دون التزام موسكو بوقف التصعيد، وأن استمرار الضربات الروسية على المدن الأوكرانية رغم إعلان الكرملين عن وقف الهجمات الجوية يعكس عدم جدية موسكو في التهدئة.

وأوضح الخبراء أن دعم أوروبا لأوكرانيا يمثل انتقاما سياسيا من سياسات ترامب، الذي حاول تهميش القارة في ملف الهدنة الجارية بين موسكو وكييف، لذا فإن الهجمات الأوكرانية تأتي بأوامر غير مباشرة من القارة العجوز في شكل يلقى دعما عسكريا جديدا.

وأشار الخبراء إلى أن محاولات موسكو تجنب مواجهة مباشرة مع واشنطن، فإن النفوذ الأوروبي سيبقى ورقة ضغط قوية في المشهد الدولي؛ ما يعرقل تحقيق أي تسوية سلمية دون مشاركة فاعلة من الاتحاد الأوروبي.

تحولات ميدانية واستراتيجية في ساحة المعركة
وقال د. سعيد سلام، مدير مركز فيجن للدراسات الاستراتيجية، إن الحرب الروسية على أوكرانيا تشهد تحولا في استراتيجيات الطرفين، حيث انتقلت المواجهة من مرحلة الدفاع والاستنزاف إلى محاولات لتحقيق مكاسب ميدانية.

وأضاف سلام في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن هذا التحول يزيد من تعقيد جهود التسوية السلمية، كما يؤثر على المجتمع الدولي.

وأشار إلى أن الأهداف الاستراتيجية للهجمات الجوية الروسية والأوكرانية تعكس اختلاف أولويات الطرفين، فروسيا تسعى إلى استنزاف الدفاعات الجوية الأوكرانية، ترهيب المدنيين، توسيع سيطرتها الإقليمية، وتحقيق الردع والانتقام.

وتابع: "في المقابل، تركز أوكرانيا على استهداف القدرات العسكرية واللوجستية الروسية، بهدف عرقلة تحركات الجيش الروسي، رفع الروح المعنوية الداخلية، وتعزيز الدعم الدولي بإظهار قدرتها على إلحاق خسائر بموسكو".

وفيما يتعلق بالهدنة التي تم التوافق عليها بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، أكد سلام أنها في الأساس مقترح أوكراني ناقص، قبلته كييف، لكنه يواجه عراقيل كبيرة.

وأوضح أن استعداد الطرفين لتنفيذ هذه الهدنة ضعيف، خاصة في ظل الشروط الروسية التي تشمل وقف التعبئة العسكرية في أوكرانيا وإيقاف الدعم العسكري والاستخباراتي من الدول الحليفة، دون تقديم موسكو التزامات مقابلة بشأن تعبئتها العسكرية أو الدعم الذي تتلقاه من إيران وكوريا الشمالية.

وشدد سلام على أن التصعيد العسكري لم يتوقف رغم إعلان الكرملين وقف الهجمات الجوية على البنية التحتية الأوكرانية، حيث تعرضت مدن أوكرانية لهجمات مكثفة، أسفرت عن تدمير مستشفيين في سومي وعشرات المباني السكنية واحتراق مئات السيارات، فضلًا عن أكبر هجوم جوي على مدينة أوديسا بعشرات الطائرات المُسيرة المجهزة بذخائر حرارية.

استمرار الحرب وتعثر فرص التهدئة
 اعتبر مدير مركز فيجن أن هذه التطورات تؤكد عدم استعداد روسيا لأي تهدئة حقيقية، حيث تواصل موسكو استراتيجيتها في المماطلة لكسب الوقت، بهدف إضعاف الجبهة الأوكرانية وزعزعة العلاقات بين كييف وحلفائها.

وأشار إلى أن أوكرانيا لن تبقى مكتوفة الأيدي، بل تستمر في استهداف منشآت عسكرية روسية، بما في ذلك مطار إنجلز-2 العسكري، مخازن الصواريخ، القواعد العسكرية، ومحطات تكرير النفط التي يستخدمها الجيش الروسي.

وتطرق سلام إلى السيناريوهات المحتملة خلال الفترة المقبلة، والتي تشمل تصعيدا عسكريا متزايدًا، أو جمودًا طويل الأمد مع استمرار المواجهات، أو إمكانية تسوية سياسية جزئية هشة، أو حتى تحولات داخلية في روسيا وأوكرانيا قد تفتح الباب أمام حل دبلوماسي.

السياسات الأوروبية تتحدى رهانات ترامب
 من جانبه، قال إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، إن تصرفات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دفعت أوروبا إلى الرد بطريقة مختلفة، إذ كان ترامب يراهن على صمت القارة العجوز وامتناعها عن التفاوض مع روسيا لصالح الولايات المتحدة، إلا أن التحرك الأوروبي لدعم أوكرانيا أربك استراتيجيته؛ ما شكّل تحديا كبيرا لسياسته الخارجية.

وأوضح كابان، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن الموقف الأوروبي جاء كرد فعل مباشر على سياسات ترامب، حيث سعت أوروبا إلى توجيه رسالة واضحة للإدارة الأمريكية بضرورة احترام مصالحها.

وأشار إلى أن اتفاقات الهدنة تمت دون مشاركة فعلية من الاتحاد الأوروبي، وهو ما دفع دول القارة إلى التحرك لمواجهة واشنطن، إدراكًا منها بأن تهميشها في هذا الملف قد يهدد أمنها القومي.

دعم أوكرانيا لمواجهة النفوذ الأمريكي
 وأضاف كابان أن أوروبا عمدت إلى مواجهة النفوذ الأمريكي من خلال دعم أوكرانيا، وهو ما ساهم في تقويض جهود ترامب عبر استمرار القتال ضد روسيا، وتجلّى ذلك في زيادة المساعدات العسكرية والاقتصادية لكييف، ما عزز قدرة الأوكرانيين على الصمود في ساحة المعركة.

وأكد المحلل السياسي أن القادة الأوروبيين بدأوا في التحرك بشكل مستقل عن واشنطن، مستغلين الملف الأوكراني كأداة لإعادة تشكيل موازين القوى الدولية.

ولفت إلى أن روسيا، رغم موقفها العدائي تجاه الغرب، تتعامل بحذر مع هذه التحركات، فالصمت الروسي حيال التدخل الأوروبي يشير إلى وجود تنازلات غير معلنة، حيث لا ترغب موسكو في مواجهة مباشرة مع واشنطن، التي قدمت لها بعض التنازلات في الملف الأوكراني.

وشدد كابان على أن أوروبا ستظل لاعبًا مؤثرًا في التوازنات الدولية، ولن تسمح بتمرير المشروع الروسي في أوكرانيا دون أن يكون لها دور فاعل إلى جانب الولايات المتحدة.

وأكد أن التحرك الأوروبي يعكس رغبة القارة في الحفاظ على استقلاليتها الاستراتيجية، بعيدا عن النفوذ الأمريكي، وهو ما يشير إلى استمرار الصراع السياسي والعسكري في المنطقة خلال الفترة المقبلة.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا