موظف القطاع العام... من سيّئ إلى أسوأ
"الوضع على حاله"
رغم الزيادات الكبيرة التي أقرَّتها الحكومات المُتعاقبة منذ بداية الأزمة الاقتصاديّة إلى اليوم تحت مسمّيات مختلفة كـ "بدل إنتاجيّة" أو "مثابرة" أو "أضعاف رواتب"، إلَّا أنها بقيَت قاصرة عن مُلامسة الحدّ الأدنى للراتب الذي يتقاضاه الموظفّون قبل الأزمة، لا بل إنه مع كل زيادة تتآكل قيمة هذه الرواتب أكثر فأكثر نظراً لارتفاع الأسعار بشكل جنوني دون حسيب أو رقيب.
كيف يُمكن توصيف حالة الموظف في المرحلة الحاليّة؟ وما هي خطط المواجهة للحصول على راتب يكفي لسدّ الحاجات الأساسيّة؟
عضو الهيئة الإداريّة في رابطة موظفي الإدارة العامة إبراهيم نحال، يقول لـ "نداء الوطن"، إنّ "وضع الموظف ما زال على حاله، وقد يصبح أسوأ بسبب الضرائب التي زادت بعد الموازنة، إضافة إلى ارتفاع الأسعار بشكل فاحش وسريع، وهذا ما يجعل الراتب يتضاءل وقيمته الشرائية تتآكل".
يضاف إلى ذلك، "مسألتا الاستشفاء والمنح المدرسية التي لم تتم معالجتهما حتى الساعة. لا توجد علاجات دقيقة وجديّة للوضع الاقتصادي، ولا حلول جذريّة مقدمة من الحكومة تهدف إلى تصحيح وضع الموظف كي يعود إلى حالته كما كان قبل الأزمة الاقتصاديّة عام 2019".
"تصحيحٌ مناسب"
يضيف نحال: "لا نطالب بزيادة على الرواتب بل فقط بتصحيح للأجور مع ما يتناسب مع غلاء المعيشة، لأنه رغم كل الزيادات التي أعطيت لنا من خارج الراتب، وهذه نقطة دقيقة وحساسة، لم نستعد أكثر من 25 في المئة من قيمة رواتبنا. وهذا الأمر غير إيجابي، ولهذا نحن في صدد إعداد ورقة مطلبيّة كاملة وجاهزة لنسلّمها إلى رئيسي الجمهورية العماد جوزاف عون والحكومة نواف سلام وكافة المعنيين بهذا الملف، لنُناقش معهم وضع الموظف الاقتصادي وتحسين وضعه كي نتمكن من بناء دولة، لأن بناءها يتطلب قطاعاً عاماً قوياً. ونسأل أيّ قطاع عام نريد كي نعرف أي دولة نريد، هل نريد دولة خدمات أم دولة تخدم الأوليغارشية وأصحاب الأموال؟ هل نريد دولة تخدم الفقراء والمحتاجين ودولة رعاية اجتماعية أمْ دولة تخدم الأغنياء وحيتان المال؟ هذا ما نفتش عنه، وعندها يُمكننا أنْ نصل معاً إلى قواسم مشتركة ونتائج جيدة".
ويؤكّد نحال أنّ الرابطة "بصدد طلب موعد من رئيسي الجمهورية والحكومة لطرح مشكلتهم وتسليمهم المذكرة المطلبية التي تتضمن كل مطالب موظفي القطاع العام بشكل شامل. ومن هذه المطالب: تصحيح الرواتب والأجور وضمّ كل الزيادات على أصل الراتب ودمجها، كي نستعيد القيمة الشرائية لرواتبنا ما قبل الـ 2019، ولا نريد أي زيادات خارج الراتب، وذلك من أجل المحافظة على أمور عدة، ومنها النظام التقاعدي كي يتقلص الفارق بين الموظف في الخدمة وذاك في التقاعد، للمحافظة على التقديمات الاجتماعية ونستردها سنة واحدة ونسترد قيمة التقديمات الاجتماعية كما كانت مع ربطها بالحد الأدنى للأجور. عندما نتحدث عن تصحيح للرواتب والأجور فهذا يعني أنْ يتم وفقاً لمؤشر الغلاء والتضخم والسلم المتحرك للأجور. وعندما نتحدّث عن التقديمات الاجتماعيّة كبدل الولد والبدلات الاستشفائية، فنحن لا نريد للمستشفيات أنْ تستمرّ في تحكمها بالموظف المريض وتتقاضى منه بالدولار عندما يدخل أو يخرج من المستشفى، لأنه يجب أن يكون مغطى على حساب التعاونية كما قبل الأزمة".
"المستشفى والتعليم"
يتابع نحال: "سنطالب أيضاً بدعم المستشفى الحكومي والجامعة اللبنانية والتعليم الرسمي لأنها السند الأساسي للموظف. وبدل أن تذهب موازنة وزارة الصحة إلى المستشفيات الخاصة، يجب أنْ يذهب جزء منها إلى المستشفى الحكومي كي يتمكن من تغطية الموظف ويتمكن من الدخول إلى المستشفى للطبابة. وكذلك أنْ يكون التعليم الرسمي قوياً كي يتمكن ابن الموظف من التعلم والاستفادة. كما نطالب بإعادة فتح باب التوظيف لكن من خلال مجلس الخدمة المدنية، وإلغاء التعاقد الوظيفي، ونعلن عن رفضنا التام لإملاءات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والدول المانحة في موضوع الخصخصة والتعاقد الوظيفي وضرب هيكلية القطاع العام".
"سياسة مُمنهجة"
ويشير نحال إلى أنّ "هذه الحكومات للأسف منذ العام 1992 حتى اليوم لم تعتمد أيّ سياسة، بل بالعكس تعتمد سياسة ممنهجة لضرب القطاع العام وتدميره وإظهاره كأنه فاسد، في حين أنّه إذا أرادوا محاربة الفساد في القطاع العام، يجب أن يُحارب من خلال تفعيل الجسم الرقابي وديوان المحاسبة ومجلس الخدمة المدنية، وهكذا نعطيهم دورهم الطبيعي، والأهم رفع يد الطبقة السياسية وعدم تدخلها في القطاع العام. كذلك، من الضروري أيضاً، وبما أنّ القطاع العام يُعاني من شغور كبير، تثبيت كافة الأجراء والمتعاقدين والمياومين والموظفين تحت كل التسميات وغير المثبتين، لإدخالهم إلى الملاك من خلال مجلس الخدمة المدنية، وإعادة المعاش التقاعدي كما كان عليه سابقاً. يعطوننا 85 في المئة ويلعبون لعبة لتخفيضه إلى الـ 40 في المئة، وهذا مرفوض، بل يجب أنْ يعود مئة في المئة كما كان. وهنا نفتش عن دولة الرعاية الاجتماعية".
يضيف: "كما نطالب باستبدال النظام الضريبي "المتعفّن" الذي يعتمد على 85 في المئة من الأرباح على الضرائب غير المباشرة و15 في المئة ضرائب مباشرة، وأن تصبح بالعكس أي 85 في المئة على الأرباح، وحيتان المال، والأملاك البحرية والنهرية، ووقف التهريب الجمركي، والإعفاءات الضريبية وأملاك الدولة وغيرها.. و15 في المئة ضرائب غير مباشرة، فيصبح لدينا دولة العدالة الاجتماعية التي نفتش عنها. لكن هل من يسمع؟ هذا ما سنفعله، سندق الباب لنرى".
الإضراب عائد؟
هل يمكن أن نشهد إضرابات مجدّداً، يجيب: "بالطبع. حقوق العاملين في القطاع العام خط أحمر، وأعني بذلك الموظف تحت كافة التسميات. فكما نريد لبنان قوياً، نريد كذلك القطاع العام والموظف. لن نترك لبنان وسندافع عنه، كي يعيش فيه مواطنوه بكرامة ويفتشون عن وظائف لأولادهم في القطاع العام والخاص".
يستطرد نحال: "القطاع الخاص أيضاً يعاني. لكن أين الاتحاد العمالي العام من هذه الأزمة الكبيرة. كنا نتوقع أنْ يخوض بداية طريق المعركة وأنْ يقف رأس حربة في وجه السياسات الاقتصادية للحكومة، مذ بشرونا في البيان الوزاري بالضرائب وغيرها. يجب أنْ ندافع عن الموظف أكان في القطاع العام أو الخاص".
رماح هاشم - "نداء الوطن"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|