تزوجت مؤخرا للمرة الثالثة.. النجمة السورية نسرين طافش تستعرض إطلالتها الرمضانية (فيديو)
لو كنت شيعية من خارج الثنائي...
كتبت اليسّا الهـاشم :
تأسس حزب الله في لبنان عام 1982 في أعقاب اجتياح إسرائيل للجنوب، مستفيداً من الظروف السياسية والاجتماعية التي أحاطت بالطائفة الشيعية آنذاك، حيث كان جزء من الشيعة يشعر بالإحباط والغبن داخل النظام اللبناني. صحيح أن هذا الشعور كان من الدوافع الرئيسية التي أدت إلى نشأة وظهور الحزب، ولكن الحقيقة أن تأسيسه لم يكن محض استجابة لمشاكل الطائفة الداخلية فقط، بل جاء نتيجة لاستغلال إيران تلك اللحظة التاريخية واللعب على وتر الطائفية، لتأسس حزباً يستهدف تأطير الشيعة في لبنان ضمن مشروعها الإقليمي، مستخدمةً قضية المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي كأداة لجذب الناس ودعم هذا المشروع.
وسرعان ما تحول حزب الله إلى القوة المهيمنة في الطائفة الشيعية، بعد أن قام بتحالف قسري، سياسي وعسكري، مع حركة أمل، التي كانت تمثل القائد التقليدي للشيعة في لبنان في تلك الفترة. فالحركة كانت تحمل إرث الإمام موسى الصدر وما له من شرعية داخل الطائفة، الأمر الذي كان يحتاجه حزب الله رغم التمويل المالي والدعم العسكري الكبيرين من إيران، لتثبيت قاعدته على الأرض.
الحزب احتاج إلى حركة أمل ليس فقط للوصول إلى التوازن الداخلي في الطائفة، ولكن أيضاً من أجل التواصل مع المجتمعين اللبناني والدولي. استطاع نبيه بري الحفاظ على مكانته كقائد مهم للطائفة من خلال هذا التحالف والتربع على كرسي رئاسة البرلمان اللبناني منذ العام 1992، بينما كان حزب الله يسيطر على الجوانب العسكرية والدينية والسياسية الاستراتيجية، ليس داخل الطائفة فحسب بل في كل مفاصل الدولة.
في الداخل، مخاطبة الجمهور الشيعي من قبل المعارضة الشيعية يجب أن تبدأ من هنا. بتذكيرهم بأنه، على عكس حزب الله، كان الإمام موسى الصدر يمثل رؤية مختلفة للشيعة في لبنان، تنطلق من هدف إصلاحي للدستور لا انقلابي على الدولة، حيث كان يسعى لإصلاح العلاقة مع الدولة اللبنانية وتعزيز انخراط الطائفة في النظام السياسي لتحقيق التعايش والمساواة بين مختلف الطوائف اللبنانية. إلا أنه مع صعود حزب الله، تم تجاوز هذه الرؤية الإصلاحية لصالح أجندة دينية عقائدية ضيقة تخدم مصالح إقليمية هدفها الانقلاب على الكيان وتغيير هويته التعددية.
خطاب المعارضة الشيعية يجب أن يسلط الضوء على الوهم والخداع الذي مارسه الحزب تجاه بيئته الحاضنة، فهو نجح في بناء صورة خاصة له داخل الطائفة باعتباره الممثل الوحيد لقضية المجتمع الشيعي في لبنان. فمن خلال شعاراته الدينية والمقاومة، واستعراض ترسانته العسكرية، وإمداده لمناصريه بالمال والسلاح والخدمات عبر بناء دولة موازية رديفة للدولة اللبنانية المتهالكة بسبب الاحتلالات والحروب المتتالية، استطاع حزب الله إقناع المكوّن الشيعي بأن مصيرهم مرتبط به بشكل مطلق، في حين أن الواقع كان مختلفاً تماماً.
في الحقيقة، الحزب استغل سيطرته على الطائفة لتحويلها إلى أداة في خدمة مشروعه الإقليمي، بما في ذلك التدخلات العسكرية في سوريا وغيرها من السياسات التي لا تمت بصلة إلى مصلحتهم. ومع مرور الوقت، أظهر الحزب استبداديته في إدارة شؤون الطائفة، وأغلق أي مساحات ممكنة لظهور قيادات أخرى، مما جعله يحتكر كل القرارات المصيرية.
يجب مصارحة الجمهور الشيعي بحقائق الحرب الأخيرة وتداعياتها الكارثية. لبنان مُدمر، والجنوب في قلب الكارثة. تقرير البنك الدولي يكشف أرقاماً صادمة: 99,000 منزل مدمّر، إعادة إعمارها تحتاج 4.6 مليار دولار، بينما تبلغ الكلفة الإجمالية 11 مليار دولار، تشمل البنى التحتية والمحال التجارية والمصانع. الخسائر الاقتصادية تصل إلى 14 مليار دولار، والناتج المحلي انكمش بنسبة 7.1% في 2024. لكن الأخطر هو الثمن البشري. آلاف الضحايا، معظمهم مدنيون شيعة. حرب استنزفت بيئة الحزب الحاضنة قبل أي طرف آخر.
فمن المسؤول عن هذه المأساة؟ الجواب وبكل بساطة: حزب الله. يجب أن يدرك المجتمع الشيعي أن ما يتم الترويج له من "مقاومة" قد تحول إلى آلة حرب تهدد أمنهم الشخصي والاقتصادي، وقد آن الأوان لتصحيح هذا الواقع ووقف المسار الانحداري.
إن استمرار حزب الله بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقّعه مع إسرائيل في تشرين الثاني 2024، كما ومحاولاته المتواصلة للالتفاف على قرار مجلس الأمن 1701، يعمّق الانقسام في الداخل ويمعن في إضعاف موقف الدولة، مما يعرقل جهود الحكومة لبدء إعادة الإعمار. فبعد أكثر من ثلاثة أشهر على وقف إطلاق النار، نحن أمام صفر مساعدات مالية، وصفر دعم للجيش اللبناني، وصفر معالجة للمواضيع الاقتصادية. والأخطر ما تم تسريبه مؤخراً، هو أن إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب لن تُعارض تحركاً عسكرياً إسرائيلياً في لبنان في حال استمرت سياسة "النعامة" من قبل الدولة اللبنانية، واستمرار حزب الله في عمليات إعادة التسليح والانتشار في جنوب لبنان.
الطريق الوحيد للبناء والاستقرار يتطلب خروج المجتمع الشيعي من الحصار الذي فرضه عليه حزب الله.
لبنان بحاجة إلى جيل جديد من القيادات الشيعية التي تؤمن بلبنان كدولة جامعة، لا تهيمن عليها أجندات حزبية أو إقليمية. وهذا لن يتم إلا إذا تمكنت المعارضة الشيعية، بالتعاون مع شركائها من الطوائف الأخرى، من خرق "بلوك" الثنائي.
اليوم، هناك فرصة حقيقية لاختراق الكتلة الشيعية المغلقة. نافذة لكسر الستاتيكو القائم. لكن معارضة حزب الله وأمل لا تزال بلا بوصلة واضحة. فما هي استراتيجيتها الفعلية؟ هل تمتلك خطة موحّدة ومحدّدة؟ أم أن دورها يقتصر على انتقاد ومواجهة الحزب وكشف فساده دون تقديم بديل مقنع؟
الواقع اليوم يفرض علينا التحلي بالجرأة في مواجهة الحقيقة، فالتصعيد مع إسرائيل لم يحقق أي مكاسب حقيقية للبنانيين، بل أسهم في تدمير ما تبقى من نسيج المجتمع اللبناني، والحديث عن "المقاومة" في هذا السياق بات يشبه الحديث عن أسطورة خرافية.
الناس بحاجة إلى رؤية، إلى خيار آخر. المعارضة الشيعية مطالَبة برواية سياسية متماسكة، وبمظلّة داخلية وخارجية صلبة تمنحها الشرعية والقدرة على الفعل. المواجهة ليست مجرد خطاب مضاد، بل مشروع متكامل يُعيد تشكيل الواقع السياسي.
يجب أن تواجَه الطائفة بالحقيقة من داخل بيتها. أن تضع المعارضة خطة تواصل محكمة، تخاطب جمهورها أولًا، تضعه أمام الحقائق، تقدّم له الخيارات، وتجعله شريكاً في التغيير ومسؤولاً عن قراراته. عليها بناء تحالفات متينة بأهداف استراتيجية، تُمكّنها من اختراق الكتلة الشيعية في البلديات والبرلمان. أن تعمل على إعادة تشكيل صورة الشيعة عربياً، وترميم مصداقيتهم في بيئتهم الطبيعية.
لو كنت معارضة شيعية أتوجّه إلى واشنطن، وأقدّم صورة شيعية لبنانية خالصة، مستقلة عن المشاريع الخارجية. أجعل العالم يرى أن هناك خيارات أخرى، أفضل وأقدر، من الصوت الشيعي التقليدي ونموذج نبيه بري.
المعارضة الشيعية أمام لحظة حاسمة. إما أن تضع خطة فعلية، أو تبقى مجرد صدى بلا أثر.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|