ملف سرايا المقاومة على طاولة الحكومة أولوية...حظر التنظيم وسحب سلاحه لا تشريعه

على خلفية مساعدات غذائية تحمل صورة الراحل حسن نصرالله اشتعلت جبهة مخيم البداوي ومنطقة وادي النحلة في طرابلس قبل حوالى الأسبوعين وانتهت على ضيم بعد تدخل الجيش اللبناني وسقوط قتلى وجرحى. وفي التفاصيل أن شابا من وادي النحلة قام بمصادرة شاحنة مساعدات غذائية مقدمة من السفارة الايرانية لعدد من العائلات داخل المخيم، والمنتمية الى حركة الجهاد الاسلامي، وعمد إلى توزيع محتوياتها على أهالي بلدته على اعتبار انهم اولى بها، الا ان الاشتباكات بدأت بعدما كمن شبان من المخيم للشاب من الوادي ومجموعة كانت برفقته، ففتحوا النار عليها، ما أدى إلى اصابة ابن عمه، ليتطور الأمر الى اشتباكات دامت لساعات، قبل أن يتدخل الجيش ومسؤولو الفصائل الفلسطينية.

هي ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يدخل فيها عناصر تنظيم سرايا المقاومة صراعاً تارة على النفوذ مع حزب الله وتارة أخرى تلبية لتعليماته بهدف إثارة الفتن و التلاعب بالأمن. وعلى رغم الخسارة العسكرية التي مُنيَ بها حزب الله في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، إلا أنه لم يتخذ حتى الآن اي إجراء في ما يتعلق بسرايا المقاومة . لكن يبدو أن الأزمة المالية التي تجتاح الحزب انعكست أيضا على التنظيم المسلح ،وبات يعيش حالاً من الارباك والتعثر ، بانتظار القرار الذي سيتخذه الحزب سواء بتشريعه أو بحظره.

عام 1997 تأسس تنظيم سرايا المقاومة من قبل حزب الله، بهدف استيعاب كل من يرغب في المشاركة في العمليات القتالية، من دون أن يكون منضويا تحت الطائفة الشيعية أو الإطار التنظيمي لحزب الله. آنذاك أعلن أمين عام حزب الله حسن نصرالله "أن هذا التشكيل سيكون منفصلا عن جهاز حزب الله، ويستوعب كل مواطن يريد المساهمة في مقاومة الاحتلال ولا ينتمي لعقيدة الحرب الدينية". أما الهدف من تأسيسه فهو توسيع دائرة "المقاومة ضد إسرائيل .

انطلاقا من هذا الهدف "المعلن" شارك التنظيم في الحرب الإسرائيلية ونفذ عمليات ضد الجيش الإسرائيلي لا سيما في مزارع شبعا. لكن بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار تحولت أهداف "المقاومة"لدى التنظيم إلى افتعال حوادث وإشكالات في المناطق ذات الطابع السني، علما أن الموارد المالية شحّت عنه وبات مصيره على المحك.

الكاتب السياسي أحمد الأيوبي يعود إلى بدايات تأسيس سرايا المقاومة والهدف منه ويقول لـ"المركزية" أنه تشكّل بهدف إحداث خرق على الساحتين السنيّة والمسيحية، إلا أنه فشل في تحقيق مآربه على الساحة المسيحية في حين نجح في إحداث الخرق المطلوب على الساحة السنية".

مهمات التنظيم وفق الأيوبي "التحول إلى مجموعات استخباراتية أمنية لصالح حزب الله في الساحات التي زُرِعَ فيها، وإثارة الفتنة على الأرض من خلال حملات إعلانية مضلّلة في الساحة السنية وتحديدا في طرابلس وعكار وصيدا وذلك بطلب من حزب الله، علما أن الهدف من تأسيس التنظيم كان مقاومة الإحتلال الإسرائيلي. فهل يعقل ان تكون هذه المقاومة من داخل المناطق السنية ؟وما الغاية من فتح مكاتب له في طرابلس وعكار؟

إذا كان ثمة أجوبة فهي تختصر بأن شعار مقاومة الإحتلال الإسرائيلي لم يكن إلا ذريعة لتأسيس تنظيم تابع لحزب الله ويهدف إلى زرع الفتن في الساحة السنية".

حتى الآن لم تُثر الحكومة موضوع البت في مصير تنظيم سرايا المقاومة كما مصير سلاح حزب الله وكل السلاح غير الشرعي، ولم يتطرق الحزب في أي من مجالسه إلى مصير هذا التنظيم الذي أسسه لأهداف إعلانية وشعارات مضللة، ولم يوحي حتى في ما إذا كان سيتخلى عنه أو يوقف التمويل المالي عنه.

لكن إذا أردنا أن نتكلم بمنطق الدولة والسيادة وتطبيق مبدأ حصرية السلاح في يد القوى الشرعية " فإن مصير التنظيم بعد هزيمة حزب الله الساحقة وإعلان التزامه الدائم بوقف إطلاق النار هو الحظر وليس حلّه، لأنه لا يملك ترخيصا بالعلم والخبر من وزارة الداخلية، وبالتالي فإن سلاحه غير شرعي بموجب قرارات الحكومة". ويذهب الأيوبي إلى أبعد من ذلك بحيث يؤكد ضرورة طرح مسألة حل التنظيم على طاولة مجلس الوزراء وسحب سلاحه غير الشرعي الذي يزرع من خلاله الخوف والفتن والإشتباكات التي تودي بحياة مواطنين أبرياء.

مطمئناً بعدم تكرار جولات جبل محسن وباب التبانة بعدما فرض الجيش اللبناني الأمن داخل الأحياء وشوارع كل منهما وأيضا بعد طرد رفعت عيد ومجموعاته واستحالة من تبقى من الفلول إثارة الفتن، يشدد الأيوبي على ضرورة البتّ في مصير تنظيم سرايا المقاومة داخل الحكومة كونه يشكل خطرا على الأمن القومي اللبناني "وعليه يجب حظره وسحب سلاحه ووقف كل التصاريح المعطاة له سابقا والتي تسمح له بالمرور على كل الحواجز الأمنية من دون تفتيش أو مساءلة، هذا إذا لم يتم سحبها بعد"يختم الأيوبي.

المركزية- جوانا فرحات