الصحافة

باريس تحذّر عون من “فصائل غير منضبطة”

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أنهى رئيس الجمهورية جوزف عون زيارته لفرنسا بنجاح، وهي أولى رحلات العمل الرئاسية، بعد الزيارة التي قام بها للمملكة العربية السعودية والمشاركة في أعمال القمّة العربية في مصر. تأتي الزيارة بعد فترة قاسية غلبت على طابعها فتور الأزمات المتناقضة في علاقة لبنان مع أصدقائه. كان فيها لبنان بعيداً بسياسته الخارجية عن جوهره ولبنانيّته. انحرف عن كلّ ما من شأنه تعزيز الثقة بينه وبين الدول الشقيقة والصديقة. فما هي أبعاد الزيارة؟ وهل أسّست لأمر جديد؟

تزامنت زيارة الرئيس عون لفرنسا مع عدّة مشهديّات:

– استهداف ضاحية بيروت بالقصف الإسرائيلي للمرّة الأولى منذ بدء سريان اتّفاق وقف إطلاق النار.

– تجدّد الحرب الإسرائيلية على غزّة، وتوسّع الاعتداءات في الضفّة الغربية.

– توتّر الأحوال داخل سوريا وعلى الحدود الشرقية مع لبنان، إلى أن أنهته المبادرة السعودية.

احتوت الرحلة في جوهرها ثلاثة مسارات أساسيّة:

– الأوّل: يتعلّق بالتقدير لاستمرارية الدعم الفرنسي الأساسي لنهضة لبنان ليكون دولة القانون والمؤسّسات، وبالتعبير عن أهمّية إرث الوفاء التاريخي الفرنسي.

– الثاني: يرتبط بإرادة الدولة اللبنانية الضغط على الكيان الإسرائيلي لتطبيق اتّفاق وقف إطلاق النار، والعزم على العبور بلبنان من مرحلة وقف العمليات العدائية إلى ترسيخ حالة وقف إطلاق النار، والدخول العمليّ في تهيئة الظروف المؤاتية لاتّفاق 1949 للهدنة.

– الثالث: تمهيد السبل لانعقاد مؤتمر الدعم الفرنسيّ المرتقب للبنان. بالطبع يقترن ذلك بالجهد اللبناني للإصلاح.

فصل ثانٍ من زيارة السّعوديّة

اعتبرت الزيارة في جوهرها الفصل الثاني من زيارة الرئيس جوزف عون للمملكة العربية السعودية. زخرت بأبعاد وتفاصيل عديدة. احتوت بتنسيق سعودي – فرنسي تامّ ما هو مساعد ومكمّل لها. شملت لقاءً ثلاثيّاً، جمع الرئيسين اللبناني والفرنسي ورئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، نوقشت فيه المسائل العالقة. ضمّت أيضاً اجتماعاً خماسيّاً، شارك فيه كلّ من الرئيس القبرصي ورئيس الحكومة اليوناني، خُصّص لمناقشة تحدّيات المنطقة الأمنيّة والقومية المتوسطيّة، وتأثيرات البيئة الخاصّة على الأمن والحدود البحريّة.

تقف المساعدة الدولية للبنان، على الرغم من وجوبيّتها، عند حدود الوعد بانتظار وفاء السلطات اللبنانية بما تعهّدت به. وذلك أن تمتنع هذه الحكومة والتي سوف تليها عمّا قامت به الحكومات السابقة. لذا تقع على عاتق كلّ من الرئيسين جوزف عون ونوّاف سلام مهمّة صعبة تتمثّل في إحداث التطوير “الحوكميّ” المنتظر من قبل المجتمع الدولي، والمخرج الوحيد للإفراج عن التمويلات اللازمة لانتشال البلد من أزمته الوجوديّة.

زيارة دولة مرتقبة

أسّست زيارة الشكر والعمل لزيارة دولة في المرحلة المقبلة. نبّهت الإدارة الفرنسية خلالها إلى خطورة ظهور نظريّة الردّ غير المتناسب في كلّ الجغرافيا اللبنانية الداخلية بوجه استمرارية التفلّت الأمنيّ والنشاطات اللادولتية في لبنان، التي تعارضها باريس بشدّة لأنّها تعبير عن تغيير إسرائيلي مع تبيان قواعد اشتباكيّة مغايرة تسطّر مفهوم الاعتداء والتفوّق الإسرائيلي ولا تخدم الحلول السلمية.

تزامنت هذه المشهديّات مع تحذير دوائر الإليزيه من إمكان ظهور فصائل متناقضة في الأهداف المرئية داخل “الحزب”، وظهور حالة كباش صداميّ تتّصل بالقرار المستقبليّ فيه بين فئة تريد التعامل مع الدولة والامتثال للتسوية، وأخرى تريد متابعة الحركة “الممانعجيّة” السابقة. وقد تكون تمهيداً لتطور فرضيّة الأهالي والعشائر الأمنيّة. وما مسألة قيام عناصر ثالثة معلومة مجهولة وميليشيات أجنبية بإطلاق الصواريخ سوى محصّلة لها.

تسعى فرنسا مع الخماسية إلى وضع حدّ للفوضى الواقعية والتنظيمات اللادولتيّة وتصفير تحرّكاتها وإحلال الدولة الشرعية مكانها، إضافة إلى التعاون على خطوات تجفيف قنوات التهريب والتجارة غير الشرعية ومكافحة الجريمة المنظّمة. استحوذ لبنان عبر الرياض على الرضى الدوليّ والإقليميّ. أُعطي أمر فكّ العزلة المقرون بالواجبات الدستورية التنفيذية، من بوّابة المملكة العربية السعودية. فتحت باريس باب الدعم والتعاون والقبول الدوليّ، بشرط استكمال تطبيق المعالجات المؤسّساتية جدّياً. ضمِن لبنان في السعودية النجدة الدولية، وسيتعرّف في باريس على أشكال هذا الدعم وكيفيّات إمداده وتأطيره الموجب.

تريد فرنسا ليونة لبنانية في التجاوب مع النصائح الأميركية العملية العسكرية والسياسية. تطلب منه الخروج من خانة الاستعصاء والبطء في “الحركيّات” النافعة. تشجّعه على ولوج قنوات الامتثال الدولية التكتيّة والتحزيميّة. تشدّد على أهمّيتها في توفير المعونات الاستثمارية، وفي الحصول على المساعدات العينيّة والماليّة.

يعتمد انعقاد المؤتمر على توافر أمرين اثنين: تنفيذ الإصلاحات الشاملة المطلوبة في بيروت، وتلبية شروط الاتّفاق الأوّلية، أي نجاح المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. تنتظر فرنسا مع الخماسية وكلّ الدول الصديقة الجهد اللبناني المشجّع والصادق، فهل ينجح لبنان في هذا الامتحان؟

محيي الدين الشحيمي-اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا