الصحافة

محور الممانعة يدعم تشدّد “حماس” ضدّ احتجاج الغزّيّين؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أخذت الاحتجاجات المدنية والشبابية على سلوك “حماس” في غزّة بعداً جديداً في الساعات الماضية بلجوء الحركة إلى قمعها.

بات السؤال: هل ينتج عن الاحتجاجات حلٌّ لمسألة “اليوم التالي” لوقف حرب إسرائيل المجنونة ضدّ القطاع، بعدما فشلت تل أبيب في تركيب البديل؟ إلّا أنّ حكومة إسرائيل لا تريد، مثل “حماس”، أن يفرز الغزّيون شخصيّات تساهم في إدارة القطاع. إذ ليس في حساباتها وقف الحرب. بالمقابل يساور الدوائر الفلسطينية قلقٌ من أن تلجأ “حماس” إلى الخروج من مأزق الاعتراض الشعبي على سياساتها، بصدام أهليّ داخليّ.

اعتبر بنيامين نتنياهو أنّ استئناف الحرب على غزّة في 17 آذار أثبت صحّته، لأنّه أدّى إلى خروج الغزّيّين في تظاهرات ضدّ “حماس”. ورأى أنّ “الضغطين العسكري والسياسي هما اللذان أعادا المخطوفين، وليست الشعارات والادّعاءات الفارغة”. كان بذلك ينتقد تظاهرات الإسرائيليين المطالبة بوقف الحرب وإنجاز صفقة الإفراج عمّن بقي من الرهائن لدى “حماس”.

إسرائيل تقصف المحتجّين ضدّ “حماس”

رأى نتنياهو أنّ على حماس أن تلقي سلاحها وأن يخرج قادتها، وقال قبل يومين: “نحن سنتولّى الأمن في غزة. بموقفه هذا أكّد نتنياهو رفضه الاقتراح المصري (لم تعلن “حماس” قبوله) بأن تتسلّم السلطة الوطنية الفلسطينية الأمن في غزة من خلال رجال تدرّبهم القاهرة وعمّان. شمل ما طرحته القاهرة أن تتولّى إدارةَ القطاع لجنةٌ من 15 شخصيّة من المستقلّين غير المنتمين للفصائل.

لكنّ إسرائيل التي يفترض المراقبون أن تستثمر الاعتراضات على سلوك “حماس” من أجل إضعافها أكثر، كانت في وادٍ آخر. خفّف الجيش الإسرائيلي قصفه بعض مناطق الاعتراض الشعبي، ليوم أو اثنين، إلّا أنّه لم يترك مجالاً بضرباته المتتالية لتبلور الحالة الاحتجاجية سياسياً. بل قصف المناطق التي انطلقت منها التظاهرات الاحتجاجية بقوّة أكبر في الأيّام التالية. هكذا يغذّي التطرّفُ في جهة التطرّفَ في الجهة المقابلة.

وطأة انتكاسة وقف النّار وممارسات الحركة

مع بدء تظاهرات الاحتجاج في 25 آذار بلغ تذمّر الغزّيين من سلوك “حماس” ذروة عالية، من دون أن يلغي نقمتهم على وحشيّة إسرائيل. جاءت وطأة انتكاسة وقف النار عليهم أقوى من الحرب للأسباب الآتية:

– بعدما أتاح وقف النار أثناء عملية تبادل المحتجزين والأسرى آخر شهر شباط وبداية آذار، بعض الانتعاش مع مطلع شهر الصيام، بدخول المساعدات الإنسانية، أدّت عودة نتنياهو إلى إقفال المعابر ووقف تدفّق المساعدات ومعاودة الجيش الإسرائيلي عمليّاته العسكرية البرّية والجوّية إلى أجواء سوداويّة لدى عامّة الغزّيّين.

انتكاسة الهدنة أعادتهم إلى حملة الإبادة التي مارستها حكومة نتنياهو مع حلفائه اليمينيّين فتسبّبت بمقتل زهاء 500 مدني في يوم واحد، وفرضت التهجير من منطقة إلى أخرى مجدّداً. بات مطلب الناس وقف الحرب، المتعلّق بقرار حماس التفاوضيّ، أي المزيد من التنازلات الحمساويّة. برزت على مواقع التواصل حجج من نوع أنّ احتفاظ الحركة بـ59 رهينة بينهم أموات، يقابله مقتل 600 فلسطيني في يومين.

 

– طاردت إسرائيل قادة الحركة لاغتيالهم، فيما كانوا يختبئون بين النازحين وفي المستشفيات فارتفع عدد الضحايا المدنيين بصورة قياسية.

لم تصل كلّ المساعدات التي تلقّاها الغزّيون إلى عامّة الناس، فشحَّ توزيع بعضها عبر وجهاء العشائر. كان بعض عناصر الحركة يصادر جزءاً منها أو تتحكّم به عصابات سرقة.

– كان محدوداً اعتراضُ الفصائل الأخرى، بما فيها حركة “فتح”، على ممارسات “حماس”، وممانعتها تسليم إدارة القطاع للسلطة الفلسطينية. فـ”حماس” هي الأكثر تسليحاً وسيطرة في القطاع. اكتفت الفصائل بنصحها بتجنّب قمع المحتجّين الشباب.

“فتح” والفصائل ابتعدت تجنّباً للصّدام؟

تركت الحركة في اليومين الأوّلين المتظاهرين يعبّرون عن غضبهم، لكنّها ذكّرتهم بأنّ المشكلة في الاحتلال الإسرائيلي. تارة اتّهمت أوساطها “فتح” بالتشجيع على التظاهر، وأخرى موالين لمحمّد دحلان. ثمّ قالت إنّ إسرائيل هي المستفيدة. لاحظ المتّصلون بناشطي غزّة أنّ “فتح” فضّلت الابتعاد لسببين:

–  2007 نقمة الغزّيين على أوضاعهم تشمل السلطة الفلسطينية لأنّها لم تقدّم جديداً ينقذهم، إضافة إلى “حماس” التي تحكم القطاع منذ.

– تركت “فتح” وسائر الفصائل للحراك الشبابي أن يعبّر عن نفسه حتى لا تتسبّب بردّة فعل سلبية من “حماس” تقود إلى صدام أهليّ. فجهاز الأمن الحمساويّ يراقب كوادر “فتح”. نصحت الأخيرة رموزاً من الحراك الشبابي والعشائر الغاضبة بعدم الإمعان في استفزاز “حماس”.

رافعة لدور عربيّ مباشر؟

كان جديد انتفاضة الغزّيين اتّهام عائلة الربعي علناً لعناصر “حماس” بخطف ابنها عديّ وتعذيبه حتى الموت بسبب تجرُّئه على مهاجمتها. أحد وجهاء العائلة وشقيقه فعلا ذلك، إضافة إلى تصريحات مخاتير بعض الأحياء بدعوتها إلى وقف الحرب.

اعتراض العشائر مؤشّرٌ إلى أنّ الاحتجاجات ضدّ “حماس” ليست فصائلية، بل اعتراضٌ شعبي حقيقي. فمسلّحوها يرعبون الناس بإطلاق الرصاص في الهواء، إذا اكتشفوا بداية تجمّع لبضعة أشخاص يمكنهم التظاهر وتكرار هتاف: “منشان ألله… حماس برّا برّا”.

الخيارات الحرجة وتشدّد محور الممانعة

باتت “حماس” أمام خيارات حرجة: إمّا قمع الاحتجاجات، أو تراجعها أمامها والتسليم بهزيمتها أمام الوحشيّة الإسرائيلية، جرّاء حساباتها الخاطئة، وتقديم تنازلات جديدة تنهي الحرب. الاحتمال الثالث أن تفرز الاحتجاجات الشعبية حالة سياسية مدنية، لها رموزها وكوادرها، تؤسّس لدور عربيّ مباشر في إدارة القطاع، تتصدّره مصر. فالاقتراحات المصرية، سواء في شأن الهدنة الجديدة أو مشروع الإعمار من دون تهجير الغزّيين، تحتاج إلى رافعة شعبية داخلية، إضافة إلى الضغط الأميركي على إسرائيل لقبولها.

يقول متابعون للوضع الفلسطيني إنّهم يخشون من أن تساهم إيران، مرجعيّة الممانعة، في تشدّد “حماس” فتستشرس حيال الاحتجاجات الشعبية. فالقاعدة المتّبعة من جانب المحور تقضي أنّه إذا ظهر أحد الأذرع بحالة ضعف كوضع “حماس” راهناً، يُصار إلى تسطير مواقف متشدّدة من طهران و”الحزب” والحوثيين تؤكّد “قوّة محور المقاومة وانتصاراته”. وهذا ما يصدر هذه الأيام عن طهران و”الحزب” والحوثيّ.

وليد شقير -اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا