المجتمع

علي طليس الذي خدعنا لم يدخل "غينيس: تشويه سمعة بريتال وطلاب لبنان

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تمكن التلميذ علي طليس من خداع الرأي العام والصحافة ومحطات تلفزة محلية وعربية، مشيعاً أن موسوعة غينيس ضمته كأصغر مخترع ومهندس، وأستاذ جامعي حائز على شهادات دكتوراه وبراءات اختراع. وراح العديد من أبناء قريته بريتال بإرسال التهاني والتبريكات له، مدفوعين برغبة محو سمعة وصيت بلدتهم الموصومة بأنها معقل تجار المخدرات وسرقة السيارات.

انطلت الخدعة على أبناء ضيعته، وراح العديد منهم يعلقون لافتات موقعة من هذه الشخصية أو تلك، يباركون المخترع الصغير الذي سيمحو العار الذي تلحقه عصابة الشر بقريتهم، وينتشلهم من الوصمة الاجتماعية البغيضة.

أصغر مخترع!
مما لا شك فيه أن طليس، الذي هنأه نائب حزب الله في البقاع ابراهيم الموسوي، على أنه "المبدع الذي حفر اسمه في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، بعد نيله 3 شهادات سُجَّلت ودُوِنت في موسوعة غينيس"، فائق الذكاء. فلو لم يكن ذكياً لما تمكن من خداع من انطلت عليهم ادعاءاته بأنه التلميذ الخارق الذكاء.

رغم تعثره المدرسي في قريته، كتلميذ لا يحضر إلى الثانوية إلا لماماً، وغالباً ليس لحضور الحصص، بل للجلوس في "ديوانية" الأساتذة، ما قام به لا ينمّ عن أنه شخص يشبه أقرانه الطلاب، بل متفوق عليهم. لكنه لا يشبههم بأنهم يجتهدون لتحصيل شهادة الثانوية العامة، ويطمحون لدخول الجامعة، والتحصيل العلمي. فهو اختصر المسافة كلها وانتقل من أنه تلميذ في المرحلة الثانوية ونصّب نفسه جامعياً محاضراً في جامعات العالم. أي لم تعد تقتصر شهرته وكفاءته على أنه "أصغر مهندس في العالم وأصغر مخترع ينال براءة اختراع عن مشروع متكامل نظريًا وعمليًّا، وأصغر دكتور محاضر في الجامعة"، كم كتب له النائب الموسوي مهنئاً.

تلميذ ثانوي
لكن ذكاء طليس في إيجاد حرفة تركيب وتحوير الصور على نظام الفوتوشوب، لم يشوه سمعة بلدته، التي تضم أساتذة ومثقفين وأناس خيّرين وحفنة قليلة من عصابات الشر، كما يقول أحد أساتذة البلدة، بل سمعة طلاب لبنان كلهم. وصحيح أن أبناء بلدته هللوا جميعاً له، وهي من عاداتهم في مثل هذه المناسبات (عندما ينجح تلميذ بعلامات متفوقة يصبح حديث البلدة الراغبة بطرد صيت الشر عنها)، إلا أن أبناء بلدته، قبل غيرهم، سيصابون بخيبة كبيرة، بعد افتضاح أمره. وهذا يدفعهم للتشبث بإنجازات طليس الزائفة حتى لو عاد العالم كله وأكد أن ما أشاعه هذا الفتى المغرور، مجرد حركات صبيانية، لم يجرؤ أي تلميذ من زملائه على القيام بها.

أحد أساتذة قريته شبّه طليس بثانوية بريتال الرسمية، التي درس فيها. فهذه الثانوية، التي جهزت بوسائل العلم الحديث، لتكون من أفضل ثانويات المنطقة، بدعم من كوريا الجنوبية، تحولت إلى مجرد مدرسة منسية لا تجذب حتى أبناء البلدة. فتدخل حزب الله فيها من خلال تعيين مدراء، جعلها من أفشل الثانويات، وفقد الطلاب الثقة بها، وباتت تضم حالياً نحو سبعين طالباً رغم أنها معدة لاستقبال ألف طالب. هلل لها أبناء البلدة عندما مدتها كوريا الجنوبية بأفضل التقنيات، وعادوا وهجروها بسبب مستواها العلمي الضعيف.

توريط المدرسة
ويشرح الأستاذ حال طليس وتعثره المدرسي. فهو من التلامذة المتأخرين في علمهم لكن شخصيته المشاغبة وحب النميمة جعلته محبباً للأساتذة. وقد تورط أحد المدراء في إنجاح طليس ورفعه من صفه رغم رسوبه، وقد شفق عليه بسبب المشاكل العائلية التي يعاني منها. وقد ورط المدير المدرسة كلها وسمعتها، لأن طليس كان في سجلات المدرسة راسباً بعدما حصل على معدل 6 على عشرين، بينما دونه في السجلات التي ترسل إلى الوزارة بعلامات أرفع.
ويقول أحد أبناء البلدة أن تأخر طليس الدراسي مرده إلى أنه لا يحضر إلى المدرسة بانتظام بسبب مشاكله العائلية. لكنه منذ صغره يبدو أكثر ذكاء من أقرانه. ويدافع عنه بالقول: رغم أنه لا يواظب على الحضور إلى المدرسة، كان ناجحاً ويحصل الشهادات، لأنه متفوق أو أكثر ذكاءً من زملائه الطلاب.
عملياً لم يورط طليس بلدته والوسائل الإعلامية التي راحت تستصرحه فحسب، بل الجيل المقبل من الطلاب المتفوقين. فغالباً ما يسمع في لبنان عن طلاب مجتهدين ومتفوقين في دراستهم. طلاب نجحوا في جامعاتهم وحصلوا على مناصب علمية وأكاديمية في لبنان والعالم. لكن مزحة طليس الثقيلة ستترك بصمتها في تشويه سمعة الطلاب اللبنانيين، المتفوقين عن حق وجدارة.

 

البحث في الإنجازات الثلاثة التي أعلن الشاب علي الهادي طليس تحقيقها، تبين أنها مشكوك فيها. لم يرِد اسم الشاب اللبناني ضمن لوائح "غينيس"، ولم يتضح عقد تدريسه في أي جامعة. احتفى الناشطون ووسائل الاعلام بإنجازات خاوية، انقلبت عليه وعليها.

صورة

منذ يوم الثلاثاء، ضجت مواقع التواصل اللبنانية بشاب يدعى علي الهادي طليس، قيل أنه حقق إنجازات كبيرة في الحقل العلمي. الشاب البالغ من العمر 19 عاماً، تحدث في مقاطع فيديو يقول فيها إنه حصل على ثلاث شهادات سُجّلت ودُوِّنت في موسوعة "غينيس" هي: "أصغر مهندس في العالم"، و"أصغر مخترع ينال براءة اختراع عن مشروع متكامل نظرياً وعمليّاً"، و"أصغر دكتور محاضر في الجامعة".
 


بنى اللبنانيون سرديات حول قصة نجاح لا تأخذ حقها في الاعلام، وتمت مقارنة القصة بقصة نجاح فرقة "ميّاس". خطاب المظلومية والاستنسابية، تصدّر مواقع التواصل، فاستقطب وسائل اعلام لبنانية. وبعد وصول قصته الى الأروقة السياسية، تحدث طليس عن زيارة له الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليتبين صباح الخميس أنه ليس في لائحة زوار عين التينة.. تماماً مثلما أنه ليس في لوائح "غينيس".
 


بنت تقارير على مصدر من جهة واحدة، ليتبين بعد ساعات، أن الشاب لم يدخل "غينيس"، وحصل على شهادة من جامعة مشكوك فيها، وأنه يستحيل حصوله على دكتوراه خلال ثلاث سنوات، طالما أنه كان لا يزال على مقاعد الدراسة في العام 2019. 
 


في مواقع التواصل، عشرات الأدلة التي تثبت زيف ادعاءاته. يؤكد ناشطون أن هناك أساسيات للتحقق من الشهادات الجامعية الصحيحة أو الفخرية، وهناك مواقع لبراءات الاختراع وأسماء أصحابها (patent) معروفة لأصغر باحث علمي في أصغر جامعة علمية، كما أن هناك هناك محركات مثل web of science لأهم الأوراق المنشورة وترتيب وأهمية الجامعات بمؤشرات بحثية واضحة. هي مواقع  يصل اليها المتحقق بكبسة زر لمعرفة اسماء الباحثين مثل google scholar وpubmed وغيرها. لكن وسائل الاعلام لم تتحقق منها بأكملها.
 


في جانب آخر، فنّد صانع المحتوى الرقمي، عباس الحاج أحمد، زيف الادعاءات. في منشور طويل ومفصل في فايسبوك، أكد ان طليس حصل على شهادة من جمعيّة كنسيّة مقابل ثمن. وتوصل الى الادعاء من المفردات أولاً المستخدمة في النص، التي تثبت أن الرجل لم يزُر الولايات المتحدة وكلماته لا ترتبط بالمفردات العلمية، كما أضاء على مجموعة أخطاء في النص، تثبت زيف الادعاءات، ومن ضمنها عدم الإعلان عن أي اختصاص في الهندسة، واسم الجامعة التي يحاضر فيها. 
 

 

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا