هل تعوّم انتخابات الجنوب "شرعية" الحزب؟
ليس واضحاً بالنسبة إلى مراقبين كثر إن كانت الانتخابات البلدية المرتقبة الشهر المقبل ستعطي نقطة إضافية للعهد ًممثلا برئيس الجمهورية والحكومة على قاعدة احترامهما استحقاقاً ديموقراطياً من حيث المبدأ تم تأجيله سابقاً وكانت ثمة مطالبات باحترام لبنان ذلك، أم يمكن أن تشكل هذه الانتخابات "وجعاً للرأس" لهما. فمع الإقرار بأن الحاجة ماسّة لإجراء انتخابات بلدية في ظل فقدان البلديات أعضاءها ومرتكزاتها، فإن الأسئلة التي تبرز تتصل أولاً بهل هناك انتخابات بلدية فعلاً أو شكلاً بحيث تكون هذه الأخيرة في مناطق عدة أقرب إلى التعيين منها إلى الانتخاب لا سيما في الجنوب تحت مبرّر استمرار التحدي الإسرائيلي.
حفّزت على هذا التساؤل الدعوة التي وجّهها المفتي الجعفري أحمد قبلان في خطبة عيد الفطر ودعوته أبناء الطائفة الشيعية إلى الاقتراع للثنائي الشيعي في الانتخابات النيابية المقررة بعد سنة بوصفه "واجباً شرعياً" كما قال في الاستحقاق الذي وصفه بـالمصيري بحيث "لا يجوز إضعاف هذا الخيار أو توهينه".
هذه الدعوة الاستباقية هي مقدمة للانتخابات البلدية لا سيما أن ثمة أسباباً أساسية تتصل باستمرار احتلال إسرائيل خمس نقاط في الجنوب واستمرار قرى مدمّرة بفعل الحرب بينها وبين "حزب الله" فيما التعاون بين الرئيس نبيه بري والشيخ نعيم قاسم في التوافق والتنسيق على اختيار المخاتير والبلديات سابق للانتخابات المقبلة. ولكن الأمر يتصل راهناً وأكثر من أي وقت بمنع اختراق الحزب وقدرته على التحكم بالقرى الحدودية ما يثير أسئلة أكثر حراجة للدولة اللبنانية على الأرجح إزاء الخارج من حيث إتاحة إعطاء الانتخابات التي ستجرى على الخلفية الراهنة شرعية شعبية متجددة للحزب يجهد بقوة للحصول عليها من أجل تأكيد صوابية خياراته وعدم تحدّيها على رغم ما أصاب الجنوبيين نتيجة حرب "الإسناد" التي خاضها الحزب دعماً لغزة. ويعتقد مراقبون أن إمساك الحزب مجدداً بالواقع البلدي من دون أن يسمح لأي معارضة بالظهور من شأنه أن يشكل نموذجاً ويوفر له قدرة كبيرة على التحكم بالانتخابات النيابية المقبلة باعتبارها استفتاءً متجدداً له كما هي الانتخابات البلدية وتسمح له بالمحافظة على كتلة متراصة من الصوت الشيعي تسمح له بحق الفيتو الطائفي أو المذهبي تحديداً. ولا يمكن للدولة القيام بالكثير على هذا الصعيد ولا سيما مع حكومة غير سياسية لا يمكن أن يهدد أعضاؤها القوى السياسية التي تتنافس بقوة لحجز أوراق تؤهلها لفوز ساحق أو كبير في الانتخابات النيابية المقبلة.
هل يمكن أن تقلق مساعي الحزب تجديد شرعيته الشعبية عبر انتخابات بلدية مفترضة الخارج وتحديداً الولايات المتحدة أم لا؟
يرى البعض أن القول بإحراج للعهد عبر إعادة الحزب فرض شرعيته على الجنوب قد لا يشكل هاجساً بالمقدار الذي يثيره البعض لجهة احتمال عدم ارتياح الخارج لهذا الأمر واحتمال تأثيره في جهود الإعمار في القرى الجنوبية في المرحلة المقبلة على نحو يترك للحزب هامشاً كبيراً للتحكم بالواقع على الأرض وتالياً بالواقع السياسي في البلد، فيما يناقض بعض آخر هذا الاعتقاد من باب أن تأخير هذا الاستحقاق لن يخفف من جهود الحزب ومساعيه للمحافظة على قوته السياسية مع هامش استفادته من المراعاة الكبيرة إزاء التعاطي معه بعد الخسائر الجسيمة التي مُني بها. ويعتقد هؤلاء أن الأهم بالنسبة إلى الخارج هو نزع سلاح الحزب في المرحلة المقبلة، وقد يساعد كثيراً ما يحصل في العراق واليمن وما تواجهه إيران تبعاً لذلك، فيما الحزب يخشى تراجع تأثيره من دون السلاح إذا حُرم منه تماماً مثلما يخشى تأثيره نتيجة افتقاده القدرات لتعويض مناصريه بما تسبّبت به الحرب بينه وبين إسرائيل. وهذا يمكن أن يحصل تدريجاً وعلى مراحل علماً بأن لا اعتراض مبدئياً من جهات عدة في الخارج على تحول الحزب الى السياسة كلياً وتخليه عن طابعه العسكري. وتالياً فإن السؤال الأساسي يبقى هل يمكن أن تستغل إسرائيل في هذه المرحلة النتائج المعروفة سلفاً للانتخابات البلدية من أجل التذرّع بمساعي الحزب إلى إعادة تقوية نفسه للاستمرار في مقاربتها الرافضة للانسحاب من النقاط التي تحتلها في الجنوب وكل الممارسات والاعتداءات التي تقوم بها راهناً؟
النهار - روزانا بومنصف
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|