بصمات بري في انتخابات بلدية صور..

تعد الانتخابات البلدية في مدينة صور اختبارًا نجح فيه رئيس حركة أمل، نبيه بري، على مدى عقود، للحفاظ أولاً على التنوع وتمثيل الأقليات، وثانيًا لحجز مقعد لحركة أمل في المدينة، التي تُعدّ حصة الحركة نظرًا للمشاريع التي كان لبري الفضل في إقامتها، وتعزيز دور المدينة لتحتل مرتبة سياحية عالمية وتصبح مقصدًا للسياح من الداخل والخارج. تعتبر مدينة صور من أهم المدن الساحلية في العالم، وقد ضمتها منظمة اليونسكو إلى لائحة التراث العالمي في سنة 1979.

كما أن صور تمتاز عن غيرها من المدن اللبنانية بنسيجها الاجتماعي المتعدد من كل الأطياف: شيعة، سنة، مسيحيون، دروز... وطوال فترة الحرب الأهلية، كان الأهالي ولا يزالون يعيشون خارج هذه الصراعات.

ولعل تسمية صور بمدينة الإمام موسى الصدر تعكس مدى تجذر حركة أمل فيها. لكن التزكية هي الهدف المنشود للرئيس نبيه بري، فيما حزب الله "ضيف شرف" أدخله التوافق إلى البلدية بعد خسرانه أمام حليفته في انتخابات 2004. كان الرئيس نبيه بري في كل انتخابات بلدية يوعز إلى الماكينات الخضراء بتركيز الجهود على إنتاج بلديات بالتزكية. ففي انتخابات 2010، نجحت المساعي في إنجاح 19 بلدية بالتزكية في قضاء صور من أصل 60 بلدية.

إلا أن انتخابات هذه الدورة تكتسي أهمية مختلفة تتمثل في إجراء استفتاء على حجم التمثيل بعد الحرب التي ضربت المدينة واعتُبرت رسالة للرئيس بري، المفاوض الشيعي في حرب سبتمبر 2024. لذلك، فإن "وحدة الصف" لا تزال تمثل هاجسًا لدى بري، دون استبعاد أي مكون من التمثيل في مرحلة حساسة يمر بها الجنوب على وجه الخصوص.

تتألف البلدية من عشرين عضوًا: خمسة أعضاء من حصة الحزب و15 يمثلون "أمل"، بينهم الرئيس ونائبه، وعضو يمثل الحزب السوري القومي الاجتماعي. هكذا كان الوضع في السابق، فيما كانت عائلة "الخليل" وغيرها من العائلات الكبرى تحاول الاختراق، لكن ذلك يتطلب التحالف مع حزب الله وهذا غير وارد. حتى المستقلون فشلوا في الدورات السابقة في إحداث أي خرق لتحالف حزب الله - حركة أمل.

اليوم بدأت مدينة صور تتحضر للانتخابات البلدية، ويعتبر رئيس بلديتها حسن دبوق في حديثٍ لموقع الكلمة أونلاين أنه رغم أن القرار الأهم والمباشر في هذه المدينة يعود لرئيس مجلس النواب نبيه بري، فإنه يحرص في الوقت عينه على تكريس مبدأ العيش المشترك الذي أرساه إمام المدينة موسى الصدر وأكمله بري في كل الاستحقاقات الهامة. حيث تم تشكيل اللجنة الانتخابية، ولا توجد لوائح حتى الآن. واعتبر دبوق أن هناك عملًا على شقين: الأول هو التواصل مع الناس، والآخر لوجستي يتعلق بأقلام الاقتراع. بالنسبة للوائح، فإنها ستقوم على التوافق بين حركة أمل وحزب الله، وسيتم تنفيذ الاتفاق بحذافيره. وفيما يتعلق بمكونات المجتمع، اعتبر رئيس البلدية أنه سيتم تمثيل السنة والمسيحيين في اللائحة ويجري الآن التشاور في تشكيل اللوائح. هناك مناقشات وأفكار كثيرة، لكنها جميعًا تصب في المسار الصحيح. وعن أسماء المرشحين، اعتبر دبوق أن القرار يعود لحركة أمل في تسمية المرشح لرئاسة البلدية، لذلك فإن مدينة صور هي أقل مدينة تشهد ترشيحات، والتوافق هو سيد الموقف، توافق حزبي وتوافق أهلي.

ايمان شويخ-الكلمة أونلاين