الكرة في الملعب النيابي... هل يقرّ قانون رفع السرية المصرفية تمهيداً لنهضة مالية؟
سلامة... ثقافة "تمييع" السيادة و"نحر" حكومة سلام
«لكلّ عُرس قرص». ينطبق هذا المثل الشعبي الشهير على الحكومة اللبنانية، المُلقاة على عاتقها مهمّة إنقاذ لبنان من دون «لفّ ولا دوران». ويبدو أن داء «الثنائي» تمدّد نحو ثنائي جديد/ قديم بات يُعرف بـ«طارق متري وغسّان سلامة»، حيث يملك هذا التوأم، ما يكفي من المعارف والثقافة والعلاقات الدولية والألقاب الأممية الطنّانة، لكنه يفتقر في المقابل، إلى ما تحتاجه الأوطان من خصالٍ وفضائل في لحظاتها المصيرية، لا يمكن الاستعاضة عنها أو التلاعب بمعانيها، ألا وهي: الشجاعة.
وإذا ما قرأنا تجارب السياسيين الكبار الذين نهضوا بمجتمعاتهم بعد الحرب العالمية الثانية لا سيّما في أوروبا، نجد أنّ الصفة المشتركة بين أولئك، مثل روبير شومان (فرنسا) وكونراد أديناور (ألمانيا) كانت الجرأة. نعم، لأنّ السياسة قبل أي شيء، هي فنّ الشجاعة وعالم الشجعان.
هذا النقص، لطالما عرّى السلطة في لبنان وشلّ قدراتها الإجرائية والتنفيذيّة، مرّة تحت مسمّى الظروف الإقليمية والدولية، ومرّات نتيجة ضعف المسؤولين الذين أتقنوا لعبة تدوير الزوايا حتى «داخ» البلد وأُغميَ عليه سيادياً وسياسيّاً واقتصادياً.
ويبدو أن متري وسلامة يتناوبان عبر مواقفهما الإعلامية في تسخيف القرارات السياسية الجريئة المطلوب تنفيذها حكوميّاً، لا سيما المتعلّقة بمسألة نزع سلاح «حزب الله»، والمُطالَب بها دوليّاً وعربيّاً من جهة، والأهم، من قبل اللبنانيين الذين لا يملكون ترف الوقت ولا تحمّل السياسات الرمادية والالتوائية التي يغذّيها «الثنائي الحكومي الجديد» من جهة أخرى.
كما أنّ «العقلانية» أو الواقعية الزائدة التي يقيس بها وزير الثقافة غسان سلامة رؤيته، «ميّعت» موضوع نزع سلاح «الحزب»، إذ قال في مقابلته التلفزيونية الأخيرة إنه «علينا إعادة النظر بالمفاهيم، حيث أن المطروح ليس سحب السلاح غير الشرعي، بل بسط الدولة سيادتها، ويتضمّن قسماً عسكرياً يتعلّق بحصر السلاح بيدها، وآخر مدنياً يتعلّق بإعادة فتح المخافر والأفران والمدارس وإعادة الإعمار». هذا «التعريب»، يتناقض مع مفهوم بسط سيادة الدولة، الذي يعني أولاً وثانياً وأخيراً، من دون «لَوْفَكات» نظرية ولا هرطقات اصطلاحية: سحب كل سلاح غير شرعي من دون أي «أرانب» وخزعبلات سياسية. وبعد تنفيذ هذا الشرط الوجودي والأساسي، يُمكن عندها الحديث عن إعادة الإعمار وفتح المدارس والمخافر والمصانع وتحقيق المشاريع الإنمائية. وقد غاب عن سلامة، أنّ الجنوب وقبل أن تُدمّره حرب الإسناد التي فتحها «حزب الله»، كان من أكثر المناطق اللبنانية إنماءً ونهضةً، حيث شهد يقظة اقتصادية وعمرانية وتجارية ومالية ضخمة. هذا يؤشّر إلى أنّ الشقّ «المدني» من المفهوم «السلامي» لسيادة الدولة، لم ينجح في معالجة الشق العسكري منه، حيث لم يُفكّك «الحزب» منظومته العسكرية، ولم يقطع ارتباطه بالمشروع الإيراني. فمشكلة السيادة تكمن في السلاح، ثمّ السلاح.
ومن النقاط التي تطرّق إليها سلامة في مقابلته الأخيرة، قوله إن «من يتكلّم عن فرصة أخيرة في السياسة، لا يفقه السياسة». هذا صحيح، فالحياة هي أمواج فرصٍ تتمدّد وتنحسر، غير أن المستنقع اللبناني المأزوم، ليس بمقدوره تفويت هذه الفرصة الذهبية والتاريخية، أو تنفيسها في ميدان سياسة التكاسل والفتور والرمادية. كما أن هذه الفرصة التاريخية والنادرة، التي لم يُشارك سلامة في خلقها أو صناعتها، وبفضلها أصبح وزيراً لا يحقّ له إجهاضها، أو الجلوس عند ضفة النهر بانتظار فرصة أخرى، فالوقت يداهم وعقاربه مضبوطة على توقيت دولي وعربي صارم. ثمّ إن التنظير، لن يؤثّر في تغيير مواقف الولايات المتحدة ولا الدول الأوروبية والعربية، ومن حسن الحظّ، أن سلامة لم يُعيّن (كما تمنّى البعض) وزيراً للخارجية، لأنّ الشجاعة السياسية هي أكثر ما يحتاجها لبنان.
ختاماً، معلومة لافتة لا بد من الإشارة إليها وهي أنه في 4 كانون الثاني 2023 جاء في موقع triloguenews أنه تم تعيين السيد غسان سلامة، وزير الثقافة اللبناني السابق حينها، عضواً في مجلس إدارة منظمة سوروس من أجل الديمقراطية، التي تمول حركات سياسية مختلفة حول العالم.
طوني عطية-نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|