هل سحبت إيران ورقة الأذرع من ملفاتها بعدما فقدت تنظيماتها معظم قوتها السياسية والعسكرية؟
الى أي مدى يمكن للميليشيات والأذرع التابعة لإيران في الشرق الأوسط أن تكون موضوعة على طاولة المفاوضات بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة، وطهران من جهة أخرى، حتى الساعة؟
ضربات كبرى
وهل من جدوى لدى إيران بضمّ تلك التنظيمات الى مفاوضاتها مع واشنطن الآن، أي بعدما فقدت (تلك التنظيمات) كل وهجها التأثيري تقريباً، و(بعدما) انخفضت أسعار معظم ما كانت تؤمّنه للإيرانيين، قبل سنوات وعقود؟
فأن تتفاوض إيران مع واشنطن على أذرع بكامل قوتها العسكرية والسياسية، لا يشبه التفاوض بعد تلقّي تلك القوى ضربات كبرى، وهو ما تدركه طهران جيّداً. وبالتالي، هل ان تلك التنظيمات لا تزال مادة للمساومات بالفعل، أم ان ما نسمعه من احتمالات بشأنها هو مجرّد دعاية هدفها رفض الاعتراف بالواقع؟ وما هي النقاط الخلفية الباقية لدى إيران، غير الوكلاء والميليشيات والأذرع، لتتفاوض من موقع قوة بواسطتها، مع الأميركيين؟
مباحثات مباشرة
في أي حال، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه سيكون هناك مباحثات مباشرة مع إيران، متحدثاً عن اجتماع على مستوى عالٍ جداً سيُعقد يوم السبت القادم، لافتاً الى أنه إذا لم تنجح المحادثات معها "فأعتقد أنها ستكون في خطر كبير".
وأمام هذا الواقع، وبما أن لا القوة النووية العسكرية الإيرانية مقبولة، ولا سياسة الأذرع أيضاً، ماذا يبقى لطهران من قوة تمكّنها من لعب أدوار إقليمية، وربما دولية، في المستقبل؟
مشروع... انهار...
أكد الكاتب والمحلّل السياسي مروان الأمين أنه "ممّا لا شك فيه هو أن إيران بوضع لا تُحسَد عليه الآن، لا سيما بعدما أُصيبت كل منظوماتها التي هي خارج حدودها بضربة قاسية، إذ رأينا كيف أن حركة "حماس" انتهت تقريباً، وأُصيب "حزب الله" بزلزال كبير على المستويَيْن العسكري والأمني، وكيف أن أذرعها في العراق اختفت عن الساحة تقريباً، منذ أن كانت المعركة لا تزال مُحتدِمَة".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "جماعة "الحوثي" قد تكون آخر ورقة يستخدمها الإيراني الآن، وهي تتعرض لضربات كبيرة، خفّضت تأثيرها ومنسوب قدرتها على إطلاق الصواريخ بشكل كبير. هذا الى جانب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، الذي أثّر كثيراً على قطع شريان الحياة عن "حزب الله" في لبنان. وبالتالي، كل مشروع إيران في المنطقة قد انهار تقريباً".
انهيار النظام؟
ولفت الأمين الى أن "إيران أصبحت حالياً بين خيارَيْن. فإما تستسلم لكل الشروط الموضوعة من قِبَل الولايات المتحدة الأميركية، أو ستتعرض لضربة عسكرية. والاحتمال الثاني قد تكون له تبعات كبيرة على النظام الإيراني، خصوصاً أن وضعها الداخلي غير مُستتبّ. ولذلك، نجد محاولات إيرانية كثيرة حالياً لإبعاد احتمال الضربة، من بينها موافقة طهران على الانتقال من المفاوضات غير المباشرة الى المباشرة، والتي ستُعقَد يوم السبت القادم بين الموفد الأميركي للشرق الأوسط ووزير الخارجية الإيراني في عمان".
وأضاف:"الخيار المطروح على طهران الآن هو التخلّي عن مشروعها النووي العسكري، بالإضافة الى مناقشة موضوع الصواريخ الباليستية، وما يتبقّى لها من أذرع في المنطقة، إذ طُلَب منها ترويضها، والتوقف عن القيام بأعمال فوضوية في الدول حيث هي (الأذرع) موجودة. وبالتالي، هامش المناورة انخفض، وستحاول إيران على الأرجح أن تقدم تنازلات من أجل تجنُّب ضربة عسكرية. ولكن يبقى السؤال الكبير المطروح هنا، هو أنه إذا قدّمت (إيران) هذه التنازلات، ولملمت كل أذرعها في المنطقة وتراجعت الى داخل حدودها، وباتت دولة طبيعية كسائر دول المنطقة، هل سينهار النظام الإيراني من الداخل في تلك الحالة؟ أم سيصمد؟ والجواب هنا متروك لما يمكنه أن يحصل في المستقبل".
تصدير الثورة
وشدّد الأمين على أن "احتمال مراهنة إيران على مرور أربع سنوات وانتهاء ولاية ترامب، أو على أن نشهد أحداثاً عالمية كبيرة قد تغيّر في أولويات الإدارة الأميركية وسياسات "البيت الأبيض"، قد لا يكون ناجحاً أبداً هذه المرة، إذ إن استمرارها على ما كانت عليه لم يَعُد مسموحاً منذ 7 أكتوبر 2023".
ورداً على سؤال حول أنه كان يمكن لإيران أن تُصبح أقوى، مع تجنيب لبنان والمنطقة كل هذه الدماء والدمار، لو فاوضت على ميليشياتها وأذرعها في مرحلة ما قبل 7 أكتوبر 2023، أجاب الأمين:"هذا مرتبط بعقيدة وأهداف الدول في شكل أساسي".
وختم:"النظام الإيراني قائم على عقيدة تصدير الثورة، وتمديد نفوذه، ونشر فكر الولي الفقيه في المنطقة، وربما في العالم عموماً. وإذا تخلّى عن هذه المهمة، سيفقد هذا النظام غاية وجوده. فهو يتمتّع بإيديولوجيا قائمة على الثورة والعنف وتوسيع النفوذ، وهذا يتناقض مع مشروع الدول الحديثة والاقتصاد المتطور. وبالتالي، هو عاجز عن التحوّل وعن جعل إيران مثل دبي أو المملكة العربية السعودية مثلاً، حيث الانفتاح والحداثة والتطور والازدهار الاقتصادي والتنمية الاجتماعية".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|