قراءة أولية في "لقاء مسقط" بين واشنطن وطهران: توقيته وشكله والمضمون
على وقع الأوصاف الايجابية الموحدة تقريبا التي أطلقها الأطراف الثلاثة المعنيون بمفاوضات مسقط بين الولايات المتحدة الاميركية ممثلة بالمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف والجمهورية الاسلامية الايرانية ممثلة بوزير الخارجية عباس عراقجي بوساطة سلطنة عمان الدولة المضيفة يقودها وزير الخارجية بدر البوسعيدي، انطلقت موجة من التصريحات التي رحبت بما انتهت إليه الجولة الاولى من المفاوضات وبدأ السعي الى فهم التفاصيل التي سبقتها ورافقتها بانتظار ما يمكن ان تؤدي اليه الاتصالات والمشاورات التي سيجريها الجانبان مع إدارتهما لتقييم النتائج واختيار ابطال الجلسة الثانية من المفاوضات التي تقرر عقدها يوم السبت المقبل.
وكشفت مصادر ديبلوماسية على صلة بالادارة الاميركية لـ "المركزية" عن الانطباعات الاولى للجلسة، فاعتبرت ان ما حصل شكل ترضية للطرفين في الكثير مما شهدته الجلسة وما انتهت إليه في ضوء سلسلة من الملاحظات التي وضعها الجانب القطري في محاولة منه لوضع جدول بالنقاط المشتركة التي يمكن تنميتها وتعزيزها لتقريب وجهات النظر وآخر بالنقاط المتباعدة التي تحتاج الى المزيد من المفاوضات وتفكيك بعض العقد. ولفتت هذه المصادر الى أنه يمكن التوقف أمام بعض الملاحظات في الشكل والمضمون ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
في الشكل حقق الجانب الايراني ما اراده علناً من هذه الجلسة ، عندما استهلت المفاوضات بطريقة غير مباشرة بعدما لعب الجانب القطري دور الوسيط بين غرفتين تمركز فيهما الوفدان على مسافة امتار قليلة، فصلت بينهما غرفة الفريق المضيف حيث جرى تبادل الأوراق وانتهى بلقاء مباشر امتد لبعض الوقت كما كان يريدها الجانب الاميركي. وهو لقاء كان كافيا لتبادل أطراف الحديث حول ما سماه الوفد القطري تقويما سريعا لحصيلة اللقاء بينهما كما شكل مناسبة عبر فيها الطرفان عن ضرورة مواصلة هذه المفاوضات، على ان تكون الجلسة المقبلة بداية تعاون على مستوى الخبراء، إن لم يلتقيا مرة جديدة في وقت قريب.
اما في المضمون فقد اشارت الورقة العمانية التي تم ضمها الى محضر اللقاء، الى ان الاقتراحات المتبادلة قدمت صورة عن مجموعة من العناوين التي يمكن ان يلتقي حولها الطرفان وقد تم التوافق عليها. ولذلك قيل إن الحديث المقبل سيتناول كيفية التفاهم على الآلية التي تترجمها لتتحول الى تفاهمات يمكن تطبيقها. وهي عملية ستقود حتما الى رفعها الى الفريق الذي سيواصل هذه المفاوضات في الجلسة المقبلة والتي من المتوقع ان تكون على مستوى التقنيين والخبراء وخصوصا في المجالات النووية والقانونية والمالية وأن من بين المفاوضين الجدد ممن شاركوا في وفدي الطرفين في الجلسة الاولى.
وفي المعلومات القليلة التي تسربت من الدوائر الاميركية في الساعات التي تلت نهاية الجلسة ان موفدين اميركيين من فريق المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف سينتقلون مطلع الاسبوع المقبل الى موسكو لوضع المسؤولين الروس في اجواء ما تم التوصل اليه وهم من الذين التقاهم ويتكوف فيها قبل التوجه الى مفاوضات سلطنة عمان. خطوة وصفت بأنها كانت مطلوبة تكريسا لما تم التفاهم بشأنه في اللقاء الذي جمع ويتكوف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكبار معاونيه، ما اعتبر مؤشرا الى وجود دور روسي يمكن ان تلعبه موسكو في المراحل المقبلة وخصوصا ان أدت المفاوضات الى نقل ما انتجته ايران من المواد النووية المشعة الى مخازن مخصصة لها في روسيا التي تعهدت في وقت سابق بأن تلعب مثل هذا الدور من المفاوضات ان تم التوصل الى اي اتفاق مع واشنطن إبان مفاوضات السنوات الماضية وتحديدا في عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن.
والى هذه الملاحظات، فهم ان المفاوضات انتهت الى ارتياح جميع الأطراف قياسا على ما تم التفاهم بشأنه من نقاط هامة، ذلك ان البحث لم يستثنِ أي من الملفات التي طرحها الطرفان. ففي مقابل الإعلان الايراني بانه لا يريد ان تتناول المفاوضات اي نقطة خارج ما يتصل بملفها النووي وما يمكن ان تقدمه الولايات المتحدة في المرحلة الأولى بشأن تخفيف او الغاء بعض العقوبات عليها. فان الولايات المتحدة انتزعت اعترافا إيرانيا بإمكان وضع ملفات اخرى على طاولة المفاوضات تتعلق بما تسميه أذرعها في المنطقة ولا سيما في الدول الخليجية كما في اليمن والبحرين والشرق السعودي وصولا الى لبنان وغزة والعراق مقابل استعدادها لبحث الملف المالي وبما يتصل بالحسابات الايرانية المجمدة في عدد من العواصم الموزعة بين قطر ودول آسيوية اخرى من بينها كوريا الجنوبية.
وفي انتظار المزيد من المعلومات، كشفت مراجع ديبلوماسية رفيعة المستوى أن من المبكر الحديث عن تجميد الخيارات العسكرية والاقتصادية الاميركية تجاه إيران ومعها التهديدات الاسرائيلية، ذلك ان ما هو مطلوب في الفترة المقبلة يتركز على نيل المزيد من الضمانات الإيرانية بشأن فصل لعلاقاتها باذرعها في خارج أراضيها ولا سيما في الدول التي تورطت فيها بشكل علني. وان استعجال إيران في الرد على هذه الاقتراحات في الجلسة المقبلة كحد اقصى قد يؤدي الى خطوات اميركية ايجابية تتصل بتسهيل حصول ايران على بعض المعدات التي تحتاجها لتحديث أسطولها الجوي المدني وفي قطاعات انسانية وطبية حيوية وفي ملف زيادة الأذونات لتصدير النفط والكهرباء باتجاه الصين دول الجوار الايراني.
طوني جبران-المركزية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|