الصحافة

السعودية للبنان: الحوار بشأن السلاح "مضيعة للوقت"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تشكل زيارة رئيس الحكومة نواف سلام إلى سوريا على رأس وفد وزاري وأمني محطة جدّية لإعادة مأسسة العلاقات الثنائية بين دمشق وبيروت على قاعدة من التوازن القائم على الاحترام المتبادل والتنسيق والانفتاح واستثمار الفرص التي أنتجتها التحولات، بما يفتح المجال أمام دفن إرث طويل من الأحقاد ويمنح نوعاً من العدالة المتأخّرة لكل قادة الفكر والرأي الذين سقطوا على درب هذا التوازن المفقود بعد أن طالهم سيف الاغتيال الأسدي – البعثي.

كثيرة هي التحديات التي تواجه الحكم الجديد في كلا البلدين، لكن الإرادة الصلبة قادرة على تفكيكها واحدة تلو الأخرى، ومعالجتها بسياسات متوازنة تجمع ما بين المرونة والاحتواء، المبادرة والإقدام، لترويض القوى المتمرّدة على الواقع الناشئ، والقوى التي لا تزال أسيرة آليات تفكير تنتمي إلى الماضي وعاجزة عن استيعاب المتغيّرات. وهذه بالذّات هي التي يتوكّأ عليها «حزب الله» و»رهطه» الممتد حتى طهران في عرقلة عملية تحرير «عقل» الدولة من هيمنة خطابه، وهي خطوة مفصلية ضمن سياق نزع السلاح.

أولى عمليات التفكيك تبدأ من الزيارة نفسها التي أتت غداة جرعة دعم سعودية استثنائية حصل عليها الرئيس نواف سلام، غداة تأديته صلاة عيد الفطر إلى جانب ولي عهد المملكة ورئيس وزرائها الأمير محمد بن سلمان، والاجتماع معه، مكّنته من تسجيل هدف «مزدوج» في مرمى «حزب الله».

ذلك أن فعل الزيارة بحدّ ذاته يطيح بالرواية التي نسجها «الحزب» لتبرير الهزيمة النكراء التي تعرّض لها في عملية اختيار رئيس الحكومة، وتصوير أن الزيارة التي أجراها مرشّحه الرئيس نجيب ميقاتي إلى دمشق قبل يوم واحد فقط من استشارات التكليف خرقت «الفيتو» السعودي المفروض على سوريا الجديدة ودفعتها للإطاحة به في «اليوم التالي». وفي الوقت نفسه يحطّم جدار الخوف الافتراضي الذي بناه «الحزب» عبر هذه الرواية من أجل الحفاظ على هيمنة خطابه، وحال دون إقدام النخب السياسية على زيارة دمشق، وخصوصاً السنة، ما خلا الزعيم الدرزي وليد جنبلاط المعروف بشجاعته وحنكته.

قبل أن يشدّ الرئيس سلام الرحال نحو دمشق بسويعات، وصل الموفد السعودي، الأمير يزيد بن فرحان، إلى بيروت، لإبلاغ رئيسي الجمهورية والحكومة رسالة تستبطن تشجيع الدولة اللبنانية على تطوير العلاقات ومستوى التنسيق مع سوريا، في موازاة حثّها على ضرورة التحرّر من «رُهاب» خطاب «حزب الله» والمضيّ قُدُماً في اتّخاذ خطوات حاسمة لنزع سلاحه، وطيّ صفحة الحوار والاستراتيجية الدفاعية وما شابه من طروحات تجاوزتها الأحداث.

هذه الزيارة غير المعلن عنها للأمير يزيد كانت مسبوقة بمؤشرّات سعودية تشي بمضامين الرسالة التي حملها، يمكن رصدها في مقال الكاتب السياسي السعودي طارق الحميّد بصحيفة «الشرق الأوسط»، المعروف بقربه من دوائر الحكم في المملكة، والذي اعتبر فيه أن قول الحكومة اللبنانية بأن نزع السلاح يتطلّب حواراً داخلياً هو «مضيعة للوقت» لأن مفهوم الحوار في لبنان هو «هروب من الحلول»، مُطالباً بـ «عدم إضاعة الوقت بإقناع طرف لم يستوعب المتغيّرات».

الحميّد دعا العهد والحكومة إلى الاقتداء بسوريا الجديدة، والتي رغم حداثة عهدها ومعاناتها من استمرار العقوبات المفروضة على النظام السابق، وجهود التخريب الخارجية والداخلية، إلا أنها استطاعت إنجاز خطوات سياسية حاسمة، ومواصلة الانفتاح على العالمين العربي والغربي وفق نهج تراكمي واضح.

هي رسالة بأنه ثمة «شيك» دعم عربي وغربي ممنوح للعهد والحكومة لكنه بأجل زمني محدود، فلا يمكن صرف أرصدة منه قبل الشروع بإصلاحات كبرى وجدّية يتصدّرها نزع السلاح غير الشرعي خلال مهلة قصيرة.

وبذا دخل الرئيس سلام «قصر الشعب» محطماً جدار الخوف المصطنع ومتحرّراً من الجدليات اللبنانوية، فأجرى مباحثات معمّقة مع الرئيس أحمد الشرع، القادم من زيارة أجراها إلى الإمارات دحضت الأحابيل التي حيكت حول موقفها منه، تناولت قضايا عديدة، أهمها مسألة «حزب الله» الذي كان النقاش إزاءه يدور حول قوّة احتلال وتخريب تُشكّل تهديداً خطيراً للأمن القومي السوري وفق العقيدة الجديدة، والتي من المفترض أن تنسحب على عقيدة الأمن الوطني اللبناني وفلسفة الدولة بعد تحديثهما.

سامر زريق-نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا