85 مليار دولار حجم الودائع "من دون الفريش" 14 ملياراً منها أقل من 100 ألف
إذا كان لا يزال مبكرا رسم مشهد التحول في سياسات مصرف لبنان وتوجهاته بعد تعيين الحاكم الجديد كريم سعيد، فإن كرة النار التي ألقتها الحكومة بين يديه، لن يكون إمكان تبريدها سهلا وميسرا بالمطلق.
يرث سعيد فجوة مالية في حسابات المركزي تقدر بـ 72 مليار دولار، بعدما انخفضت من نحو 112 مليارا، شكلت مجموع الودائع عند بداية الانهيار وفقدان السيولة في المصارف.
وأتى هذا الانخفاض نتيجة التسييل الطوعي الذي قام به بعض المودعين، وإقدامهم على سحب ودائعهم بالليرة، متحملين الـ"هيركات" الإرادي الذي أتاحته تعاميم مصرف لبنان المتتالية.
وقد ساعد أيضا التعميمان 158 و166 اللذان أﺗﺎﺣﺎ ﻟﻠﻣودﻋﯾن اﺧﺗﯾﺎرﯾﺎ الإﻔﺎدة ﻣن ﺣﺳﺎﺑﺎﺗﮭم ﺑﻘﯾﻣﺗﮭﺎ اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ، في استعادة 464.100 مودع حتى اليوم ما يقارب 3.635 مليار دولار من أصول ودائعهم، بينهم 163.097 مودعا صغيرا سُددت ودائعهم بالكامل، وأقفلت حساباتهم. علما أن المعدل الوسطي لعائد المودع الواحد بموجب التعميم 158 خلال الأعوام الأربعة الأخيرة، بلغ نحو 30 ألف دولار، وفق ما صرح النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري، وغالبية هؤلاء من الطبقة المتوسطة وأصحاب الحسابات الصغيرة.
أقدم مصرف لبنان على ما يمكنه فعله، وما سمحت له موجوداته من العملات الصعبة بأن يدفعه، في غياب كلي للدولة، وإبان شغور في رئاستيها الأولى والثالثة، واستطاع منفردا تحقيق خرق ولو جزئيا في جدار الانهيار، متيحا لنحو نصف مليون مودع "أخذ نفس" شهري.
وفيما مشاريع القوانين الثلاثة، تعديل قانون السرية المصرفية وقانون إصلاح المصارف وقانون منتظر لمعالجة الفجوة المالية الذي يسمح بإعادة التوازن للانتظام المالي، في طريقها إلى المجلس النيابي، يتحرك لبنان في اتجاه صندوق النقد والمؤسسات الدولية، في سعي لمواكبة الإصلاحات التي يتم إعدادها، بخطوات تعيد الثقة إلى القطاع المالي والمصرفي من جهة، وإلى تأمين ما يمكن من تمويل من جهة أخرى، لإعادة الحياة إلى القطاع المصرفي والشروع في بناء الخطة "الرسمية" لإعادة الودائع.
تقدّر مصادر مصرفية متابعة مجموع الودائع (من دون الفريش دولار التي تقدر بنحو 4 مليارات دولار)، بنحو 85 مليار دولار، وبينها ودائع أقل من مئة ألف دولار هي دون الـ14 مليار دولار تقريبا. أما الودائع ما بين مئة ألف ومليون دولار، فمجموعها 37 مليار دولار تقريبا. عدا عن ذلك، فإن ثمة مودعين سحبوا أموالهم على سعر صرف 3900 ليرة، وغيرهم على سعر صرف 8 آلاف ليرة، ومنهم من سحب ودائعه أو قسما منها على سعر 15 الف، فيما استخدمت ودائع كبيرة بالدولار لتسديد قروض سابقة بالدولار، وتاليا فإن ما تبقى من ودائع غير مدفوعة هو دون الـ85 مليار دولار.
وإذ تعتبر أن ثمة حلولا موقتة يمكن تبنيها، عبر "رفع السحوبات الشهرية للمستفيدين من التعميم 158 إلى 800 دولار شهريا، إلى حين إقرار قانون لإعادة أموال المودعين ورفع السحوبات الشهرية للمستفيدين من التعميم 166 من 250 دولارا شهريا الى 400 دولار".
الخبير في المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي يستند إلى الأرقام التي أوردها منصوري لناحية أن ما يقارب المليون حساب أقفلت بفعل السحوبات من مختلف التعاميم، معتبرا أن "مصرف لبنان أصبح لديه معطيات مفصلة عن طبيعة الحسابات وحجمها وأرصدتها وتوزيعها بعدما ألزم كل المودعين أن يرفعوا السرية المصرفية إلى مركزية الحسابات في لجنة الرقابة".
ومقارنة بعام 2019، يرى فحيلي أن "حجم المشكلة تقلص وانكمش لأسباب عدة. ففي بداية الأزمة، استخدم جزء كبير من الودائع لتسديد الديون بأسعار صرف متدنية، فيما تمثل الجزء الآخر في بيع الشيكات، ما عكس فقدان الثقة بين الناس، فبدأوا ببيع الشيكات منذ عام 2020 بأسعار راوحت بين 50% و75% من قيمتها، لتصل اليوم إلى 10%".
وعن الحلول المطروحة، يجيب فحيلي بأن "كل الطروحات المتعلقة بالجدولة والتي تحدث عنها الوزير ياسين جابر وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، تصب في اتجاه واحد هو تمكين المودع من إجراء سحوبات تمول حاجاته الاستهلاكية ضمن حدود معينة".
سلوى بعلبكي - "النهار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|