محليات

سعيد: "الحزب" انتهى ولبنان في مرحلة انتقالية

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يأتي الحديث مع فارس سعيد في اللحظة التي يعبر فيها اللبنانيون مرحلة انتقالية، لا بدّ لهذه المرحلة أن تتّضح معالمها بعد بيان أمر السلاح، ومدى استحقاقه وبقائه. في الوقت الذي يتأهّب فيه لبنان بمؤسساته لحلّ أزمة حزب الله، يخرج سعيد إلى العمل السياسي الذي لم ينقطع عنه، ليقول: “الدستور”، وليعيد البوصلة إلى هذه الوجهة. النائب السابق، والأمين العام لحركة ١٤ آذار، ورئيس “لقاء سيدة الجبل”، والفاعل والشريك في عملية الاستقلال الثاني وثورة الأرز، يتحدث لـ”المدن” بمناسبة إطلاق تجمّع سياسي بعنوان “الدستور أولًا”.

بعد كلّ ما جرى، كيف تُقيّم الوضع السياسي في لبنان؟ وما هي قراءتك اليوم؟
الحقيقة أننا في مرحلة انتقالية كبرى في لبنان والمنطقة. الهمّ الأساسي اليوم هو ألّا ينزلق لبنان إلى دائرة العنف في المنطقة. أقول هذا لأنني أخشى أن تكون المرحلة الانتقالية في سوريا ذات انعكاسات على الداخل اللبناني. كما أخشى أن تكون مرحلة تراجع النفوذ الإيراني مصحوبة بمحاولة دخول قوى إقليمية غير عربية بدلًا من إيران، وهذا ما يُثير القلق. الهمّ الأساسي هو أننا في قلب مرحلة انتقالية نعرف كيف بدأت، لكننا لا نعرف حقًا كيف ستنتهي.

المعارضة التي كنتَ جزءًا أساسيًا منها، أين هي اليوم؟ وما مدى فعاليتها؟ وهل هناك ضرورة فعلاً لوجود معارضة بعد زوال “حزب الله”؟
المعارضة التي انتميتُ إليها وساهمتُ في بنائها كانت معارضة للاحتلال الإيراني للبنان. أعتقد أنه، في هذه اللحظة، لا يزال سلاح “حزب الله” موجودًا، لكنه أصبح لزوم ما لا يلزم. بمعنى آخر، هذا السلاح لم يعد قابلًا للاستخدام، حتى على المستوى الداخلي. هناك من يقول إنّ “حزب الله” قد سقط إقليميًا وبقي دوره عسكريًا داخليًا، لكنني لا أتفق مع هذا الرأي. “حزب الله” لم يعُد يُشكّل خطرًا على اللبنانيين، وقد انتهى دوره الإقليمي والداخلي أيضًا. على اللبنانيين أن يدركوا أنّ صعوبة الوضع الراهن تكمن في إقناع “حزب الله” بالتحول التدريجي من قوة قادرة على حكم لبنان إلى قوة سياسية لبنانية محلية، تشبه سائر القوى السياسية.

هل تعتبر أن اتفاق الطائف لا يزال يُشكّل الإطار الأنسب لتنظيم الحياة السياسية في لبنان؟
يتحدث الجميع اليوم عن أنّ الأزمة هي أزمة نظام، لكن الواقع في مكان آخر. اتفاق الطائف والدستور هما أرقى ما توصّل إليه اللبنانيون على قاعدة العقد الاجتماعي والسياسي. كلنا يعرف أن هذا الاتفاق نصّ على نهائية الكيان اللبناني، وهو مطلب عقائدي لدى المسيحيين والمسلمين على السواء. وبالتالي، فإن الخروج عن هذا الاتفاق في هذه اللحظة يُعتبر مغامرة غير محسوبة، وخطوة في المجهول.

“حزب الله”، الذي تمحورت حوله الحياة السياسية في لبنان في العقدين الأخيرين، كيف ترى دوره في المعادلة السياسية اللبنانية اليوم؟ وهل من الممكن الوصول إلى تفاهم وطني يشمل الجميع؟
بالتأكيد. الحزب اليوم يُدرك تمامًا أن الدور الذي أُنيط به قد انتهى، وكلّ ما يسعى إليه الآن هو إخفاء خسارته، ربما لأنه يظن في قرارة نفسه أن الاعتراف بالخسارة قد يؤدي إلى انقلاب اللبنانيين عليه. ما نراه هو أن ثقة “حزب الله” يجب أن تكون أكبر بالدولة ورموزها، وبالسلاح الشرعي، وبالحكومات الوطنية.

تُطلق في السادس والعشرين من نيسان الجاري تجمعًا سياسيًا بعنوان “الدستور أولًا”: ماذا يعني إطلاق تجمع سياسي اليوم؟
عملنا لسنوات ضمن أطر مختلفة: “قرنة شهوان”، و”المؤتمر الدائم للحوار”، و”الأمانة العامة لـ14 آذار”، و”سيدة الجبل”، و”المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني”. لكل مرحلة عنوانها وإطارها السياسي. عنوان هذه المرحلة هو الاستحقاق النيابي في 2026، ومن هنا أدعو كل من لا يقبل باختزال اسمه وطائفته بحزب أو اثنين إلى النضال المشترك لدخول الندوة النيابية. هذا الدخول من شأنه أن يُعزّز القدرة والفعالية السياسية. فالمعارضة الشيعية، مثلًا، إذا لم تدخل إلى مجلس النواب، تبقى ذات قيمة معنوية، لكن لا قيمة لها سياسيًا. والأمر نفسه ينطبق على المعارضة المسيحية.

إلامَ تدعون في “الدستور أولًا”؟
ندعو، من خلال تجمع “الدستور أولًا”، إلى اعتبار الدستور النص المرجعي الذي يجب أن نستند إليه، كما ندعو إلى ترشيح أكبر عدد ممكن من الأشخاص في المناطق التي يمكن خوض المعارك السياسية فيها.

مع من يلتقي هذا التجمع في مشروعه السياسي؟
مع مصلحة اللبنانيين أولًا، ومع نظام المصلحة العربية. أعتقد أيضًا أن ما يريده العالم من لبنان هو وجود تيار سياسي لبناني يحمل همّ الوطن، لا همّ كل طائفة على حدة. نحن، بطبيعة الحال، نُدرك أنّ هناك أحزابًا وازنة تحمل هموم طوائفها، لكن لا يوجد تيار سياسي لبناني جامع. نلتقي مع كل اللبنانيين من مختلف الطوائف الذين يشاركوننا الهمّ الوطني لمعالجة الأزمات المحلية. فليس هناك علاج شيعي للأزمة الشيعية، بل هناك علاج لبناني يشمل الجميع، ومن ضمنهم الطائفة الشيعية، وعلى هذا فقِس.

كيف يمكن بناء دولة مدنية في لبنان في ظل التركيبة الطائفية الحالية؟
التنفيذ الحرفي لاتفاق الطائف يضمن ذلك.

ما هي رؤيتك لمستقبل المسيحيين في لبنان؟ وهل من خوف حقيقي على دورهم؟
أوجب الواجبات وأرفع درجات الإيمان أن ينشأ الإنسان في بيئة مختلفة. أين “المرجلة” في أن ينشأ المسلم بجوار مكة ويُشهر إسلامه؟ أو أن ينشأ المسيحي بجوار الفاتيكان؟ لا خوف على المسيحيين إلا من أنفسهم، إذا لم يُدركوا تحولات المنطقة وتبدلاتها. هم ملح هذه الأرض، وسيستمرون.

برأيك، ما السبيل لإعادة بناء الهوية الوطنية اللبنانية في وجه الانقسامات؟
اتفاق الطائف، والدستور أولًا.

ما رسالتك إلى الشباب اللبناني اليوم؟ وكيف يمكنهم أن يصنعوا التغيير؟ وما مكانهم في “الدستور أولًا”؟
يجب أن يعرف الشباب أننا نعيش في منطقة بلا دساتير، بينما نحن لدينا دستور. الضمانة الوحيدة للشباب اللبناني هي بناء الدولة، والدولة لا تُبنى إلا من خلال نص مرجعي، هو الدستور.

هل تستعد لخوض الانتخابات النيابية؟
بالمبدأ، نعم.

برأيك، هل لـ”حزب الله” فرصة جديدة للفوز في جبيل؟
حسب القانون. ومن نضالات تجمع “الدستور أولًا” العمل على تغيير قانون الانتخابات أو السعي إلى ذلك.

سلاح حزب الله: هل يُعالج بالحوار، أم بالقوة، ومن خلال الجيش؟
ربما فات أوان هذا النقاش حول هذا الموضوع. سلاح “حزب الله” عالجه بنيامين نتنياهو بالقوة. أما داخليًا، فالعلاج سياسي. ما تملكه ولا تستخدمه لا معنى له.

في ظل غياب السلاح، برأيك، ما الذي يدفع إسرائيل إلى الانسحاب من النقاط الخمس؟التفاوض، وهو مسؤولية جميع اللبنانيين الممثَّلين بالدولة اللبنانية، وليس اختصاصًا لطائفة أو فئة. لا يمكن القول إنّ وجود الاحتلال يعني بالضرورة الحاجة إلى مقاومة موازية للجيش. حماية لبنان مسؤولية الدولة، وهذا ما يحمي البلد، كما أكّد الرؤساء الثلاثة.

زرتَ سوريا بعد سقوط النظام. هل أنت مرتاح لوضع سوريا اليوم؟
نحن في مرحلة انتقالية بين قديم لم يعُد قائمًا، وجديد نتلمّس معالمه. ذهبتُ للتأكيد على تضامننا، وللشعور بفرح الشعب السوري. وأهل مكة أدرى بشعابها. لم نزر الرئيس الشرع (رئيس الجمهورية أحمد الشرع) لأننا لا نتدخل في الشأن السوري، بل نتضامن مع الشعب ونفرح لفرحه بعد 53 عامًا من الحرمان والظلم والاستبداد.

حين تتذكرها، ما الذي تقوله عن تجربتك في أمانة 14 آذار؟
“14 آذار” هي قضية شعب لم تنتهِ يومًا. تحقيق الإنجازات الوطنية الكبرى على قاعدة الوحدة الوطنية هو مشروع دائم. وبهذه المناسبة، أطالب وأتمنى على الجميع أن يعتبروا أنّ من نِعَم الله على بلدنا أن لدينا دستورًا، وبالتالي، في هذه المرحلة المليئة بالصعوبات، علينا أن نحمي الدستور اللبناني، وأن نعود إلى الدولة، التي هي ضمانة الجميع

محمود وهبة - المدن

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا