معركة انتخابية ضارية بالفاكهة وتنمّر على حلفاء "الحزب" بعرسال
بدأت ملامح المعارك البلدية تظهر في محافظة بعلبك الهرمل مع اقتراب موعد الانتخابات، حيث تعقد اللقاءات، والاجتماعات لبناء تحالفات. وأجواء التنافس تدفع العائلات والناشطين بالحقل العام إلى الاستعداد لخوض الاستحقاق. لكن يبدو أن حماوة المعركة ستدور في المناطق المسيحية والسنيّة، من خارج سيطرة "الثنائي الشيعي". فالأخير يعمل بجهد لتشكيل مجالس بلدية بالتزكية في مناطقه.
شراسة وانفاق كبير بالفاكهة
في صدارة هذه المناطق، تأتي بلدة الفاكهة التي ستشهد معركة انتخابية شرسة، بسبب تنافس أربع لوائح على 18 مقعدًا، بدأت تظهر معالمها. وزائر الفاكهة يلاحظ التنافس الشديد من خلال انتشار صور المرشحين واللافتات التي تغزو كل الشوارع، بخلاف باقي المناطق المحيطة. حتى أنه بدأ الحديث عن الإنفاق المالي المرتفع لبعض المرشحين هناك.
ارتفاع عدد اللوائح والمرشحين يعكس حالة عدم الارتياح لدى الأهالي، ويؤشر ربما إلى حالة من الضياع في التوجهات، لاسيّما أنَّ كلّ لائحة تعبِّر عن توجهات مختلفة، بالإضافة إلى صلات القرابة العائلية بين بعض المرشحين. ووفق مصادر مواكبة للمعركة البلدية في الفاكهة – الجْدَيدة (سكانها كاثوليك وسُنَّة) تتوزع اللوائح الأربعة على النحو التالي:
اللائحة الأولى يرأسها مهنّد محي الدين، ويأتي من خلفية يسارية. هو ابن شقيق الدكتور نبيل محي الدين، الذي شَغَل سابقاً منصب رئيس البلدية لعدة سنوات. وشريكه المسيحي في اللائحة هو العميد المتقاعد محبوب عون، المقرّب من "التيار الوطني الحر". وتعمل هذه اللائحة على تقديم مرشحين شباب وسيدات، مع التزام مبدأ المناصفة الكاملة في الرئاسة والأعضاء: تسعة أعضاء سُنَّة يقابلهم تسعة أعضاء كاثوليك، إضافة إلى تقاسم الرئاسة بين محي الدين وعون، وفق مبدأ ثلاث سنوات لكل منهما.
اللائحة الثانية يعمل على تشكيلها الدكتور ناصر سكرية. وهو بعثي سابق وشقيق رجل الأعمال ورئيس صندوق الزكاة في البقاع الشمالي معزّز سكرية. أما شريكه المسيحي فسيكون السيد زوزو خوري (ثاني أكبر العائلات المسيحية).
اللائحة الثالثة يعمل على تشكيلها المهندس دياب محي الدين. وهو قريب رئيس البلدية المنحلّة منذ عام 2018 نصري محي الدين. ويسعى إلى تشكيلة تضم مكوِّنات من العائلات المتوسطة العدد كاثوليكيًا وسنيًا.
أما اللائحة الرابعة فيعمل على تشكيلها فهد عبد الواحد، الذي يُعتبر من وجوه "سرايا المقاومة" في الفاكهة. ورغم الحالة التنظيمية الضعيفة لهذا التنظيم التابع لحزب الله، إلا أنه يواصل لقاءاته مع الأهالي. ويسعى إلى جمع أفراد عائلته لخوض هذه المعركة من منطلق عائلي، لكن وسط ضعف كبير في الشارع الكاثوليكي.
ويلفت المتابعون إلى إمكانية تشكيل لائحة خامسة برئاسة ربيع سكرية، المعروف بتأييده وانتمائه لحراك 17 تشرين، ويُعتبر من أبرز المنتمين إلى جماعة الثوار.
الواضح أن الاستحقاق البلدي في بلدة الفاكهة لن يمر بهدوء، وسط انقسام واضح في وجهات النظر وتعدد اللوائح وتشظي الأصوات. حتى اللحظة فشلت كل محاولات تقليص عدد المرشحين لتقليص عدد اللوائح في المرحلة المقبلة، مع إعلان فتح باب الترشيح رسميًا.
الجماعة الإسلامية منفردة
أما في عرسال فما زالت أجواء المعركة الانتخابية كامنة، بخلاف جارتها الفاكهة. لم يبرز أي مرشح بشكل علني من خلال الصور أو اللافتات المحتفية به. ففي هذه البلدة البقاعية ثمة إقبال كثيف ولاسيما من فئة الشباب على الترشح للمجالس الاختيارية، مع شبه احجام عن الترشح للبلدية. ويفسر مراقبون في المنطقة هذا الأمر أنه بمثابة تهرب من عبء العمل البلدي لاسيما بعد حلّ البلدية عام 2022 وإفلاس صندوقها.
على صعيد القوى السياسية التي تتنافس على المجلس البلدي ثمة توجهات مختلفة بين المشاركة الفاعلة والإحجام. فقيادات تيار المستقبل المحلية تتخبط. بعضها يريد المشاركة ترشحًا واقتراعًا، وبعضها الآخر عينه على الانتخابات النيابية العام المقبل فتدعو للحياد. وهذا رغم قرار "المستقبل" بعدم المشاركة. أما الجماعة الاسلامية فقد قررت عدم التحالف مع أيّ طرف سياسي، وتتجه لتشكيل لائحتها منفردة. وبما يتعلق بالشخصيات المقربة من حزب الله، يبرز توفيق الحجيري. وهناك مساعٍ لتشكل لائحة تحت ستار العائلات بعيداً عن السياسة. أما القوى اليسارية، التي بات حضورها ضئيلًا في البلدة، فبعض المحسوبين عليها، مثل مسعود عزالدين واحمد يوسف الحجيري، ينشطان بشكل فردي للانضمام إلى لائحة ستتشكل من العائلات.
لوائح بلا رئيس
وسط هذه الأجواء، برز إلى الآن معالم تشكيل أربع لوائح لخوض المعركة الانتخابية. وجميع هذه اللوائح تتشكل من دون الإفصاح عن اسم المرشح لرئاسة البلدية. فالطامحون إلى رئاسة البلدية يتكتمون عن الأمر إلى ما بعد انتهاء عملية الاقتراع وصدور النتائج. فهم يخافون من استهدافهم بـ"التشطيب"، وفق المبدأ السائد بعرسال "الطربوش مستهدف دائمًا".
اللائحة الأولى تحالف عائلي صرف، من دون أيّ غطاء سياسي، بدعم من رئيسي البلدية السابقين محمد يوسف الفليطي وعلي الحجيري (أبو عجينة). الأول يطمح لترشيح ابنه أحمد، والثاني يرغب بترشيح قريبه منير الحجيري. وهما يعملان على تأمين مروحة واسعة من العائلات للانضواء في اللائحة. والهدف كما يقول "أبو عجينة" هو التعاون مع الجميع لمصلحة البلدة لغايات تنموية، مع إيلاء الوضع الاقتصادي الأولوية الكاملة. إضافة إلى العمل على فتح معبر رسمي باتجاه سوريا، لما له من فوائد اقتصادية.
اللائحة الثانية، تعمل على تشكيلها الجماعة الإسلامية. وبحسب مصادر رسمية في "الجماعة" الهدف من اللائحة المنفردة عدم تكرار الأخطاء التي حصلت في العام 2004 بخروج بعض حلفائها من تحت عباءتها والغدر بها. لذا تتجه حاليًا إلى تشكيل لائحة من المحازبين المباشرين، والدائرين في فلكها عقائديًا. علماً أن رئيس البلدية الأسبق باسل الحجيري لم يوضح موقفه بعد إذا كان سيدعم الجماعة أو يبقى محايدًا.
اللائحة الثالثة تضم المقربين من حزب الله والبعث وسرايا المقاومة. في الانتخابات البلدية السابقة كان حضور هذه القوى واسعاً في البلدة. لكن بعد سقوط بشار الأسد والحرب الأخيرة التي تعرض لها حزب الله تضاءلت حظوظها، خصوصاً أن "التنمّر" يتناول بعض هؤلاء الأشخاص واتهامهم بأنهم يمثلون "فلول" النظام البائد، في الأحاديث بين العراسلة. وقد تواصلت "المدن" مع أبرز الشخصيات الذين يعملون على تشكيل اللائحة لكنهم فضّلوا عدم الإفصاح بأي موقف للإعلام في الوقت الحالي.
أمّا اللائحة الرابعة فيعمل على تشكيلها عسكريون متقاعدون، بالتعاون مع بعض النشطاء في العائلات. ورغم أن عدد المتقاعدين يقارب الألف ناخب في عرسال إلا أنهم لا يشكلون أي "بلوك" انتخابي، بسبب أولوية الاعتبارات العائلية. وقد تواصل "المدن" مع الناشطين على تشكيل اللائحة وكان الجواب أنهم يفضّلون التكتم في الوقت الحالي، وذلك في انتظار خروجهم عن صمتهم لاحقاً في تشكيل لائحة ستشكل مفاجئة لجميع أبناء البلدة.
طارق الحجيري - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|