عربي ودولي

موسكو أنقذت الأسد… هل تنقذ خامنئي؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يتشدد الأميركيون مع ايران في مسقط أو روما، يتشدد “حزب الله” مع اللبنانيين في موضوع السلاح، وكذلك تفعل “حماس” في غزة والحوثيون على ضفاف البحر الأحمر.

انها المعادلة المتماهية الى حد الالتصاق، والعقدة التي تحتاج الى من يفكها بأي طريقة متاحة سواء كانت عبر الديبلوماسية المسلحة أو القوات المسلحة على المستوى الأميركي أو عبر تسليم مطلق بالهزيمة على المستوى الايراني.

حتى الآن، وبعد الجولة الأولى من المحادثات بين واشنطن وطهران في العاصمة العمانية، أدرك الايرانيون أنهم يفاوضون هذه المرة على حافة الهاوية، وأن أي دعسة ناقصة ستقودهم الى حرب مدمرة وربما الى حرب قد تنهي حلم الثورة الاسلامية في المنطقة والعالم، وتحوّل الأئمة من حكام لا يعترفون بحدود بين الدول الى مجرد رجال دين عاديين ضمن حدود ثابتة غير قابلة للانفلاش.

ويدرك الأميركيون أنهم أمام فرصة تاريخية تتيح لهم الحصول على كل ما يريدونه من ايران، وأن خسارتها ستعني ثلاثة أمور أساسية: الأول ضم الايرانيين الى نادي الدول النووية وما يترتب على ذلك من مخاطر وهواجس في اسرائيل ودول الخليج، والثاني تحويل طهران الى قوة عظمى تتلاقى مع روسيا والصين في محاولات التموضع الاقتصادي والعسكري في الشرق الأوسط، والثالث احياء محاور الهلال الشيعي وضرب أي محاولات لتطبيع العلاقات بين العرب واسرائيل.

وانطلاقاً من هذه الأمور الثلاثة، يمكن فهم الضغط الهائل الذي تفرضه ادارة الرئيس دونالد ترامب على ايران التي جاءت في الأساس الى مفاوضات تعرف أنها لن تخرج منها سالمة اذا اختارت الحرب ولا متوازنة اذا اختارت الاستسلام، وهذا ما يفسر انتقال وزير الخارجية الايرانية عباس عراقجي الى موسكو على عجل سعياً الى وساطة تجنّب بلاده ما لا تقوى على تحمله أي إسقاط النظام أو تعريته من ترسانته العسكرية .

ويتردد في دوائر قريبة من طهران أن الأخيرة تجد نفسها أمام واقعين ليسا بعيدين لا في الزمان ولا في المكان وهما أولاً حال صدام حسين عندما أدرك أن التفلت من ضربة أميركية حتمية أمر مستحيل فلجأ الى قصف اسرائيل علّه يستقطب دعم العرب، وثانياً حال بشار الأسد عندما أدرك أن التفلت من ضربة أميركية تستهدف ترساناته الكيميائية أمر مستبعد، فلجأ الى موسكو بنصيحة من ايران نفسها علّه يكسب بعض الوقت.

وتضيف الدوائر أن عراقجي تلقف سريعاً العرض الذي قدمته موسكو لحل الأزمة النووية مع واشنطن بطريقة سلمية، مشيرة الى أن الرجل حمل الى الرئيس فلاديمير بوتين موافقة ايرانية كاملة على أي مخرج يبعد عن بلاده خيار الحرب، يشبه المخرج الذي أنقذ الزعيم الليبي الراحل من ضربة اسرائيلية من خلال تفكيك برنامجه النووي، والمخرج الآخر الذي أنقذ الأسد من خلال نقل السلاح الكيميائي السوري من سوريا الى روسيا.

لكن أكثر ما يشير الى تقدم الخيار العسكري الأميركي على أي خيار آخر، يتمثل في الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان لايران في خطوة قيل انها تحمل نصائح من المملكة العربية السعودية بضرورة القيام بكل التنازلات التي تطلبها الولايات المتحدة بدءاً من طهران نفسها وصولاً الى “حزب الله” في لبنان مروراً بالحوثيين في اليمن وصولاً الى “حماس” في غزة.

وكشف مصدر قريب من الرياض أن المحادثات التي أجراها الموفد السعودي يزيد بن فرحان في بيروت شكلت خطاً موازياً لمحادثات خالد بن سلمان في طهران، وصبّت في هدف واحد ألا وهو السعي الى تفكيك الترسانة النووية الايرانية ونزع سلاح “حزب الله”، اذا أرادت طهران فعلاً تجنب الجنون الأميركي الذي يمثله دونالد ترامب المتمهل حتى الآن واذا أراد الشيخ نعيم قاسم تجنب الجنون الاسرائيلي الذي يمثله بنيامين نتنياهو المكبل حتى اشعار آخر.

وحده الحكم في لبنان يراوح مكانه، فلا يجد مبرراً لسلاح الحزب ولا يأخذ قراراً لنزعه، مفضلاً التموضع في المنطقة الرمادية التي يستغلها محور الممانعة اما لتعويم هيبته واما لابتزاز السلطة، مؤكداً في كواليسه أن الحرب مع اسرائيل قد انتهت حتى لو وصل جيشها الى الضاحية، وأن الحرب التي يخوضها الآن هي حرب الضمانات التي تبقيه حزباً عسكرياً بثياب مدنية أو تحوله الى حصان طروادة داخل الجيش اللبناني، بحيث يحصد من قلب البيت ما لم يفعله من خارجه.

انها في الواقع آخر المفاتيح الديبلوماسية في الشرق الأوسط، لا بل آخر باب مفتوح اما على تسوية تخرج الدخان الأبيض من مداخن طهران وواشنطن والرياض وموسكو وتل أبيب وتنقل ايران من سياسة المخالب الى سياسة الحمائم، أو تخرجها مع أذرعها من النقاط الساخنة كما أخرجت ياسر عرفات من بيروت عندما خيّروه بين القاء سلاحه أو انقاذ نفسه، وكما تخيّر “حماس” بعد أربعين عاماً بين الرحيل عن غزة أو الموت فيها.

أنطوني جعجع- لبنان الكبير 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا