شروط حزب الله الـ ٤: الرسائل والسقوف العالية

رفع حزب الله منسوب اشتراطاته التي تسبق أي نقاش في الاستراتيجية الدفاعية، وهي التسمية الرمزية التي تُطلق على مصير سلاحه في المرحلة المقبلة، وذلك من خلال تحديده أربعة أهداف رئيسية يراها شرطًا مسبقًا قبل أي بحث أو تفاوض جدي. تتمثل هذه الشروط في: الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية التي لا تزال محتلة منذ تشرين الثاني 2024، تسليم الأسرى، وقف الخروق الإسرائيلية المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار، والشروع في عملية إعادة الإعمار في المناطق المتضررة من الحرب.

جاء هذا التصعيد في لهجة حزب الله متزامنًا مع التفاوض الأميركي - الإيراني الجاري بوتيرة متسارعة، والذي يُتوقّع أن تظهر نتائجه في وقت قريب. وقد أراد الحزب من خلال هذه المواقف العالية السقف أن يوجّه رسالة مزدوجة؛ الأولى إلى جمهوره تؤكد أنه ما زال حاضرًا بقوة في المعادلة، والثانية إلى الخصوم في الداخل والخارج مفادها أنه استعاد توازنه وبدأ مرحلة جديدة من تنظيم صفوفه. وقد تجلّى هذا التوجه في الخطاب الأخير للأمين العام الشيخ نعيم قاسم، الذي لوّح صراحة بإمكانية العودة إلى العمل العسكري في حال فشل المسار الدبلوماسي أو تعثره، كما في المواقف المتكررة الصادرة عن قياديين في الحزب، والتي تتعمّد الإيحاء بثقة زائدة وإرادة حاسمة، كأنّ الحزب عاد إلى مرحلة ما قبل تشرين الأول 2023.

من المؤكد أن هذه الشروط الأربعة، التي يصرّ حزب الله على طرحها كمدخل إلزامي لأي نقاش حول سلاحه، قد وصلت إلى رئاسة الجمهورية بالبريد السريع، خاصة أنها تتناقض بوضوح مع المناخين الداخلي والخارجي اللذين يدفعان في اتجاه حل مستدام ينهي وجود السلاح خارج إطار الدولة. وتتعارض هذه الاشتراطات تحديدًا مع مواقف رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الذي يكرر تأكيده على حصرية السلاح بيد الدولة، ويطرح مشاريع حلول من أبرزها دمج حزب الله في الجيش، وهو مشروع لا يزال بعيد المنال بفعل التعقيدات السياسية واللوجستية التي تحيط به، وتلزمه آليات تنفيذية قد لا تكون متاحة في القريب.