سلاح "حزب الله" إلى دائرة الضوء
لم تخلُ عطلة عيد الفصح المجيد من بعض المواقف السياسية، التي تناولت في شكل أساسي ما قاله الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم بالنسبة إلى سلاح "المقاومة الإسلامية"، فرأى فيه البعض كلامًا جدّيًا من شأنه أن يعيد عقارب الساعة إلى الأجواء التي كانت سائدة قبل 7 أيار من العام 2008، والتي أدّت إلى ما أدّت إليه من "اجتياح" لبيروت وللجبل، والتي دفعت الجميع للذهاب إلى قطر، وما نتج عن الحوار غير المباشر بين جميع أطراف النزاع، والذي كان يتمّ من غرفة إلى أخرى في فندق الشيراتون، وقد توجّت المساعي التي قامت بها قطر مع المملكة العربية السعودية باتفاق عُرف بتسوية الدوحة، والتي نتج عنها توافق سياسي على انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية.
أمّا البعض الآخر فوصف تصريحي الشيخ قاسم ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في "حزب الله" وفيق صفا بـ "القنبلة الصوتية" ليس إلاّ، وذلك انطلاقًا من مقولة شعبية شائعة أن من يريد أن يفتعل أي مشكل لا يهدّد، بل يذهب إليه من دون مقدّمات، إضافة إلى أنه ليس واردًا على الاطلاق عند أي طرف من الأطراف اللبنانية أن يطالب بـ "تجريد" سلاح "حزب الله" أو "انتزاعه" منه بالقوة، بل بالتفاهم والحوار الهادئ وغير المنفعل وغير المستند إلى خلفيات وحسابات حقل حارة حريك التي قد لا تنطبق على حسابات بيدر بعبدا. وهذا ما أشار إليه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون من على منبر الصرح البطريركي في بكركي على أثر خلوة مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وقال: إن "اي موضوع خلافي لا يقارب على الاعلام ووسائل التواصل، بل بطريقة التواصل مع المعنيين بطريقة هادئة ومسؤولة. عندي قناعة ان اللبنانيين لا يريدون الحرب ولا يريدون ان يسمعوا بذلك. لذلك فان القوات المسلحة اللبنانية هي الوحيدة المسؤولة عن سيادة
لبنان واستقلاله". فلنعالج الموضوع بروية ومسؤولية، لأنه موضوع اساسي للحفاظ على السلم الاهلي، وسأتحمله بالتعاون مع الحكومة. اي خلاف في الداخل اللبناني لا يقارب الا بمنطق تصالحي. وحصر السلاح سننفذه، ولكن ننتظر الظروف لتحديد كيفية التنفيذ".
ومما لا شك فيه فإن هذا الموضوع سيكون الطبق الرئيسي في اللقاءات الرسمية والحزبية بعد عطلة عيد الفصح المجيد، خصوصًا أن كل فريق من الأفرقاء اللبنانيين قد أدلى بدلوه في ما يتعلق بسلاح "حزب الله". وقد حسم رئيس الجمهورية الجدل حين دعا إلى مقاربة هذه المسألة بعيدًا عن الاعلام، الذي يواكب حركة الاتصالات القائمة بين الرئاستين الأولى والثانية الهادفة إلى إيجاد آلية لا يموت فيها الذئب ولا يفنى الغنم، مع إصرار الرئاسة الأولى على ضبط إيقاع المواقف المتشنجة التي تصدر من هنا وهناك، ولاسيما المواقف التي يعلنها مسؤولون في "الحزب"، وآخرها كلام نائب رئيس المجلس السياسي في الحزب الوزير الأسبق محمود قماطي، الذي تحدّث عن "قطع اليد التي ستمتد الى المقاومة"، إضافة إلى كلام بعض نواب "الحزب"، وفيه أنه "عندما تقوم الدولة بمسؤولياتها نناقش الاستراتيجية الدفاعية"، وأن أي حديث عن تسليم "الحزب" لسلاحه لن يجدي نفعًا قبل أن تنسحب اسرائيل من كل شبر من الأراضي اللبنانية، التي لا تزال تحتلها، وقبل أن تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتمادية.
على هذا بات من الواضح ان مسعى الرئيس عون لمعالجة ملف السلاح سيواجه تعقيدات وصعوبات كثيرة إذا استمرت المواقف التصعيدية والضاغطة، سواء من الجانب الأميركي والإسرائيلي أو من القوى السياسية في داخل لبنان. فمقاربة الرئيس تعتمد الحوار والهدوء فيما مقاربة الآخرين تعتمد التصعيد والقتل والضغط. وهو ما لن يُثني المقاومة عن التمسّك بموقفها وسلاحها طالما التصعيد يشكّل خطراً على وجودها ووجود جمهورها ويعني استسلاماً للشروط والاملاءات الأميركية والإسرائيلية وإخضاع لبنان لها وهو ما يرفضه الحزب بشكل قاطع.
لذا بات من المفروض ضبط الخطاب السياسي الرسمي والسياسي وحتى الإقليمي والدولي من كل الأطراف، لتسهيل مهمة رئيس الجمهورية ولا سيما إنه متفاهم مع "حزب لله" بالمبدأ على الحوار، ولتهدئة خواطر الحزب وطمأنته بعدما بات يشعر ان المطلوب رأسه وليس سلاحه فقط.
لا بد من أن تشمل معالجة موضوع سلاح "حزب الله" المخيمات الفلسطينية وضرورة إلحاقها بالخطط الأمنية المسؤولة عنها القوى الشرعية وحدها دون سائر قوى الأمر الواقع.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|