فرصة عمل... نائب لـ 3 سنوات خاضِعَة لإعادة تقييم بعد 18 شهراً
ملائكة "التيار" حاضرة في "الطاقة": فياض "يحتال"

بعدما أثارت "نداء الوطن" فضيحة استراتيجية المياه التي أعدّها وزير الطاقة السابق وليد فياض بميزانية 2 مليار ونصف المليار دولار، نصفها تقريباً رصد للسدود بدءاً من سد بسري، والتي كنا قد أسميناها بـ"التهريبة" في تحقيق بعنوان "تهريبة الاستراتيجية الوطنية للمياه 2024-2035"، لم يكتفِ فيّاض بالاستراتيجية الفضيحة، بل عمد للتحايل لتثبيت تلك الاستراتيجية غير المُقرّة رسمياً، بطريقة غير شرعية، بهدف ضمان تحكم "التيار الوطني الحر" بالسياسة المائية في لبنان، طيلة الـ 11 عاماً القادمة.
وفي التفاصيل، وبعد أن كنا قد تقدمنا بطلب الحصول على نسخة عن الاستراتيجية (التي كان فياض يحرص على أن يحظى محتواها بسرية تامة لضمان إقرارها)، وكان قد حفظ طلبنا في وزارة الطاقة، أعدنا توجيه الطلب، تشديداً على حقنا بالوصول للمعلومات المكرس بالقانون رقم 28 تاريخ 10/2/201، فجاءنا الجواب على كتابنا في الوزارة بأن "الاستراتيجية منشورة عبر الموقع الرسمي للوزارة"، وكانت هذه بحد ذاتها فضيحة.
فكيف نشرت استراتيجية لم تقر بمرسوم حكومي، على موقع الوزارة الرسمي. وهل من توصيف آخر لهذا الفعل، غير محاولة توريط الوزير الجديد جو صدّي بالاستراتيجية وفرضها عليه عبر الإيحاء بأنها رسمية؟
مصادر الطاقة
بعد أيام على نشرها، "اختفى أثر" استراتيجية فياض عن موقع الوزارة الرسمي. مصدر في وزارة الطاقة، تعليقاً على استفسارنا حول سحب الاستراتيجية عن الموقع الرسمي للوزارة وتصحيح هذا الخلل، أوضح في حديث لـ "نداء الوطن"، أنّ "أي خطط لم يتم إقرارها رسمياً، لا مسوغ قانونياً لنشرها في خانة الخطط الرسمية على الموقع، بل يتم نشرها في خانة الأخبار حصراً".
"مسوّدات" لا خطط رسمية
والاستراتيجية الوحيدة المنشورة على الموقع اليوم، هي استراتيجية جبران باسيل 2010 - 2020، المقرة بمرسوم حكومي عام 2012.
علماً أن وزراء طاقة سابقين، كانوا قد وضعوا خططا ًووقعوا عليها ولم تنشر سابقاً على الموقع، كونها لم تصدر بمرسوم حكومي، بينهم الوزير السابق ريمون غجر، الذي حصلت "نداء الوطن" على نسخة من استراتيجيته، (مكونة من 527 صفحة).
وكان الوزير السابق وليد فياض نفسه، قد عمل على "مسوّدات" عدة بينها استراتيجية 2020 - 2035، قبل أن يتوصل لاستراتيجية 2024-2035، ولم ينشر أياً من "المسودات" على الموقع الرسمي للوزارة، وهو ما يدل على نية متعمدة بالنشر قبل أيام من حفل التسليم والتسلم في الوزارة.
أكثر من ذلك، ووفق معلومات "نداء الوطن"، سعى فياض لنشر الاستراتيجية قبل أيام فقط من تشكيل حكومة نواف سلام، أي في توقيت حساس، كان "التيار الوطني الحر" خلاله، يعرف تمام المعرفة، أنه ليس خارج وزارة الطاقة وحسب، بل خارج الحكومة برمتها، وكانت هذه التهريبة الوحيدة الكفيلة بتمديد سياسات "التيار" في الوزارة.
فياض يهرّب مرتين استراتيجيته
وتكمن أهمية استراتيجية فياض 2024 - 2035 بأنها تتحكم بالسياسة المائية لو أقرت،11 عاماً! أي أنها قادرة على إبقاء سياسات "التيار" حتى بعد تحرير وزارة الطاقة من قبضته. من هنا، كانت أهمية تثبيتها عبر الموقع الرسمي للوزارة، بهدف تضليل الوزير الجديد وفرضها عليه كـ "أمر واقع". لكن هذه لم تكن إلا "التهريبة الثانية" لاستراتيجية فياض.
فوزير الطاقة السابق، كان ملزماً بإرسال "مشروع مرسوم السياسة المائية" إلى مجلس الشورى لإبداء الرأي (لم ترق الاستراتيجية التي وقعها فياض لمستوى السياسة المائية، وهذا بحث آخر)، قبل إرساله إلى الحكومة بهدف إقراره وجعل الاستراتيجية مقرّة بمرسوم حكومي.
وكان فياض أرسل كتابه إلى مجلس الشورى بالفعل تحت عنوان "مشروع مرسوم يرمي إلى إصدار الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه"، تمهيداً "لإحالته إلى مجلس الوزراء حسب الأصول".
لكن الفضيحة أن فياض أرسل الكتاب، طالباً من مجلس الشورى إبداء الرأي، من دون إرفاق الاستراتيجية المفترض بالمجلس إبداء الرأي بها، في محاولة فاضحة للتذاكي على مجلس الشورى ومجلس الوزراء في آن، لتمرير الاستراتيجية من دون الإطلاع على محتواها.
أمام هذه "التهريبة الأولى" لاستراتيجية 2024 - 2035، لم يكن من مجلس الشورى إلا أن أعاد الملف إلى الوزير، طالباً أن يصار إلى إدراج الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه ضمن قرار إداري مكتمل العناصر، كي يبدي رأيه بشأنه، بما أنه يتبين أن "لم يتم إرفاق الاستراتيجية الوطنية، المطلوب إبداء الرأي بشأنها بمشروع المرسوم، والتي تعتبر بحسب مضمون المشروع المشار إليه جزءاً لا يتجزأ منه، إذ يبنى المخطط التوجيهي العام عليها".
سدود "التيار الوطني الحرّ"
وفيما كانت قاضية التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصار، تحقق مع فياض منذ أسابيع بفضيحة "سد المسيلحة" الذي أثبت فشله على حساب المال العام والبيئة، كان فياض يحاول تكريس استراتيجيته التي تخصص قرابة مليار دولار للسدود، واضعة سد بسري ضمن أولوياتها، متجاهلة كل الحملات البيئية التي شنت ضد مخاطر إقامة السد واحتمال تسببه بزلازل في المنطقة، وضد استكمال سياسة السدود التي أثبتت أنها لم تكن إلا باباً للهدر لصالح المنتفعين من المتعهدين، هذا عدا عن فشل جدواها في غالبية مشاريع السدود المنجزة وغير المنجزة.
والحال أن استراتيجية فياض، لم تكن إلا امتداداً لاستراتيجية رئيس "التيار الوطني الحر"، الوزير السابق، جبران باسيل المقرّة عام 2012، والتي غيرت وجهة استثمار المياه في لبنان: من الثروة المائية الجوفية والسطحية إلى صفقات السدود.
في حين أن استراتيجية فياض بميزانية تبلغ قرابة 2 مليار ونصف المليار دولار، كانت "خلاصة منقّحة" عن استراتيجيته "الحلم" للأعوام 2020 - 2035 بميزانية تبلغ 8 مليارات دولار، خصصت قرابة ملياري دولار منها، أي ربعها، لبناء 14 سداً، لكنها سقطت بفعل ضغط الجهات المانحة، في حين أن استراتيجيته النهائية، انخفض فيها عدد السدود إلى 9 وشكّل تمويلها قرابة مليار دولار، أي قرابة نصف الميزانية، في حين أن جودة نوعية المياه لم يرصد لها إلا 5 ملايين دولار على مدار 11 عاماً، في فضيحة تعكس لامبالاة تلك الاستراتيجية لو أقرت، بالحد من انتشار أوبئة المياه مثل الكوليرا والتهاب الكبد (أ) وتأمين مياه شفة وخدمة غير ملوثة، وهذا حق لكل مواطن.
فخ للوزير الجديد
وبعد كشف محاولة وليد فياض، فرض استراتيجيته للمياه 2024 - 2035 كـ"أمر واقع" على وزارة الطاقة، وتصحيح هذا التحايل عبر سحبها من موقع الوزارة الرسمي، تصبح الكرة اليوم في ملعب وزير الطاقة جو صدي نفسه.
مصادر الطاقة من جهتها، ترى بأن المشكلة ليست بالخطط والاستراتيجيات والدراسات بل بأخذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وبشفافية مطلقة، مشددة على أن الوزير صدي يقارب ملف المياه من جوانبه كافة، ولكن بشكل تدريجي، وقد تبلور ذلك بدءاً من ملف آبار المياه.
فقد أطلق الوزير صدّي ورشة أثمرت منذ أيام خطة تصحيحية حول إعادة النظر بآليات ترخيص الآبار. فهل يعدّ صدي "ورشة" متكاملة لوضع سياسة مائية للبنان عبر الاستثمار بثروات بلاد الأرز المائية الحقيقية، وتصحيح المسار، بعد أن أصبحت السياسة المائية في عهد "التيار الوطني الحر"، استثماراً لجيوب المنتفعين من السدود، على حساب المال العام والبيئة وحق اللبنانيين بسياسة مائية تؤمن استدامة حصولهم على المياه الآمنة للشرب والاستخدام؟
المصدر: نداء الوطن
الكاتب: فتات عيّاد
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|