الصحافة

الانتخابات البلدية تحت التأثير السوروسي

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية في لبنان، تكشف المعركة الانتخابية عن وجه خفي أكثر خطورة من مجرد التنافس المحلي، هو  اختراق المال السياسي الأجنبي لبعض اللوائح والمرشحين تحت شعارات مدنية ذكية. وتشير مصادر موثوقة إلى أن بعض المجموعات المدنية التي تصدّرت المشهد السياسي مؤخراً،  استفادت سابقاً من تمويلات مشبوهة مرتبطة بمؤسسة «المجتمع المفتوح» ( أوبن سوسايتي) التي يرأسها الملياردير الأميركي من أصل مجري جورج سوروس.

هذه اللوائح، التي ترفع رايات «مكافحة الفساد» و«الشفافية»، تخوض الانتخابات مستخدمة الخطاب ذاته الذي روّجت له خلال موجات الحراك الشعبي بين 2015 و 2019 ، لكنها تتجنب الإفصاح الكامل عن مصادر دعمها، ما يثير علامات استفهام حول حقيقة أجنداتها. وفي وقت يتنافس فيه مرشحون من مختلف الأطياف على المقاعد البلدية، يبرز قلق واسع من وجود دعم مشبوه لعدد من هذه اللوائح. وتأتي في طليعة هذه الجهات الداعمة مؤسسة (أوبن سوسايتي) ، التي لم يقتصر نشاطها على دعم المنظمات المدنية، بل تعدّى إلى التأثير على السياسات المحلية في العديد من الدول.

ليست مؤامرة... هذه هي الحقيقة
رغم غياب أدلة قانونية صريحة، تتحدث تقارير استخباراتية أوروبية عن «شبكات تأثير» تقودها شخصيات مالية نافذة، تعمل على تمرير معلومات اقتصادية حساسة لشبكات مضاربة عالمية. ويُخشى من أن يكون هذا النوع من «الفساد المنظّم» – الذي يصعب رصده وتوثيقه – هو الأخطر في عالم المال الحديث.

 لا يقتصر نشاط سوروس على لبنان فقط، ولم يكن اسم جورج سوروس يوماً عابراً في أسواق المال أو في أروقة السياسة العالمية والعربية واللبنانية. فهذا المستثمر والملياردير الأميركي، والذي اشتهر بـ«الرجل الذي كسر بنك إنكلترا»، تحول إلى شخصية محورية في نظريات المؤامرة والاتهامات بالفساد والتدخل في شؤون الدول، من أوروبا إلى الشرق الأوسط. ففي 16 ايلول 1992، أصبح سوروس رمزاً للقوة المطلقة للأسواق المالية حين راهن بمليارات الدولارات على انخفاض الجنيه الإسترليني في ما عُرف لاحقًا بـ«الأربعاء الأسود». وتمكّن من جني أكثر من مليار دولار في يوم واحد، وأُجبر بنك إنكلترا على سحب عملته من آلية أسعار الصرف الأوروبية. أما في مصر، فكان لسوروس دور بارز في دعم منظمات حقوقية اعتُبرت جزءاً من شبكة أوسع تهدف إلى فرض النموذج الغربي في إدارة الدول العربية، ما أدى إلى خلق بيئة سياسية أكثر انسجاماً مع سياسات الغرب، ما أحدث توترات داخلية.

وفي تونس، تزامن دعم سوروس مع تعزيز الحركات المدنية التي روجت لمفاهيم الليبرالية، ما أثار تساؤلات حول مدى توافق هذه الأفكار مع الواقع الاجتماعي والسياسي المحلي.

واتهم سوروس بالتدخل في الشؤون الداخلية لتركيا عبر مؤسساته الخيرية وصناديقه الاستثمارية. خلال احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013 حيث اتهمه الرئيس رجب طيب أردوغان بتأجيج الفوضى السياسية والاقتصادية. ولاحقاً، ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية عام 2018، حمّله أردوغان مسؤولية المضاربة على الليرة لإضعاف موقفه السياسي. وفي ظل تصاعد الاتهامات بالتدخل وزعزعة الاستقرار، أغلقت مؤسسة «المجتمع المفتوح» فروعها في تركيا. كما وصف الناشط عثمان كافالا، المسجون بتهمة دعم احتجاجات «غيزي»، بأنه «سوروس تركيا»، ما يعكس استمرار الجدل حول دور سوروس وتأثيره في الداخل التركي.

من الواضح أن سوروس استخدم شبكة من المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الإعلامية لتحقيق تأثير على سياسات بعض الدول، عبر تقديم دعم مشروط يهدف إلى خلق مشهد سياسي يتماشى مع مصالح الغرب، خصوصاً في ظل الفوضى التي أعقبت «الربيع العربي».

الأجندات الخفية
مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية في لبنان، تتجدّد التساؤلات حول حجم التأثير المحتمل للتمويل الخارجي. فهل ستبقى هذه الانتخابات ساحة تنافس محلي صرف، أم ستتحوّل إلى جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تغيير معالم السياسة اللبنانية تحت ضغط قوى خارجية؟ يرى بعض الخبراء أن هذا الاستحقاق قد يشهد مواجهة بين أطراف داخلية مدعومة خارجياً، بما يهدّد استقرار البلاد ويضعها أمام مخاطر حقيقية.

وفي ظل استمرار تدخل المؤسسات المموّلة من الخارج، يبقى السؤال الأساسي: هل ستبقى الانتخابات البلدية تعبيراً صادقاً عن إرادة الشعب اللبناني، أم ستُستخدم كأداة لتنفيذ أجندات تتنافى مع المصلحة الوطنية؟

تكمن الخشية  في أن تتحوّل الانتخابات البلدية، وفق النموذج السوروسي، إلى بروفة تمهيدية للانتخابات النيابية المقبلة، التي يُعدّ التدخّل فيها تغيّراً مفصلياً في المشهد السياسي اللبناني، عبر السعي إلى الإمساك بمفاصل الدولة. وبالتالي، فإن مصدر القلق لا يقتصر على البعد البلدي، بل يتعدّاه إلى ما هو أبعد وأخطر: تحويل هذه الانتخابات إلى محطة أولى ضمن مسار يستهدف قلب التوازنات الوطنية في الاستحقاق النيابي المقبل.

جوزيان الحاج موسى-نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا