محليات

"حزام ناري" غير مسبوق.. إسرائيل "تريد" العودة إلى أجواء الحرب!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم تكن سلسلة الغارات العنيفة التي استهدفت منطقة النبطية، الخميس، على دفعتين، عاديّة، أو في السياق "المألوف" للخروقات الإسرائيلية اليومية لاتفاق وقف إطلاق النار، التي لم تعد تميّز بين مناطق جنوب وشمال الليطاني، فما وُصِف بـ"الحزام الناري" لم يكن مسبوقًا منذ انتهاء الحرب الدمويّة الأخيرة، حتى إنّ هناك من يجزم بأنّه "غير مسبوق" في الجنوب حتى في مرحلة الحرب، وقد ذكّر بالاغتيالات التي استهدفت كبار قادة "حزب الله".

فمن دون سابق إنذار، وبلا أيّ مقدّمات، نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي عدوانًا جويًا واسعًا على المنطقة الممتدّة بين بلدات كفرتبنيت والنبطية الفوقا وكفرمان، تركّزت على الأودية والمرتفعات والأحراج، لكنّ أصداءها تردّدت في معظم قرى الجنوب، مثيرة حالة من الهلع والرعب في صفوف المواطنين، الذين استرجعوا في ذاكرتهم سريعًا الحرب الأخيرة، وتحديدًا يوم النزوح الكبير، على وقع القصف العشوائي الذي استهدف قراهم وبيوتهم.
 
وفي وقتٍ تعدّدت الروايات الإسرائيلية بين الحديث عن ضرب "هدف مهمّ"، ومهاجمة "بنيت تحتية تحت الأرض"، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ غاراته طالت "عناصر بالإضافة إلى أسلحة وفتحات أنفاق"، مشيرًا إلى أنّ هذه "البنية التحتية تعدّ جزءًا من مشروع كبير تحت الأرض أصبح غير صالح للاستخدام نتيجة الضربات"، يبقى السؤال القديم الجديد: لماذا تصرّ

إسرائيل على خرق وقف إطلاق النار بصورة دائمة، وهل تريد العودة فعلاً إلى أجواء الحرب؟!
 
الرسالة "الثابتة"
 
لعلّ الرسالة "الثابتة" من غارات الجنوب العنيفة، كما من كلّ الخروقات التي لا تتوقف، وإن تصاعدت تارة وخفّت طورًا، سواء في الوتيرة أو الحجم، تبقى أنّ إسرائيل تريد القول إنّها لن تتوقّف حتى تحقيق كلّ أهدافها المُعلَنة من الحرب، والتي تستكملها في مرحلة اتفاق وقف إطلاق النار، وقوامها إنهاء أيّ "تهديد" يمكن أن تمثّله الحدود الجنوبية اللبنانية على المستوطنات، من خلال القضاء على "حزب الله"، أو تقويض قدراته العسكرية بالكامل.
 
بهذا المعنى، يمكن إدراج هذه الخروقات الإسرائيلية المتكرّرة في سياق المعركة القائمة حول "نزع السلاح"، حيث تصرّ إسرائيل على التذكير دومًا بأنّ هذه المعركة ليست داخلية محض، كما يحاول البعض الإيحاء، بل إنّها صاحبة الكلمة العليا فيها، وهي ترفض أيّ مماطلة في تنفيذ هذا الشقّ، وهي مستعدّة للعودة إلى أجواء الحرب إذا ما شعرت بأيّ محاولة للتسويف، عبر طاولة حوار من هنا، أو فرض شروط من هناك.

ولعلّ التركيز على منطقة شمال الليطاني تحديدًا يندرج أيضًا في خانة الرسائل المضمرة في هذا الاتجاه، فإسرائيل لا تريد القول فقط إنّ هذه المنطقة عرضة للاستهداف، شأنها شأن جنوب الليطاني، ولكنّها تردّ ضمنًا على خطاب "حزب الله" القائل بأنّ اتفاق وقف إطلاق النار يتحدّث فقط عن منطقة جنوب الليطاني، وأنّ الحزب ينفّذ ما هو مطلوب منه في هذا السياق، عبر الانسحاب منها، وتسليم الجيش اللبناني معظم مراكزه العسكرية فيها.
 
رسائل في السياسة..
 
استنادًا إلى ما تقدّم، فإنّ الرسالة الإسرائيلية من الغارات العنيفة على جنوب لبنان، تبقى التأكيد على سياسة "الردع"، باعتبار أنّ الاستقرار لن يعود إلى الجنوب اللبناني قبل تنفيذ الشروط الإسرائيلية، وعلى رأسها نزع سلاح "حزب الله" بالكامل، وهي بذلك تتناغم مع رسالة أخرى عنوانها "التصعيد التدريجي"، إذ تريد إسرائيل القول إنّها تترك في جعبتها الكثير من "المفاجآت"، وربما "الصدمات"، وهي مستعدّة دائمًا لكل السيناريوهات.
 
لكن، أبعد من هذه الرسائل "النارية"، ثمّة من يتحدّث عن رسائل سياسية توجّهها إسرائيل من خلال هذا التصعيد، على مستوى الإقليم، وتحديدًا إلى إيران، ولكن أيضًا إلى الولايات المتحدة، عنوانها أنّها "غير معنيّة" بأيّ تفاهمات أو اتفاقات ليست جزءًا منها، ولعلّ الرسالة بهذا المعنى تشمل المفاوضات القائمة بين واشنطن وطهران على مستوى الملف النووي تحديدًا، ولو أنّها ما تزال في مرحلة "كسر الجليد"، برأي الكثير من المتابعين.

 وقد لا يكون مجرد "صدفة" أن يأتي التصعيد الإسرائيلي العنيف جنوبي لبنان، بعيد الاستهداف الإسرائيلي الأول من نوعه لمطار صنعاء، والذي جاء للمفارقة بالتزامن مع إعلان الإدارة الأميركية عن تفاهم مع الحوثيّين على وقف إطلاق النار، لتسارع إسرائيل أيضًا للقول على المستوى العمليّ، لا النظريّ، إنّها "غير معنيّة" بأيّ اتفاق من هذا القبيل، وإنّها جاهزة لتولّي "الجبهة الحوثية" بنفسها، إذا ما انكفأت الولايات المتحدة.

بين الرسائل النارية والسياسية، يبقى الثابت أنّ لبنان لا يزال في عين العاصفة الإسرائيلية التي تضرب المنطقة برمّتها، فالحزام الناري غير المسبوق على منطقة النبطية، أحيا "تروما الحرب"، إن صحّ التعبير، "تروما" لا يريد الجنوبيّون العودة إليها، وقد بدأوا يستعيدون شيئًا من حياتهم الطبيعية، ولو بالحدّ الأدنى، لكنّهم يدركون في الوقت نفسه أن الضمانات المطلوبة لتفاديها غير متوافرة بعد، وقد لا تتوافر في المدى المنظور...

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا