بين الفصل السابع والتمديد.. جنوب لبنان يترقب مصير "اليونيفيل"
تباينت آراء الخبراء بشأن الموقف الأمريكي من مسألة تمديد مهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل"، وسط حملة تقودها إسرائيل داخل أروقة الأمم المتحدة والإدارة الأمريكية، تهدف إلى وقف عمل هذه القوات أو تعديل صلاحياتها بما يخدم مصالحها، من خلال فرض واقع جديد يتمثل في إقامة "منطقة عازلة" تديرها تل أبيب، أو على الأقل نقل مهمة "اليونيفيل" إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
ويمنح الفصل السابع، وفقا لتفسير الأمم المتحدة، قوات "اليونيفيل" صلاحية استخدام القوة عند الضرورة، بدلا من الاكتفاء بالدور السلمي المحدود المنصوص عليه في الفصل السادس.
وتُعد هذه النقلة، في حال حدوثها، مكسباً للمطالب الإسرائيلية، التي تبررها بتكرار المناوشات من جانب "حزب الله" ورفضه تسليم سلاحه، إضافة إلى ما تصفه بمضايقات متكررة يتعرض لها أفراد البعثة الدولية.
وتتزامن التحركات الإسرائيلية مع اقتراب نهاية أغسطس/ آب، وهو الموعد الذي سيُحدد خلاله مصير مهمة "اليونيفيل" في جنوب لبنان، في ظل إدراك أن التمويل الأمريكي للأمم المتحدة – والذي يشمل مساهمة كبيرة في ميزانية "اليونيفيل" – قد يلعب دوراً حاسماً في القرار النهائي بشأن التمديد وصيغة المهمة.
وكانت قوات "اليونيفيل" قد نددت أخيرا بإطلاق نار مباشر من جانب الجيش الإسرائيلي على أحد مواقعها في الجنوب اللبناني، في حادثة هي الأولى من نوعها منذ اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين إسرائيل و"حزب الله"؛ ما أضاف مزيداً من التوتر إلى المشهد.
ويرى المحلل السياسي اللبناني بلال رامز بكري أن إسرائيل لم تتمكن، على الأرجح، من إقناع واشنطن والأمم المتحدة بعدم تمديد مهمة "اليونيفيل"، مشيراً إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا تبدو متوافقة مع حكومة بنيامين نتنياهو في هذا الملف، خصوصاً في ظل الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة والتنديد الأممي بها، إلى جانب مواقف عربية، خاصة خليجية، رافضة للانتهاكات الإسرائيلية التي تمس سيادة لبنان.
ويضيف بكري، في تصريحات لموقع "إرم نيوز"، أن كل هذه العوامل تصب في اتجاه منع إسرائيل من تنفيذ مخططها الرامي إلى فرض منطقة عازلة في الجنوب، تديرها بشكل مباشر تحت ذرائع حماية أمن مستوطناتها الشمالية.
ويشير بكري إلى أن إسرائيل تسعى لإخراج "اليونيفيل" من عباءة الفصل السادس – الذي يحدد دورها بالمراقبة دون تدخل – إلى الفصل السابع الذي يمنحها هامشاً أوسع لاستخدام القوة، مستغلة بذلك التوترات القائمة واتهاماتها المتكررة لـ"حزب الله" بعرقلة عمل البعثة.
ويرى بكري أن المعطيات الميدانية الحالية قد تُفضي بالفعل إلى إعادة النظر في طبيعة مهمة "اليونيفيل"، وربما تبني آلية جديدة مستندة إلى الفصل السابع، لكن ذلك يبقى رهناً بمواقف الدول المؤثرة داخل مجلس الأمن.
من جانبه، يلفت الباحث في العلاقات الدولية داني سركيس إلى أن العامل المالي يلعب دورا حاسما في مستقبل "اليونيفيل"، إذ تتحمل الولايات المتحدة قرابة ثلث تمويل الأمم المتحدة، ما يعادل نحو 280 مليون دولار سنويا، يخصص جزء معتبر منها لدعم قوات الطوارئ في لبنان.
ويضيف سركيس، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن سياسة تقليص النفقات التي تتبعها إدارة ترامب قد تدفعها إلى عدم تأييد التمديد لعمل "اليونيفيل"، في محاولة لتقليل المساهمات الأمريكية، ما قد يترك أثراً مباشراً على استمرارية البعثة في جنوب لبنان.
إلا أن سركيس يشدد في الوقت ذاته على أن وجود "اليونيفيل" يرتبط مباشرة بتنفيذ القرار الدولي رقم 1701، والذي تؤكد واشنطن نفسها على ضرورة الالتزام به، ومن ثم، فإن إنهاء مهمة البعثة الدولية من شأنه أن يخل بالتوازنات الدقيقة في الجنوب اللبناني، خصوصاً في ما يتعلق بملف سلاح "حزب الله" والضغط الأمريكي على الدولة اللبنانية لمعالجته عبر مؤسساتها.
ويختم سركيس بالإشارة إلى أن انتشار الجيش اللبناني في الجنوب لأداء مهامه، لا يمكن أن يتحقق بشكل فعّال من دون التنسيق مع "اليونيفيل"، خاصة مع بقاء القوات الإسرائيلية متمركزة في خمس نقاط حدودية متنازع عليها، وفي حال انسحاب "اليونيفيل"، فإن أي خرق أو تصعيد قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، وليس فقط مع "حزب الله"؛ ما يهدد بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|