خاص: وشوم الندم : من تمجيد الطاغية إلى لعنة الحبر: أجساد تبحث عن التحرر
في شوارع سوريا الممزقة، لا يحمل الناس على أجسادهم ندوب الحرب فقط، بل أيضًا ندوب القرارات التي اتخذوها تحت الضغط أو بفعل الحماسة والانخداع بالدعاية. من بين هذه الندوب، تبرز ظاهرة مؤلمة بدأت تتفاقم بصمت: وشوم تمجّد نظام الأسد، محفورة على أجساد شبان كانوا ضحية آلة البروباغندا أو الخوف، واليوم يبحثون عن الخلاص منها كما يبحثون عن وطن جديد في داخلهم.
شباب كُثر وشموا صور حافظ أو بشار الأسد، أو عبارات تمجّد النظام، على أكتافهم أو صدورهم، في زمن كان فيه التعبير عن الولاء فرضًا لا خيارًا. البعض فعلها بدافع الخوف، والبعض الآخر نتيجة ضغوط أمنية أو اجتماعية، أو حتى تحت وهم البطولة والانتماء. لكن مع تغيّر الزمن، وسقوط الأقنعة، وانكشاف حجم القمع والدمار، باتت هذه الوشوم عبئًا نفسيًا، وأحيانًا خطرًا جسديًا.
العديد من هؤلاء الشبان اليوم يعيشون في سوريا المحررة أو في دول اللجوء، ويخجلون من كشف أجسادهم، أو يخافون من أن تُفهم تلك الوشوم على أنها تأييد لنظام فقد شرعيته أخلاقيًا وإنسانيًا. البعض يخشى الانتقام أو التمييز، والبعض الآخر لا يحتمل ببساطة أن يرى صورة "الجلاد" كل يوم على جسده.
العلاج المؤلم: بين الليزر والندم
إزالة الوشم ليست عملية سهلة، لا من حيث الألم ولا من حيث الكلفة. إذ تتطلب إزالة الوشوم بالليزر جلسات متعددة قد تمتد لأشهر، مع نتائج متفاوتة، وأحيانًا بقاء آثار دائمة. والأسوأ أن تكلفة هذه الجلسات عالية جدًا، ما يجعلها شبه مستحيلة لشاب لاجئ أو عاطل عن العمل. ومع محدودية الدعم، تبقى أجسادهم سجنًا مفتوحًا لذاكرتهم المؤلمة.
ما يحتاجه هؤلاء الشبان ليس فقط حلولًا تقنية، بل أيضًا احتضانًا نفسيًا واجتماعيًا، وتفهّمًا لحجم التناقضات التي عايشوها. يجب أن تتبنى منظمات حقوق الإنسان والهيئات الطبية مبادرات تقدم خدمات إزالة الوشوم مجانًا أو بأسعار رمزية، تمامًا كما تعالج آثار الحرب الجسدية، لأن هذا الألم أيضًا جزء من الحرب.
إنها ليست مجرد وشوم، بل قصص مؤلمة محفورة بالحبر والدم. خلف كل صورة للأسد على الجسد، هناك قلب موجوع، وندم صامت، وصوت يبحث عن غفران. فهل نسمع
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|