عون الى العراق اليوم وعراقجي إلى بيروت الإثنين.. هل يغيب لبنان عن الرادار؟
تزداد الخشيةُ في الكواليس السياسية وخلف الستائر في بيروت من انحسارِ زخمِ الاهتمام الإقليمي والدولي بلبنان، الذي بدا وكأنه تراجع خطوةً عن رادارِ الاهتمام الخارجي بعدما علق في المصيدة، بين إسرائيل التي لم تنجز انسحابَها تماماً و«حزب الله» الذي يعاند في تسليم سلاحه.
وبدا أن لبنان لم ينجح حتى الآن في انضاج ظروفِ تفاهماتٍ داخلية من شأنها الإفادة من الاندفاعة الإقليمية - الدولية لإخراجه من النفق. فـ «حزب الله» يُمَتْرِسُ خلْف احتفاظِ إسرائيل باحتلالها للتلال الـ 5 للاحتفاظ بسلاحه، والجهودُ الدبلوماسية لم تنجح في إرغام تل أبيب على سحْب قواتها.
ولم يعد خافياً أن الولايات المتحدة تتماهى مع الموقف الإسرائيلي الذي يشترط نَزْعَ سلاح الحزب من جنوب نهر الليطاني وشماله وتجفيف الموارد المالية والتسليحية للحزب لإنجاز الانسحاب من جنوب لبنان، وهو الأمر الذي يشكل «أسباباً موجبة» للارتباكِ في بيروت التي تلهو بإنجازاتٍ جانبية.
ومع المراوحةِ في لعبةِ أيهما أولاً «الانسحاب أو السلاح»، وعلى طريقة «البيضة والدجاجة»، تتقدم الملفات الأخرى في المنطقة كأولويات... من المساعي لوقف حرب غزة والنووي الإيراني وصعود نجم سورية، الأمر الذي من شأنه أن يترك لبنان يتدبّر شؤونه، رغم الرصيد الكبير الذي يتمتع به الحُكْمُ الجديد (الرئاسة والحكومة).
ولم تقتصر المخاوفُ في سياق مداولات «الأندية السياسية» في بيروت على احتمال ضياع فرصةٍ ذهبية أمام لبنان، بل تتعداها إلى الخشيةٍ من سيناريوهاتٍ أدهى، كاحتمال هروب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الأمام في اتجاه حرب جديدة على لبنان بذريعةِ نزْع سلاح الحزب كتعويضٍ عن اضطراره إلى وقف حرب غزة تفادياً لإغضاب الأميركيين.
وبين هذا السيناريو الأسوأ الذي يحوم من جديد فوق الوقائع اللبنانية، والإشارات المتزايدة التي تتبلّغها بيروت عن انزعاجٍ أميركي من التباطؤ في طيّ ملف السلاح غير الشرعي، تزداد مَظاهر الاضطراب السياسي الداخلي بفعل الحملاتِ التي يشنّها «حزب الله» على رئيس الحكومة نواف سلام لصوته العالي حيال القرار ببسْط سلطة الدولة على كامل أراضيها.
وبرزت في هذا السياق 3 مفارقات لافتة هي:
- مضيّ الحزب في القول للدولة «ليس لدينا ما نقدّمه وما من شيء عندنا نعطيه الآن لأحد»، في تأكيدٍ للمؤكد على رفضه تسليم سلاحه للدولة.
- تَعَمُّد الحزب تحييد رئيس الجمهورية جوزاف عون وكَيْلِ المديح لحِكْمته في لحظةِ شنّه حملاتٍ على سلام في إطار محاولةً لإظهارِ وكأن ثمة مقاربتيْن في الدولة للموقف من السلاح.
- انضمام رئيس البرلمان نبيه بري، شريك حزب الله في الثنائية الشيعية، إلى الحملة على رئيس الحكومة، مغادراً بذلك مكانته كضابطِ إيقاعٍ. فبعدما وَصَفَ اجتماعَه بالرئيس عون بأنه ممتاز، وجّه رسالةً لسلام عبر إحدى الصحف قائلاً له «بِتْسَخِّن مِنْسَخِّن، بِتْبَرِّد مِنْبَرِّد»، في إشارةٍ إلى موقفٍ رئيس الحكومة من ملف سلاح الحزب.
مظلة الأمان
وعلى وقع هذا المشهد، يَمضي عون في تأمين مظلةِ الأمان العربية لبلاد الأرز، فيزور غداً العراق لشكر قيادتها على وقوفها إلى جانب لبنان بعدما كان زار السعودية والإمارات وقطر والكويت ومصر، إضافة إلى فرنسا.
وأجرى عون أمس اتصالاً برئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان شكره خلاله على إيفاده بعثة رسمية برئاسة مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي عبدالله ناصر لوتاه للاطلاع على حاجات الدولة اللبنانية وأولوياتها، وأتت هذه البعثة ترجمةً لنتائج القمة اللبنانية - الاماراتية التي عقدت في أبوظبي قبل شهر.
وأكد الرئيس اللبناني «أن ايفاد هذه البعثة عَكَسَ الاهتمام الكبير الذي أبداه سموه في دعم لبنان، ما يؤكد مرة جديدة عمقَ العلاقات الأخوية بين الدولتين والشعبين الشقيقين»، معرباً عن أمله في «أن تشكل النتائج التي عادت بها البعثة الاماراتية قاعدةً واضحةً لحاجات لبنان وللتعاون بين البلدين مستقبلاً».
في موازاة ذلك، يولي عون، الذي ترأس قبل يومين اجتماعاً أمنياً، أهميةً لخطة تَسَلُّم سلاح المخيمات الفلسطينية بدءاً من منتصف هذا الشهر، وسط معلوماتٍ عن أن وفداً يضم ضباطاً من السلطة الفلسطينية سيصل إلى بيروت قبل عيد الأضحى لمناقشة التدابير في شأن سلاح المخيمات، والذي سيصار إلى تَسَلُّمه من 3 مخيمات في بيروت في مرحلةٍ أولى.
وفي غمرة هذه العناوين، ورغم انشغالِ طهران بالمفاوضات حول النووي وغبار السيناريوهات العسكرية الإسرائيلية، يحطّ وزير خارجيتها عباس عراقجي في بيروت يوم غد في زيارة رسمية تكتسب أهمية بالغة خصوصاً في ضوء توهُّج ملف سلاح «حزب الله» واستمرار السلطات اللبنانية في منع هبوط الطيران الإيراني في مطار رفيق الحريري الدولي منذ أكثر من 3 أشهر تحت عنوان «الحرص على تأمين سلامة وأمن المطار والأجواء اللبنانية وسلامة جميع الركاب والطائرات».
واتُّخذ هذا القرار في فبراير الماضي تَزامُناً مع منْع طائرة إيرانية من الهبوط في بيروت، بعد تهديداتٍ إسرائيلية بقصف المطار واتهامات لطهران بأنها تَستخدم طائرات مدنية في تهريب أموال إلى بيروت لتسليح «حزب الله».
عمليةَ اغتيالٍ جديدة
وفي الوقت الذي ترتسم معالم سباق جديد بين تسخينٍ إسرائيلي جديد محتمَل على جبهة لبنان وبين «المشروع الأميركي» في شأن غزة، رسّمت تل أبيب حدود ضرباتها التي «لا حدود لها» في «بلاد الأرز» منذ سريان اتفاق وقف الأعمال العدائية في 27 نوفمبر الماضي، والتي تستهدف في شكل شبه يومي «حزب الله»، مراكز وكوادر.
ونفّذت إسرائيل أمس، عمليةَ اغتيالٍ جديدة لمحمد علي جمول الذي استهدفته فجراً مسيّرة أثناء مروره بسيارته في بلدة دير الزهراني الواقعة في قضاء النبطية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|