الصحافة

الذي قتل الفلسطينيين في "حرب المخيمات" يحمي سلاحهم اليوم؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

بين عامي 1985 و1988 اندلعت ما عُرفت بـ «حرب المخيمات» بين حركة «أمل» الشيعية والفصائل الفلسطينية الموالية لحركة «فتح» بقيادة ياسر عرفات. اللافت أن منظمات فلسطينية محسوبة على نظام آل الأسد شاركت أيضاً في المعركة ضد «فتح»، إلى جانب اللواء السادس في الجيش اللبناني، الذي كان واقعاً تحت سيطرة «أمل» وبالتالي خاضعاً للوصاية السورية.

كان الهدف من تلك الحرب واضحاً: محاولة النظام السوري الإمساك الكامل بالقرار الفلسطيني، وكانت حركة «أمل» أداة التنفيذ. وبحسب معطيات رسمية آنذاك، أسفرت الحرب عن نحو 4000 قتيل و7000 جريح، في واحدة من أكثر الفصول دموية في الحرب اللبنانية. ويمكن اختصار المشهد بأن حافظ الأسد استخدم «أمل» الشيعية لتصفية «فتح»، التي وإن ابتعدت عن منهلها «الإخواني « تبقى حركة يغلب عليها الطابع السُني.

اليوم، بعد أربعة عقود، تتكرر اللعبة بأسماء مختلفة. فصائل فلسطينية تدور في فلك «حزب الله» تناصب العداء وريث عرفات، محمود عباس، وتتمرّد على السلطة الفلسطينية كما اللبنانية، متحدّية القرار المشترك الذي عبّر عنه شعار: «لقد ولّى زمن السلاح». عام 2007 وعندما حزم الجيش أمره للتخلص من «فتح الإسلام» في مخيم نهر البارد، قال السيد حسن نصرالله «المخيم خط أحمر». تطرف النقيضين الإسلاميين «حزب الله» و»فتح الإسلام»، تقاطع على حساب بسط سلطة الدولة. واليوم هناك من يذكر بالثمن الكبير الذي دفعه الجيش للتخلص من هذه البؤرة الإرهابية، ويهدد بتكرار السيناريو، رغم سقوط كل الاعتبارات التي كانت قائمة عام 2007.

مفارقة مذهلة: «الثنائي الشيعي» الذي خاض حرباً دموية لنزع السلاح الفلسطيني في الثمانينات، ثم أبعده عن الجنوب، يقاتل اليوم لمنع تسليم هذا السلاح للجيش اللبناني. دماء الآلاف الذين سقطوا آنذاك تبدو وقد أُهدرت بلا طائل، في معركة عبثية تشبه إلى حد كبير خسائر «حرب تشرين»، التي اختُزلت أيضاً إلى مجرد أداة في لعبة أنظمة تبحث عن مجد زائف على حساب شعوبها.

في السبعينات، استُخدم السلاح الفلسطيني لتقويض الدولة اللبنانية، واليوم يستميت «محور الممانعة» للحفاظ عليه كوسيلة لعرقلة استعادة الدولة سيادتها وقرارها. مأزق هذا المحور لا يقتصر على هزائمه العسكرية، بل يمتد إلى إفلاسه الفكري والسياسي، فهو لا يملك مشروعاً قابلاً للحياة، ولا يقدم إلا الحرب المستدامة بوصفها خياراً وحيداً.

وعلى غرار المدّ الناصري الذي انتهى بفشل ذريع رغم امتداده العربي الواسع، يكرر المدّ الشيعي بنسخته الإيرانية الخطأ ذاته، رافضاً الاتعاظ من الماضي، ومنساقاً وراء انتحار بطيء يجرّ خلفه البيئة التي يحتضنها.

التهويل الراهن من نزع السلاح الفلسطيني يشبه صرخة المحتضر قبيل لفظ أنفاسه الأخيرة. اللعبة باتت مكشوفة، ومحور «الممانعة» فقد حتى أوراق التين التي كانت تستر عوراته السياسية. لا شك أنه يراهن على أن تشعل هذه المسألة فتنة داخلية، تؤخّر لحظة الحقيقة: نزع سلاح «حزب الله».

كل المؤشرات تدلّ على أن البلاد تتجه نحو لحظة تصادم حتمية بين الدولة اللبنانية و»حزب الله». ورغم محاولات التريّث والتمهّل التي يعتمدها العهد، إلا أن «الحزب» لا يُبدي أي استعداد لمراجعة خياراته الكارثية التي دفعت بلبنان إلى هذا الدرك السحيق.

إنه نمط انتحاري يرتدي عباءة «كربلائية»، ستعلو شعاراته تدريجياً كلما اقتربت المواجهة. وما بعض تصريحات رجال الدين المحسوبين على «الحزب»، والأبواق الإعلامية التي تهشّم كل إنجازات عهد جوزاف عون، إلا تمهيد لهذا المسار الانحداري.

ويبقى السؤال: ماذا سيفعل العهد إذا وصلت البلاد إلى تلك اللحظة الفاصلة؟

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا