السمّ في حبة دواء... وكشف متواطئين بالجملة!
منذ تصاعد الأزمة الاقتصادية عام 2019، شهدت السوق اللبنانية دخول كميات كبيرة من الأدوية المهربة عبر المعابر غير الشرعية، وعبر تجار "الشنطة" في ظل تراخي التدقيق والمراقبة الصحية والمخبرية، عند المعابر الشرعية.
غالبية هذه الأدوية مزورة، أو منتهية الصلاحية تم التلاعب بتواريخها، وبيعها من خلال صيدليات متواطئة، أو تسويقها "أونلاين" مع خدمات توصيل مجانية، وبأسعار تنافسية.
بيد أن أخطرها هي الأدوية المغشوشة والمصنعة من مكونات وهمية، بيعت للمرضى تحت علامات تجارية عالمية مزورة، وبمبالغ طائلة، فيما هي سموم كيميائية هددت حياة المرضى.
وأمام خطورة تفشي وتوسع ظاهرة الغش الدوائي، يعقد اليوم اجتماع استثنائي للجنة الصحة النيابية، بدعوة من رئيسها النائب بلال عبد الله، دعي إليه وزراء الصحة، العدل، الداخلية والدفاع، بالإضافة إلى قادة الأجهزة الأمنية المعنية، ونقابتي الصيادلة ومستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات.
دعوة 4 وزراء، مع أجهزة أمنية ونقابات عدة، لم تأت من فراغ، بل من المستجدات الخطيرة لمضمون ملف الأدوية المزورة والمهربة، ومن المعلومات التي تكشفت على وقع تفجر فضائح متتالية طالت القطاع الصيدلاني، وكشفت خطورة ما يواجهه اللبنانيون في حبة دوائهم، وصحة مرضاهم.
النائب عبدالله أكد أن "حجم الأدوية المهربة والمزورة، يوازي ثلث حجم مبيعات القطاع"، وطالب "الدولة والأجهزة الامنية والجمارك ووزارة الصحة والنقابات المعنية اعلان حال طوارئ دوائية. وكلجنة صحة نيابية، سنقوم بواجبنا حيال هذا الامر".
تشير مصادر "النهار" أن الموضوع لخطورته الصحية والإقتصادية، محل متابعة من رئيس الجمهورية، وأن الأجهزة الأمنية قامت أخيرا بجملة مداهمات، أبرزها مداهمة شقة في منطقة برمانا، ضبطت داخلها كميات كبيرة من الأدوية المزورة والمهربة، ما أدى الى كشف شبكة منظمة تضم نحو 70 صيدلية في مختلف المناطق متورطة في بيع وتوزيع الأدوية المهربة والمزورة. وتلت العملية، مداهمة أخرى لصيدلية كبرى في بيروت، ضبط فيها نحو 1700 علبة دواء غير شرعي. وقد أدى إفتضاح تورط زوجة ضابط كبير في الأمن العام، بالمتاجرة بالأدوية المزورة والمهربة، ضمن شبكة متشعبة المصالح، إلى إكتشاف حجم إتساع رقعة التورط في تجارة الموت الصامت.
وفي السياق الوقائي، ضبطت الأجهزة في منطقة المزرعة في بيروت، شركة تعلن وتدعي العمل بالمنشطات، فيما تبين أنها تدير شبكة لتهريب الأدوية عبر مرفأ طرابلس.
وقد أشارت مصادر صحية الى إنتظام توافر جميع الأدوية المسجلة لدى وزارة الصحة في السوق، وعدم فقدان أي صنف منها خلال الحرب الأخيرة، ما يلغي مبررات التهريب.
ويذكر أن نتائج الفحوص المخبرية على إحدى عبوات أدوية السرطان المضبوطة، والمجهولة المصدر، أظهرت خلوها من أي مادة علاجية، بل مياه وملح فقط، في استهتار فاضح بحياة المرضى، وموت الضمير الإنساني للمتواطئين.
يهدف الإجتماع الاستثنائي اليوم، للجنة الصحة النيابية، إلى حشد الوزارات، الأجهزة الأمنية والنقابات تحت سقف قرار موحد، يفرض إجراءات حاسمة لضبط التفلت، وفرض المساءلة والمحاسبة. وقد برزت جدية المعنيين في دعوة وزير الصحة، وزير العدل لحضور الإجتماع، لمعرفة مصير الشكاوى المحالة من وزارة الصحة، والتي تترك غالبا دون متابعة قضائية.
ماذا بعد إجتماع اليوم؟ والقرارات الجدية المنتظرة منه، ومن سيعطي اللبنانيين إجابات صادقة على أسئلة مثل: من يضمن جودة الأدوية التي تباع في الصيدليات؟ هل ستتخذ وزارة الصحة إجراءات سريعة وصارمة بحق الصيدليات المتواطئة؟ هل ستستكمل الأجهزة الأمنية كشف وتفكيك جميع الشبكات؟ وهل ستتابع وزارة العدل الملف فعليا وملاحقة المتورطين جزائيا؟ وكيف سيستعيد القطاع الصيدلاني ثقة المواطنين، بعد كل ما جرى؟
لذا، المطلوب التشدد في تطبيق القانون، وإعلان الأجهزة الرقابية، ووزارة العدل، بشفافية عن التحقيقات والإجراءات، لإنقاذ القطاع الصيدلي، وإعادته لوظيفته كمرفق موثوق، وليس منصة لتصريف أدوية وعلاجات فاقدة للصلاحية كضمير موزعيها وبائعيها.
واخيراً هل ستقفل الصيدليات بشكل نهائي وهل ستكشف اسماء المتورطين ليكونوا عبرة لغيرهم؟
سلوى بعلبكي - "النهار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|