وزير خارجية إيران اليوم في بيروت: ولّى زمن العواصم الأربع
سيتأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اليوم في بيروت، أنّ هذه المدينة لم تعد إحدى العواصم الأربعة في المنطقة والتي تديرها إيران. ويمكننا الوقوف تفصيلًا على الموقف الإيراني السابق من العاصمة اللبنانية بالعودة إلى تصريح أدلى به قائد “فيلق القدس” في الحرس الإيراني الجنرال قاسم سليماني عندما كان النفوذ الإيراني في ذروته في لبنان.
سيهبط عراقجي من الطائرة الإيرانية الآتية من القاهرة في مطار رفيق الحريري الدولي حيث ستخضع لإجراءات التفتيش الروتينية النافذة منذ بدء المرحلة الجديدة في لبنان في بداية العام الجاري. ولن يصدر عن الوزير الإيراني، أو من أحد مرافقيه، أي اعتراض وهو يشاهد حقيبته تمر عبر جهاز السكانر للتأكد من خلوها من أي مادة يحظر إدخالها إلى هذا البلد. ولا تقتصر إجراءات التفتيش على الوفد الإيراني الواصل اليوم، بل باتت معممة على الواصلين إلى الأراضي اللبنانية من شتى أصقاع الأرض.
سيصل عراقجي الى لبنان من مصر. لا يبدو الأمر عاديًا. فقد كانت بوابات إيران إلى لبنان في مرحلة سابقة تدور كلها في فلك الجمهورية الإسلامية. ولا شيء يمنع أن تصل الطائرة الإيرانية من طهران مباشرة إلى بيروت.
يتحدث برنامج زيارة عراقجي عن أنه يتضمن المحطتين المصرية واللبنانية تباعاً. ولم يرد ذكر دمشق التي كانت على مدى أكثر من أربعين عامًا محطة إلزامية لكل المسؤولين الإيرانيين الذين زاروا لبنان. لكن الدنيا لم تعد هي نفسها بعد سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول الماضي. ولعل عراقجي نفسه فاز بالفرصة الأخيرة للقاء الأسد في آخر زيارة قام بها للبنان في 4 تشرين الثاني الماضي أي في الشهر الأخير قبل انهيار نظام الأسد وفرار الأخير إلى روسيا حيث لا يزال هناك منذ ذلك التاريخ.
يأتي عراقجي وفي ذاكرته بوضوح الدرس الذي تعلمه في آخر زيارة قام بها للبنان في 23 شباط الماضي عندما حضر إلى بيروت في عداد وفد إيراني رفيع المستوى شارك في تشييع الأمين العام السابق لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله . وترأس الوفد رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف. وخلال لقاء الوفد مع رئيس الجمهورية جوزاف عون في قصر بعبدا صرّح قاليباف أن بلاده تدعم أيّ قرار يتخذه لبنان بعيداً عن أي تدخل خارجي في شؤونه. فرد عليه الرئيس عون أن “لبنان تعب من حروب الآخرين على أرضه. ولفت زائره إلى ما أشار اليه الدستور الإيراني في مادته التاسعة التي تؤكد على ان “حرية البلاد واستقلالها ووحدة أراضيها وسلامتها، هي أمور غير قابلة للتجزئة”، كما تؤكد على انه “تتحمل الحكومة وجميع افراد الشعب مسؤولية المحافظة عليها، ولا يحق لأي فرد او مجموعة او أي مسؤول ان يلحق ادنى ضرر بالاستقلال السياسي او الثقافي او الاقتصادي او العسكري للبلاد، او ان ينال من وحدة أراضي البلاد بحجة ممارسة الحرية”.
سيلتزم عراقجي اليوم الأصول التي تعتمدها الدول ذات السيادة ألا وهي ان وزير الخارجية الزائر يبدأ محادثاته مع نظيره في البلد المضيف. وعليه، سيتضمن برنامج لقاءات الوزير الإيراني اول اجتماع له مع وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي . لكن عشية زيارة المسؤول الإيراني شنّ “حزب الله” ولا يزال حملة على الوزير رجي الذي واصل بلا توقف المطالبة بالتزام “الحزب” بصورة حازمة تنفيذ القرار 1701 . وتضمنت آخر دفعة من تصريحات “حزب الله” المناهضة للوزير رجي تصريح للنائب في كتلة “الحزب” امين شري الذي قال ان وزير الخارجية “يتصرف وكأنه ليس وزير خارجية لبنان، متخليًا عن دوره الوطني ” كما قال . وخاطب شري رجي قائلا: “احترم سيادة لبنان، فالالتزام بسياسة لبنان وحكومته واجب لا مناص منه”.
بدوره خاطب حسين الموسوي المستشار السياسي للأمين العام الحالي ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم الرئيس عون قائلا : “فخامة الرئيس، لم أخاطب الرئيس المباشر للوزير الذي يُفترض أنه وزير خارجية لبنان لكنني أخاطبكم أنتم! إلى متى سيستمر هذا الوزير ملتزمًا بسياسة حزبه على حساب مصلحة الوطن ووحدة أبنائه”؟
لم يسبق للبنان منذ نحو نصف قرن ان عرف وزيرا للخارجية مثل الوزير الحالي الذي اسقط اللغة الخشبية التي مارسها اسلافه في التعامل مع موضوع السيادة. كذلك لم يسبق للبنان طوال هذه الحقبة ان عرف سلطة تنفيذية ممثلة بالرئيسين عون ونواف سلام يتخذان موقفا سياديا كالذي يتخذانه منذ ان حل الأول في قصر بعبدا وحلّ الثاني في السراي الحكومي.
يعلم عراقجي عندما يدخل مكتب وزير الخارجية اللبناني اليوم ان كلام حليفه في الضاحية الجنوبية لبيروت بحق الوزير رجي هو “عاصفة في فنجان” . وسيحرص على انتقاء الكلمات بعناية وهو يصرح لدي خروجه من مكتب مضيفه. فهو يعلم ان للبنان أبواب التي تمثلها كدولة مستقلة ذات سيادة. كما سيحرص على عدم الظهور كمتدخل في الشؤون الداخلية للبنان. وبات مؤكدا ان زمن سلفه حسين امير عبد اللهيان الذي لقي مصرعه في حادث تحطم المروحية مع الرئيس الإيراني الأسبق إبراهيم رئيسي قد ولى. ومن يعد الى الأرشيف يتبين ان ايران تعاملت مع لبنان كبلد تابع. ولم يعرف عبد اللهيان طوال حياته السياسية التعامل مع هذا البلد إلا كحاكم اداري عندما يصل الى بيروت. لكن لم يعش ليرى ان خلفه عراقجي لم يعد يتمتع بهذا الامتياز.
أحمد عياش -”هنا لبنان”
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|