شطب الودائع وضوح وغموض
إذا اعتبرنا كلام رئيس الحكومة نواف سلام من المسلمات التي لا يمكن تجاوزها، وإذا بنينا على هذا الواقع الافتراضي تحليلاً لموضوع الودائع،انطلاقاً من مقولة أنه يجب شطب كلمة شطب الودائع، بما يعني أن الشطب ممنوع، هذا يقودنا إلى مجموعة من الحقائق والاستنتاجات، مُقسّمة بين ما هو غامض وما هو واضح حتى الآن.
النقاط الواضحة والغامضة في آن في ملف الودائع، كما تبدو اليوم، هي التالية:
أولاً- الحكومة تعهدت بعدم الشطب بما يُفترض أن يعني أن كل الودائع ستعود كاملة إلى أصحابها. الأمر الغامض في هذا التعهد، يرتبط بالسؤال التالي: ما هو تعريف عدم الشطب. وهل أن إلغاء الفوائد المتراكمة المرتفعة هو شطب أم لا؟ وهل التصنيف بين ما هو مؤهل وغير مؤهل شطب أم لا. وهل أن استثناء من استفاد من صيرفة أو مال الدعم، هو شطب أم لا؟ وهل أن عقد صفقات تسوية مع من لم يصرّح عن مداخيله، واعتُبر متهرباً من دفع الضرائب، هو شطب؟
كل هذه الاسئلة تحتاج إلى توضيحات لأنه بناء على الأجوبة يمكن إزالة الغموض عن مسألة ماهية الشطب.
ثانياً- يلعب مصرف لبنان بقيادة كريم سعيد دوراً رائداً في رسم قانون معالجة الفجوة المالية. ويبدو أن الأطراف الأخرى تراجعت بإرادتها لتفسح في المجال أمام البنك المركزي للقيام بهذه المهمة الصعبة. ولا يبدو أن سعيد يستهيب الموقف، بل إنه يوافق على أخذ الأمور بصدره. فهو انتحاري، حسب وصف أحد الوزراء له، مع تأكيد الوزير المعني أن كلمة انتحاري هنا هي من منطلق الإشادة بالرجل وليس الذم.
ثالثاً- انتهت مقولة تحميل المسؤولية لطرف واحد. وأصبح من المسلّم به أن الحفاظ على القطاع المصرفي من أولويات كل الخطط التي يمكن طرحها لحل أزمة الودائع. لكن النقطة الغامضة تكمن في كيفية توزيع المسؤوليات، والتعبير عن هذا التوزيع مالياً.
رابعاً- ما هو واضح أن مصرف لبنان ينوي تصغير حجم الفجوة المالية المطلوب معالجتها. وما هو غامض، الطريقة التي ستُعتمد لضمان انكماش حجم الودائع المطلوب تسديدها من حوالى 85 مليار دولار إلى حوالى 50 مليار دولار.
خامساً- إعادة الودائع ستتم من خلال تقسيمها إلى ثلاث فئات. وإذا كان واضحاً أن الودائع حتى سقف المئة ألف دولار ستكون لها الأولوية في توقيت التسديد، فإن ما هو غامض مدة وطريقة تسديد ما تبقى من ودائع، خصوصاً أن الأموال للفئة الاولى قد تكون متوفرة تقريباً، في حين أن الأموال للفئتين المتبقيتين غير موجودة، وينبغي الاتفاق على كيفية تأمينها من قبل الأطراف المعنية بالمسؤولية.
سادساً- مواصلة تثبيت سعر الصرف ستستمر في المرحلة المقبلة التي تسبق الاتفاق مع صندوق النقد، بعد إنجاز قانون الفجوة المالية، وبدء تطبيق خطة للتعافي. لكن ما هو غامض، كيف سيتم التعاطي مع أسعار الصرف بعد الاتفاق مع الصندوق، خصوصاً أن الانتقال من مرحلة التثبيت المُصطنع إلى مرحلة التحرير المُراقب، ستفرض الانتقال إلى السعر الحقيقي لليرة. وحتى اليوم، لا تأكيدات اقتصادية، أو ميدانية من السوق، يمكن البناء عليها لتقدير هذا السعر.
أنطوان فرح - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|