هل سرّب سلام أجواءً ضدّ عون؟
ليس تفصيلاً أن يُنشر مقالٌ غير مُوقَّع في موقعٍ إلكتروني يُصنّف كأكثر وسيلة إعلاميّة قرباً من رئيس الحكومة، ويتحدّث عن استعانة رئيس الجمهوريّة بعددٍ كبيرٍ من المستشارين وعن تخطّيه، في أكثر من ملفٍّ ومسألة، لصلاحيّات الرئاسة وتعدّيه على صلاحيّات الحكومة ورئيسها. تحرص مصادر رئاسة الحكومة على نفي أيّ خلافٍ أو تباين بين الرئاستين الأولى والثالثة، ولكن، في الوقت عينه، يمكن استنتاج انزعاج رئيس الحكومة نواف سلام، ومقرّبين منه، من تعاطي الرئيس جوزاف عون المباشر في أكثر من ملفّ، من دون تنسيقٍ مع رئيس الحكومة.
والحقيقة أنّ عون اختار، منذ انتخابه، أن يذهب بعيداً في استخدام صلاحيّاته الدستوريّة مستفيداً من الزخم الداخلي والخارجي في تأييده، وهو ما لم يتوفّر لسلام. ناهيك عن الاختلاف في الشخصيّات بين الرجلين: عون الواثق والجريء والعسكري في سلوكه، مقابل سلام المرتبك الذي “يدير أذنه” لبعض المقرّبين، وهم من مشارب مختلفة ومتناقضة.
ثمّة عامل آخر لا يمكن التقليل من أهميّته في بلدٍ مثل لبنان: يملك عون شرعيّة مسيحيّة من خلال تأييد قوى سياسيّة مسيحيّة له، إلى جانب التأييد الشعبي، وهو عزّز ذلك عبر إطلالاتٍ مسيحيّة، من كنائس وأديرة، ما أعطاه صورة الرئيس المسيحي المؤمن الحقيقي، وهي صورة افتقدها أسلافه الذين اضطرّوا إلى مسايرة طوائف أخرى لأسبابٍ سياسيّة. أمّا سلام فيفتقد للشرعيّة السنيّة، إذ أنّ علاقته مع المرجعيّات الروحيّة غير جيّدة، كما أنّ غالبيّة المرجعيّات والشخصيّات السنيّة تملك ملاحظاتٍ على أدائه، وينتظر بعضها بفارغ الصبر موعد تشكيل الحكومة المقبلة، بعد الانتخابات النيابيّة، لإزاحته من موقعه والجلوس مكانه.
هذه العوامل كلّها، وأخرى غيرها، تعطي تفوّقاً لرئيس الجمهوريّة على رئيس الحكومة، وهو أمرٌ طبيعي ولكن لم يكن معتاداً. لذا، فإنّ سلام لن يكون قادراً لفترة طويلة على إخفاء انزعاجه من “سطوة” عون، خصوصاً أنّه لم ينسَ بعد خسارة معركة تعيين حاكم مصرف لبنان. علماً أنّ سلام يدرك جيّداً أنّ دخوله في خلافٍ علنيّ مع الرئيس عون ليس في صالحه. هو سيكتفي، حتى إشعارٍ آخر، بالتعبير على لسان آخرين، تماماً كما حصل في المقال الذي كتبه أحد المقرّبين منه، من دون أن يوقّعه باسمه.
زياد مكاوي -“هنا لبنان”
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|