الصحافة

تدوير الزوايا يفرمل العهد وبري "يجمع العرقلة من طرفيها"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كان يصعب على اللبنانيين تصديق أي توقع ولو كان يتضمن شيئاً من المنطق، حول احتمال الانسحاب السوري من لبنان، على الرغم من تصاعد المواجهة على خلفية القرار 1559 والتمديد للرئيس إميل لحود خلافاً لمضمون القرار، لكن ما بدا مستحيلاً أو قدراً أبدياً تم بسهولة ملفتة وسرعة معبّرة في 26 نيسان 2005 على أثر اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه واندلاع انتفاضة الاستقلال.

 

أما المستحيل الآخر والذي تحقق بسرعة أثارت الدهشة، فتمثل برحيل النظام السوري، الذي كان الوحيد الباقي بطابعه الديكتاتوري الأوليغارشي الوراثي من تركة الاتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي إلى جانب النظام في كوريا الشمالية. فالسوريون ظنوا طويلاً كما ظن اللبنانيون أن سقوط بشار أمر مستبعد جداً، لا سيما وأن مختلف الأنظمة العربية التي عصفت فيه الثورات تغيرت أنظمتها وتغير قادتها، باستثناء سوريا، حيث كان مواطنوها متروكين لقدرهم موتاً وقمعاً وبراميل متفجرة وقنابل كيماوية وتهجيراً وإذلالاً، ما شكل حالة فريدة استدعت الحيرة لدى المراقبين، إلى أن زفت الساعة التي لم يصدقها السوريون لوهلة أولى، بل شكك البعض أو حافظ على حذره في ضوء التجارب المريرة والمؤلمة مع النظام البائد.

 

قبل أيلول الماضي كان من الصعب جداً تصور اغتيال السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، وقبل اندلاع عملية "طوفان الأقصى" كان من رابع المستحيلات تصوّر إطاحة أبرز قادة "الحزب"، والتفجير الجماعي لأجهزة البيجر بحامليها وتدمير جزء كبير من البنية العسكرية لـ "حزب الله" والذي كرس سنوات طويلة لإعدادها تحت الأرض وفوق الأرض.

 

اليوم يُطرح تخلي "حزب الله" عن سلاحه لمصلحة الدولة اللبنانية، وهو أيضاً خيار مستحيل بالنسبة لقيادة "الحزب"، على الأقل كما توحي سياسياً وإعلامياً، لكنه خيار ممكن جداً بالنسبة للمجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، وللدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. كما أنه خيار منطقي ولا بد منه بالنسبة للأكثرية الساحقة من اللبنانيين.

ومن الواضح أن "حزب الله يلعبها صولد"، ويبحث عن مبررات شتى للاحتفاظ بسلاحه، مراهناً على خشية أهل الحكم والحكومة من فتنة داخلية، وصدامات مذهبية، فضلاً عن اقتناعهم ولو بشكل غير مباشر بالحوار، ما يمثل فرصة للمماطلة والمناورة حتى إشعار آخر.

 

على أن الرئيس نبيه بري يتولى في المقابل دوراً مزدوجاً ولا يمكنه التملص منه، فشقه الأول هو تأمين الغطاء السياسي وتالياً الحماية لـ "الحزب" من الضغوط المتصاعدة عليه بالنسبة لسلاحه بشكل أساسي، في موازاة تأمين الحماية لأسماء عدة مرشحة للتشكيلات الدبلوماسية والقضائية والتعيينات الإدارية، وهو ما يمثل الشق الثاني. ومن الواضح أن الرئيس بري ومن خلاله الثنائي الشيعي، يريد التعويض مهما بلغ الثمن عن خسائره الفادحة في حرب إسناد غزة.

ولذلك، يمترس "أبو مصطفى" وراء حجة الاضطهاد الذي يتعرض له الشيعة لانتزاع التفهم المطلبي لتوزيع عدد من الأنصار والمحاسيب، في مواقع تعود للشيعة أو لطوائف أخرى يريد الهيمنة عليها، لأن ما يمكن تحقيقه اليوم لن يكون غداً في متناول اليد على الأرجح.

 

ومن هنا ضرورة التنبه لنوايا الثنائي والتصدي لبعض اندفاعاته وتصرفاته التي باتت أقرب إلى عراضة كبيرة لحسابات صغيرة. مع العلم أن "حزب الله" يتعاطى مع الوقائع يوماً بيوم وصداماً بصدام، ويحرص على رعاية ولو بالحد الأدنى لتطلعات جمهوره. ويصف سياسيون سياديون الحملة المضادة التي يقودها "حزب الله" على عدد من نواب "القوات اللبنانية" والقوى السيادية ومسؤوليها، بأنها لتغطية إرباكه وعجزه، والحفاظ على مناعة بيئته التي مع ذلك بدأ يعتريها الضعف، علماً أن أحد أهداف تلك الحملة يصل بمراميه ورسائله إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، لا سيما وأن أياً منهما لم يبدِ أي انزعاج من المواقف المتقدمة لوزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي.

 

وفي ما خص تداعيات المواجهة والجدل حول السلاح، فإن جانباً منها يطاول الواقع الاقتصادي والمالي، إذ إن محاولة التملص من رد الودائع بشكل أو بآخر وُوجه برفض شديد من أبرز حزب سيادي، بعدما استمع رئيسه مطولاً لخبراء ماليين لبنانيين يعملون في الخارج، والذين أوصوا بإعادة النظر في مشروع القانون المطروح لإعادة هيكلة المصارف، وهذا ما حصل. على أن الواضح أن لا مساعدات نوعية للبنان سواء للإعمار أو للاستثمار حتى إشعار آخر، بل إن هؤلاء الخبراء يستبعدون أن تتم الاستجابة الجدية للمودعين بهدف سحب ودائعهم، طالما أن مسألة حصرية السلاح ما زالت موضع "أخد ورد"، وتالياً من أين سيتم توفير الأموال اللازمة، إلا إذا كان لدى أركان الحكم والحكومة ما يقولونه بشكل أكثر جرأة وصراحة، قبل أن ينحسر الغطاء الدولي والعربي ويترك لبنان لمصيره تفككاً ومراوحة.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا