الصحافة

لبنان في مهبّ العاصفة: استنكار وحياد

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

دخلت المنطقة أجواء حرب حقيقية جرّاء الضربات العسكرية الإسرائيلية ضدّ طهران، غير المسبوقة في تاريخ الصراع بين الدولتين. وكما العديد من دول العالم، فوجئت السلطة في لبنان بالتوقيت وحجم الضربة العسكرية، مع ترقّب لنتائجها المباشرة وغير المباشرة، لا سيّما أنّ حركة الموفدين الدوليّين التي بدأت بجولة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، إضافة إلى الزيارة التي كانت متوقّعة للموفد الأميركي توماس بارّاك، وغيره من الزوّار الدوليين، كانت توحي بأنّ زرّ الحرب لن يُكبس بسهولة، في ظلّ رهان لم يكن في محلّه على عدم منح واشنطن الإذن لإسرائيل بكسر المحظور!

تداعى لبنان الرسمي إلى إصدار بيانات استنكار عالية اللهجة ضدّ الهجوم الإسرائيلي على طهران، الذي طال قادة أمنيّين كباراً، وعلماء إيرانيين في المجال النووي ومنشآت نووية. استُحضرت على الفور مشاهد اغتيال إسرائيل لقادة من “حماس” و”الحزب” في الضاحية الجنوبية، بعد تداول صور عن أسلوب اغتيال إسرائيل لقادة إيرانيين أمنيّين داخل منازلهم “الآمنة” واستهداف غرف محدّدة داخل بعض المباني. وهو ما كرّس واقع الانكشاف الأمنيّ لقادة “الحزب” في لبنان وإيران معاً، و”حرّية الحركة” التي أتاحت للعدوّ الإسرائيلي تنفيذ ضربات مؤلمة لـ”الحزب” بدءاً من “البيجر” واغتيال كبار قادته، على رأسهم الأمين العامّ السابق لـ”الحزب” السيّد حسن نصرالله، وتدمير جزء من ترسانته العسكرية، ثمّ تكرار جزء من هذا السيناريو في طهران إلى حدّ إعلان إسرائيل “إنشاء الموساد قاعدة طائرات مسيّرة متفجّرة (انتحاريّة) بالقرب من أنظمة عسكرية في إيران، وإطلاقها عند بداية الهجوم، ومشاركة فرق كوماندوس في نشر أنظمة تشغيليّة لأسلحة دقيقة في مناطق مفتوحة داخل إيران”.

من الفاتيكان إلى بيروت

بين الفاتيكان، حيث يوجد رئيس الجمهورية جوزف عون في زيارة رسمية وعائليّة يومَي الخميس والجمعة، وبيروت حيث كان يستعدّ رئيس الحكومة نوّاف سلام للمشاركة في مؤتمر حلّ الدولتين في نيويورك يوم الثلاثاء المقبل، ومقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة حيث كان الرئيس نبيه برّي مع فريق لصيق إلى جانبه يتابع تطوّرات الضربة الإسرائيلية لإيران، كان الهمّ اللبناني ينحصر بعدّة مسائل:

– محاولة لبنان حصر التداعيات المباشرة لقرار إسرائيل الانتقال، كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس، من استهداف أذرع إيران في المنطقة إلى ضرب “رأس الأخطبوط”. وكما حَصَد العدوان الإسرائيلي الأخير على الضاحية عشيّة عيد الأضحى، موقفاً رئاسيّاً ثلاثيّاً موحّداً، برز التناغم الرئاسي في لهجة الإدانة للضربة الإسرائيلية بوصفها ضربة “للجهود والمبادرات الدولية للمحافظة على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والدول المجاورة، واعتداءً صارخاً على السيادة الإيرانية”.

تقاطعت المواقف الرئاسية مع الموقف السعودي الذي استنكر “الاعتداءات الإسرائيلية السافرة على الجمهوريّة الإسلامية الإيرانية الشقيقة، التي تمسّ سيادتها وأمنها، وتمثّل انتهاكاً للقوانين الدولية”.

– على الرغم من الوضع الأمنيّ – العسكريّ لـ”الحزب” بعد “حرب الإسناد”، وتوقيع اتّفاق وقف إطلاق النار، وما تلاه من اعتداءات إسرائيلية يومية ارتكزت على اغتيال المزيد من قادته في ظلّ قرار مُعلن من جانبه بـ”ترك الدولة تتصرّف”، برز تخوّف رسمي واضح من أيّ ردّة فعل من جانب “الحزب” أو “حماس” على ما تعرّضت له طهران. وقد حصلت فعلاً اتّصالات مع بعض قادة “الحزب” لـ”الاستطلاع وطلب عدم التدخّل بأيّ طريقة”.

المفارقة أنّ البيان الأوّل الذي لمّح إلى هذا الأمر صدر عن الحليف المسيحي “السابق” لـ”الحزب”، “التيّار الوطني الحر”، الذي حذّر من أن “لا يكون لبنان طرفاً في هذا النزاع، ويدعو الجميع إلى تحييده عن أيّ تدخّل أو تورّط في هذه الحرب، وهو ما يقتضي التزام سياسة تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية وتحصين الجبهة الداخلية، وعدم تحويل لبنان إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية”. من جهة العدوّ، ذكرت القناة 12 الإسرائيلية أنّ “الجيش أعدّ خطّة هجوم في حال تمّ إطلاق نار من لبنان”.

– اتّجهت الأنظار أمس إلى الجنوب، في ضوء التصعيد الإسرائيلي الإقليمي الخطير. لكنّ معلومات “أساس” أفادت بأنّ الهدوء سيطر على منطقة جنوب الليطاني، ولم تُرصَد تحرّكات، أو استنفار، في ما يخصّ نشاط “اليونيفيل” والجيش اللبناني.

جنوب اللّيطاني خالٍ من السّلاح

تقول مصادر مطّلعة إنّ “منطقة جنوب الليطاني خالية تقريباً من سلاح “الحزب” بنسبة كبيرة، واحتمالات حصول أيّ ردّة فعل من داخل هذه المنطقة ضعيفة جداً، ولا مصلحة أوّلاً لـ”الحزب” فيها. وهناك شبه تطويق لأيّ تحرّكات لـ”حماس” خارج منطقة جنوب الليطاني. ويبقى أنّ أيّ تصعيد قد يطال لبنان، بالتزامن مع الهجوم الإسرائيلي على طهران وبعض منشآتها النووية، سيكون نقطة انطلاقه الحسابات الإسرائيلية حصراً، وليس أيّ ردّة فعل من جانب أيّ “فصيل” في لبنان”.

جاء  بيان “الحزب” أمس  متماهياً مع هذا الواقع فلم يشِر إطلاقاً إلى احتمال الردّ، مؤكّداً في المقابل أنّ الاعتداء “لم يكن ليحصل لولا الموافقة والتنسيق والتغطية الأميركية ‏المباشرة، التي ‏تسعى واشنطن إلى التنصّل منها درءاً لأيّ تداعيات عليها”.

– وفق المعلومات، “شَبَكَت” الاتّصالات الرسمية أمس، بشكل مُركّز، مع الجانب الأميركي في محاولة تقصّي أيّ “معلومة” في شأن مدى اتّساع حدود الضربة الإسرائيلية، ونتائجها، وحدود الغطاء الأميركي لها في ظلّ تطمينات أتت للجانب اللبناني بأنّ واشنطن لن تسمح بانفلات قواعد اللعبة، وستلعب دور “المُدوزِن” لتداعياتها.

فيما كان لبنان تحت وطأة “الأخبار العاجلة” الآتية من طهران وتل أبيب ودول القرار، شكّل لقاء رئيس الجمهورية مع البابا لاوون الرابع عشر مناسبةً لتأكيد المسلّمات اللبنانية في شأن حصر السلاح بيد الدولة، وحياد لبنان عن نزاعات المنطقة بما في ذلك “التهاب” خطّ النار بين إسرائيل وإيران، والتأكيد على الجهد اللبناني للوصول إلى مرحلة التعافي في ظلّ حاجته الملحّة إلى تكريس الاستقرار.

ملاك عقبل -اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا