بالصور ـ التيار البحري يسحب عددًا من روّاد البحر عند شاطئ الدامور
إيران على مفترق طرق حاسم… أميركا تريد ضبط النظام أم ضربه
تمرّ إيران اليوم بمنعطف استراتيجي حاسم يعكس تصاعد أزمة معقدة تجمع بين هشاشة الوضع الداخلي، وتداخل الصراعات الإقليميّة، وتصاعد الضغوط الدولية غير المسبوقة. ففي ظل تصاعد المواجهة بين طهران والقوى الكبرى، ولا سيّما الولايات المتحدة وإسرائيل، تتبوأ إيران موقع بؤرة الصراع المحوري الذي يعكس عمق التنافس حول مستقبل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط.
هذه الدولة، التي ظلّت لعقود محور توازنات معقدة، تواجه اليوم تحديات وجوديّة تجسد صراعاً متعدد الأبعاد بين طموحات نووية تهدف إلى إعادة تشكيل قواعد اللعبة، وبرنامج صاروخي يهدد الاستقرار الإقليمي، في ظل منظومة من العقوبات والضغوط العسكرية التي تحاصرها من كل اتجاه، والأمر ليس مجرّد صراع بين دول فحسب، بل معركة مصيريّة تحيط بها حسابات دوليّة متشابكة، تمتد جذورها إلى تحولات جيوسياسيّة عالميّة، تجعل من دراسة الواقع الإيراني ضرورة لفهم مآلات المنطقة والعالم بأسره.
في اتصال هاتفي مع الدكتور إيلي الهندي، تناولت "الكلمة أونلاين" معه الموقف الأميركي من التطورات الأخيرة في المنطقة، وبخاصة ما يتعلق بإيران والضربة الإسرائيلية الأخيرة، ويوضح الهندي أنّ القراءة العامّة للموقف الأميركي، سواء في عهد الرئيس دونالد ترامب السابق أو في الإدارة الحاليّة، تُظهر بجلاء أنّ الولايات المتحدة لم تسعَ حتى الآن إلى إسقاط النظام في إيران، بل ركّزت على دفع النظام إلى تغيير سلوكه فقط.
ويشير إلى أنّ ترامب، في ولايته الأولى وحملته الانتخابية الثانية، لم يتحدث عن إسقاط النظام الإيراني، بل عن مفاوضات تهدف إلى دفع إيران للتصرف بإيجابيّة ضمن المنظومة الدوليّة، ووقف تهديداتها لإسرائيل وتدخلاتها في الشؤون الإقليمية، وحتّى في الملف النووي، يركّز الطرح الأميركي على أن يكون النشاط النووي الإيراني سلمياً وتحت رقابة دولية صارمة.
ويبرز الهندي تطوراً لافتاً في المفاوضات الأخيرة، حيث طُرح أن يتم تخصيب اليورانيوم خارج إيران، وهو مطلب جديد يضاف إلى الشروط السابقة.
أمّا بشأن مضمون المفاوضات الجارية، فيرى أنّ الولايات المتحدة، للمرة الأولى، تُدرج تأثير إيران في المنطقة وأذرعها العسكرية، إضافة إلى برنامجها الصاروخي، ضمن إطار التفاوض، خلافاً لمفاوضات عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما التي اقتصرت على الملف النووي فقط.
وفيما يتعلق بالضربة الإسرائيلية الأخيرة، يؤكد الهندي أنّ ما جرى لم يكن بموافقة أميركية مباشرة، إلاّ أنّ واشنطن ستحاول استثمار هذه الضربة لتعزيز الضغط على إيران، سواء عبر المسار التفاوضي أو أدوات الضغط العسكري، خصوصاً أنّ طهران كانت ترفض تقديم تنازلات خلال الجولات التفاوضية الخمس أو الست الماضية.
وعن رد فعل ترامب على هذه التطورات، يقول الهندي إننا شهدنا في البداية دبلوماسية متزنة من ترامب، إذ شدّد على أن الولايات المتحدة ليست طرفاً مباشراً في الضربة، لكن حين لاحظ أن رد الفعل الإيراني كان ضعيفاً وأن الضربة الإسرائيلية حققت أهدافاً ملموسة، تصاعد في خطابه، داعياً إيران للعودة إلى طاولة المفاوضات، ومحذراً من أن البديل سيكون أكثر سوءاً، مع تأكيده دعم واشنطن الكامل لإسرائيل في ضرباتها.
وفيما يتعلق بالقدرات العسكرية الإسرائيلية، يُشير الدكتور الهندي إلى أنّ إسرائيل تمتلك عدداً محدوداً من القنابل الخارقة للتحصينات، وقد استخدمتها سابقاً في لبنان خلال عمليات استهدفت شخصيات بارزة في حزب الله، لكنها مواجهة المنشآت النووية الإيرانية تتطلب كميات أكبر، ودقة متناهية في استهداف المواقع، إضافة إلى القدرة على الوصول إلى أماكن محصنة تحت الأرض.
ويعتقد الهندي أن تنفيذ إسرائيل لمثل هذه الضربات لن يكون ممكناً إلا عبر تدخل أميركي مباشر أو بعد حصولها على هذه الأسلحة من الولايات المتحدة، لافتاً إلى أنّ استهداف منشآت نووية يطرح إشكالات قانونية وأخلاقية كونه يعرّض المدنيين لمخاطر جسيمة، خاصة مع القلق الشديد الذي أبدته دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات، من أي ضربة قد تهدد سلامة المنطقة والبيئة البحرية بسبب احتمال تسرب إشعاعات نووية.
ويختتم الدكتور الهندي حديثه بالتأكيد على أن إيران تواجه هذا التصعيد وحدها ومعزولة، وسط إدانات دولية لا تغير واقع الحال. فالمواقف الصادرة عن حزب الله والحشد الشعبي والحكومة العراقية تشير إلى رفضهم الانخراط في فتح جبهات جديدة، ما يعني فعلياً عزلة طهران، وبالتالي تبقى الأنظار متجهة إلى كيفية رد إيران وقدرتها على إلحاق الضرر بإسرائيل.
أمّا عن التأثير الداخلي في الولايات المتحدة، يُضيف الهندي أن ترامب سيحاول استثمار هذا التصعيد سياسياً في الداخل الأميركي، فبالرغم من أنه لا يزال مبكراً الحديث عن الانتخابات النصفية، فإنّ نجاحه في إحراز تقدم في المفاوضات مع إيران قد يمنحه زخماً سياسياً قوياً.
ومع إعلان إيران انسحابها من المفاوضات حالياً، يُرجح عودتها خلال الأشهر المقبلة، إذ لا خيارات كثيرة أمامها، ففتح جبهة ضدّ إسرائيل سيجلب مواجهة مع أميركا، والمماطلة لم تعد مجدية، والخيار الوحيد هو العودة إلى طاولة المفاوضات، مما قد يُتيح لترامب إعلان إنجاز يروّج له كنصر في الانتخابات المقبلة".
كارين القسيس -الكلمة أونلاين
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|