إمّا أن تتحرّك الدولة… وإمّا أن يتحرّك نتنياهو
منذ أن أطلقت حركة "حماس" عملية "طوفان الأقصى"، سارع "حزب اللّه" إلى الدخول على خط المواجهة من لبنان، تحت مسمّى "جبهة الإسناد".
بدا المشهد بالنسبة إليه، رغم كلّ التحذيرات، مضبوطاً بسقف اشتباك مدروس، يتيح "للحزب" الحفاظ على ماء الوجه من جهة، ويجنّب لبنان الانزلاق إلى مواجهة شاملة من جهة أخرى.
لكن ما لم يُحسب حسابه هو أنّ إسرائيل، بقيادة بنيامين نتنياهو، كانت تتحيّن اللحظة المناسبة. فبعد عام تقريباً، أطلقت حرباً شاملة اتّسمت بطابع التصفية الأمنية والاجتثاث العسكري، واستهدفت البنية القتالية "للحزب"، وتمدّدت نيرانها إلى بيئته ومناطق نفوذه، ملحقة دماراً واسعاً بلبنان كلّه.
الهزيمة التي يحاول مسؤولو "الحزب" إنكارها سياسياً ونفسيّاً، تتجلّى في واقع مأسويّ: "الحزب" الذي اندفع بحماسة لنصرة "حماس"، يجد نفسه اليوم أعجز من أن يُسعف "وليّ أمره" في طهران.
ومع اندلاع المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، تلوح في الأفق حرب تصفية جديدة، ربّما أشدّ ضراوة. وإذا استمرّ "الحزب" في التضليل، واستمرّت الدولة في المماطلة، فإن السيناريو الدمويّ قد لا يتأخّر كثيراً.
منذ تشرين الثاني الماضي، انخرط الطرفان، الدولة و "الحزب"، في لعبة الوقت الضائع؛ كلٌّ لاعتبارات متناقضة.
الدولة راهنت على أن يستوعب "الحزب" معاني هزيمته، بينما راهن "الحزب" على التلويح بالفتنة. وبينما اعتمد رئيس الجمهورية جوزاف عون سياسة التروّي، ارتفعت نبرة التحريض الداخليّ من جانب "الحزب"، حتى وصل به الأمر إلى الإعلان مؤخراً عن إعادة ترميم بنيته العسكرية.
ومن سخرية المشهد، أن يعود نتنياهو لاعباً مُقرِّراً، ما إن يطمئن إلى الجبهة الإيرانية ـ الإسرائيلية. وهو حتماً يرى الساحة اللبنانية مهيّأة لأيّ تحرّك عسكريّ جديد، باعتبارها الأقلّ تكلفة في حساباته.
في ضوء الحراك الدولي الكبير والتبدّلات الاستراتيجيّة المتسارعة، لم يعد "التروّي" حكمة ولا ميزة. وكما في صيف العام الماضي، قد نجد أنفسنا على مشارف حرب جديدة، أشدّ فتكاً وأوسع نطاقاً.
وكالعادة، لن يكون "الحزب" وحده من يدفع الثمن، بل الدولة، والشعب، والاقتصاد، والمستقبل برمّته.
الكرة اليوم في ملعب الدولة، كما هي في ملعب "حزب اللّه". لكنّ "الحزب"، كما عهدناه، تنظيم شموليّ ينتهج سياسات انتحاريّة لا يُقيم وزناً لوطن أو لشعب.
لذلك، لم يعد مقبولاً أن تواصل الدولة التمهّل.
ما كان ينبغي أن يحدث قبل ستة أشهر، يجب أن يُنجَز خلال ستة أسابيع، وربما أقلّ. فالحزم وحده هو ما يمنع الفتنة، والشعب اللبناني، بكلّ مكوّناته، سيكون خلف الدولة إذا قرّرت أن تكون دولة فعلاً.
لقد سئم اللبنانيّون أن يكونوا وقوداً لحروب غيرهم، ودروعاً لأجندات خارجية، وضحايا لمغامرات عقائدية لا تشبههم.
ومن غير المقبول أن تسبقنا سوريا في رحلة الانخراط بالنظام العربيّ الجديد، القائم على السلام والتنمية.
آن الأوان لأن يتحرّك عون وسلام… قبل أن يتحرّك نتنياهو.
الأمر لم يعد تضييع فرصة، بل اتخاذ قرار يمليه الواجب الوطني، ويمنع المزيد من الدمار والدماء، ويبدّد اقتناعاً دولياً يقول إن "الدولة لا تريد أو لا تستطيع".
أمجد اسكندر - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|