الصحافة

صراع وجود: إيران وإسرائيل في لحظة الحسم

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم تعد المواجهة بين إيران وإسرائيل حرباً بالوكالة أو صراعاً عبر التصريحات والضغوط الدولية وحسب، بل تحوّلت إلى حرب مباشرة مفتوحة، تهدّد وجود أحد الطرفين، إن لم يكن وجود كليهما.

في قلب هذه المواجهة، يقف صراع وجودي مزدوج: إسرائيل ترى في إيران تهديداً وجوديّاً دائماً، فيما ترى طهران أنّ أيّ استهداف حقيقي لبرنامجها النووي هو تهديد مباشر لبقاء نظام “الجمهورية الإسلامية”.

تعتبر إسرائيل أنّ امتلاك إيران لقدرات نوويّة يهدّد وجودها ويفتح الباب أمام تغيير جذري في ميزان القوى الإقليمي، وقد يدفع دولاً أخرى (كالسعودية وتركيا) للسير في الاتّجاه ذاته.

لكنّ التهديد ليس نوويّاً فقط، بل يشمل منظومة النفوذ الإيراني في المنطقة: من “الحزب” في لبنان، إلى الحوثيين في اليمن، فالميليشيات في العراق وربّما في سوريا، التي ترى فيها إسرائيل أذرعاً جاهزة للهجوم من أكثر من جبهة. وبعد الهجمات الصاروخيّة الإيرانية أصبحت إسرائيل أكثر قناعة بضرورة تفكيك البرنامج الصاروخيّ البالستيّ وعدم الاكتفاء بتفكيك البرنامج النووي فقط.

الضربات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية داخل إيران جاءت لمنع اقتراب طهران من “العتبة النوويّة”. لكنّها لم تكن ضربة تكتيكية فحسب، بل رسالة استراتيجية مفادها أنّ السماح لإيران بالتحوّل إلى قوّة نووية غير وارد، حتّى لو أدّى إلى حرب شاملة.

إيران تدافع عن النّظام

من جهتها، لا تخوض إيران هذه الحرب لحماية اليورانيوم أو المفاعلات فحسب، بل وللدفاع عن بقاء النظام السياسي ذاته. فالبرنامج النووي بات أحد أهمّ مصادر الشرعية الوطنية والإقليمية، وأيّ تراجع فيه سيُعدّ خضوعاً وضعفاً داخلياً، قد يُشجّع حركات الاحتجاج، ويُحرّك انقسامات داخل المؤسّسة السياسية، خصوصاً في مرحلة ما بعد المرشد خامنئي.

ردّ طهران العنيف على الهجوم الإسرائيلي، عبر مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة، يؤكّد أنّ النظام يرى نفسه محاصراً في معركة مصيرية، ويدرك أنّها قد تكون فرصة لاستعادة الردع أو بداية نهاية تدريجيّة.

للمرّة الأولى منذ الثورة الإيرانية، يخوض الطرفان مواجهة مباشرة لا تتعلّق بالبقاء السياسي فقط، بل والردع العسكري. إسرائيل تريد القضاء على التهديد الإيراني قبل أن يتجذّر، وطهران تدافع عن عمقها الاستراتيجي ورمزيّتها الثورية ونظامها الديني.

تنسيق أميركي خليجي؟

النتيجة: حرب لا يستطيع أيّ من الطرفين حسمها سريعاً، ولا تحمل أيّ ضمانة لعدم الانزلاق إلى صراع شامل يعيد رسم ملامح الشرق الأوسط. على الرغم من أنّ واشنطن لم تُشارك بشكل مباشر في الضربة الأخيرة، فإنّ بصمتها السياسية واضحة في كلّ تفاصيل المواجهة.

أعطت إدارة دونالد ترامب الثانية إسرائيل ضوءاً أخضر سياسيّاً، ضمن سياق استعادة الردع الإقليمي، وتأكيد الانسحاب الكامل من اتّفاق 2015. في الوقت نفسه، تعمل واشنطن على منع الانفجار الشامل: تُنسّق مع الخليج لضبط الإيقاع، وتُحاور أوروبا لاحتواء التصعيد، وتراقب من بعيد إمكان استغلال الصين وروسيا لهذا الفراغ لتوسيع نفوذهما في المنطقة.

مع استمرار الحرب، تواجه الولايات المتّحدة تحدّياً مزدوجاً: الحفاظ على أمن إسرائيل، ومنع اندلاع حرب إقليمية شاملة قد تُخرج الوضع عن السيطرة في العراق وسوريا ولبنان. تحاول الولايات المتّحدة أن تلعب دور الحكَم غير الظاهر، لكنّها تبقى الطرف القادر على ترجيح كفّة الحلّ أو الحسم. الضربات العسكرية قد تتوقّف، لكنّ صراع الوجود مستمرّ.

في هذه المرحلة، كلّ جولة ليست سوى فصل من حرب أطول، لا تُحدَّد نتيجتها بقدرات الصواريخ فقط، بل بمدى قدرة كلّ طرف على الصمود السياسي والاقتصادي والمعنوي. سيناريو الحلّ واضح: العودة إلى المسار الدبلوماسي والمفاوضات بين إيران وأميركا، بعدما تكون إسرائيل وجّهت ضربة عسكرية قويّة للنظام وابتكاره النووي. ويمكن للرئيس ترامب أن يظهر بدور المنتصر من دون إرسال قوّة أميركية والانخراط بحرب جديدة.

موفق حرب -اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا