فلول الأسد يشكون ضيق العيش بلبنان.. حسابات أمنية ومادية
يشكو كثير من مقاتلي حزب الله السوريين وعناصر النظام البائد الذين فروا إلى لبنان، عقب سقوط نظام بشار الأسد، من حالة التشديد الأمني وتقييد حركتهم وتنقلاتهم في مناطق إقامتهم، إلى جانب ظروفهم المعيشية القاهرة، ما دفعهم للبحث عن دول جديدة للاستقرار، قاصدين منافذ المفوضيات الأممية وأبواب السفارات العربية.
وتقول أرقام وزارة المهجرين في الحكومة اللبنانية، أن "أعداد السوريين الذين انتقلوا إلى لبنان بين شهري كانون الأول وكانون الثاني الماضيين، بلغت نحو 170 ألف شخص". وتقيم الغالبية في المناطق الحدودية مع سوريا، حيث تضطلع تعاونيات "البتول" التابعة لحزب الله، المنتشرة في بعلبك والهرمل وغيرها من قرى البقاع، بمتابعة أوضاعهم.
إذن سفر
وتعيش شريحة واسعة من هذه الفئة أوضاعاً اقتصادية قاسية، وحالة من عدم الاستقرار على مستويات الأمن والعيش والوجود، فاقمتها القيود الأمنية المفروضة عليهم، بحسب أبو عباس، الذي تعثرت محاولاته لاستقبال ابنه داخل مطار رفيق الحريري في العاصمة بيروت، لعدم حصوله على إذن سفر.
أبو عباس الذي انضم للقتال في صفوف حزب الله في سوريا منذ عام 2014 وحتى سقوط الأسد نهاية، وينحدر من ريف حمص الشمالي، تحدث عن فرض الهيئات التابعة للحزب، قراراً يلزم السوريون بالحصول على ورقة "إذن سفر" للسماح بمغادرة مناطقهم.
ويوضح أن مبررات إلزامية استخراج الإذن، بهدف تسهيل حركتهم وعدم تعرضهم للاعتقال والترحيل من لبنان، خصوصاً أن الوافدين الجدد الذين وصلوا بعد سقوط الأسد، قد دخلوا عبر طرق التهريب الغير شرعية، وما زالوا خارج القيود الحكومية والأممية بعكس اللاجئين القدامى.
ويقول لـ"المدن": "حاولت الذهاب لإحضار ابني الذي قدم من العراق لقضاء إجازة العيد معنا، إلا أن الهيئة المسؤولة عنا رفضت منحي إذن السفر، معللة السبب بوجود عدد كبير من الأشخاص الذين غادروا باتجاه بيروت خلال الأيام التي سبقت عيد الأضحى، ما يجعل من توافد المزيد باتجاه العاصمة وبعض المناطق التي يضعف فيها نفوذ الحزب، أمراً صعباً".
بينما يتحدث ياسر الذي ينحدر من منطقة السيدة زينب بريف دمشق، عن وجود سياسة في منح أذونات السفر أو تسهيل الحركة "مقابل ثلاث أو أربع مرات رفض، تحصل على موافقة واحدة، بحسب دراسة الهيئة للحالة، حيث تقدم ضرورة العلاج أو العمل السريع خارج البقاع، على المغادرة للعمل فترات طويلة أو الزيارات وغيرها، بينما يظل الأمر أكثر مرونة ضمن البقاع".
البحث عن بديل
هذا الأمر أدى، بحسب ياسر، إلى حصر الأعمال بمهن أو أشغال محددة توفرها طبيعة المناطق التي يقيمون فيها اليوم، مثل الزراعة "وفرصها قليلة بسبب تفضيل ملاك الأراضي أصحاب الخبرة وانخفاض المردود، أو عمال المياومة في مجال البناء والعتالة في الأسواق أو شغيل في المحال التجارية، وأجورها قليلة جداً لا تتجاوز 200 دولار شهرياً، بينما يبلغ إيجار المنزل بين 250 إلى 350 دولار أميركي".
وأمام هذا الواقع، لا يجد كثير من السوريين المحسوبين على النظام البائد وحزب الله، بداً من البحث عن ملاذ آخر، يحقق لهم بعض الاستقرار والاعتراف القانوني بوجودهم، يجعلهم قادرين على تدبر أمورهم المعيشية وإرسال بعض الأموال لتغطية تكاليف معيشة أسرهم في لبنان.
ويشير ياسر لـ"المدن" إلى أنه تقدم بطلب الحصول على تأشيرة سياحية إلى العراق قبل أسبوعين، وهو بانتظار رد السفارة العراقية في بيروت، الذي يتوقع أن تكون إيجابية لإيفائه الشروط المطلوبة "وأهمها وجود كفيل، ما يسهل علي استبدالها فور وصولي العراق إلى إقامة عمل سنوية بمساعدة الكفيل".
وإلى جانب العراق الذي يعتبر في مقدمة خيارات السوريين، يتجه آخرون للتقديم على السفر لدول مثل الإمارات وعمان وتونس والجزائر، حيث تتوافر فرص عمل مناسبة وعوامل الاستقرار المعيشي والسياسي وهو الأهم.
الفرار إلى الغرب
بينما يفضل السواد الأعظم من هذه الفئة التوجه لدول بعيدة عن سوريا، حيث بدأت الكثير من الأسر التسجيل لدى مكاتب المفوضيات الأممية والسفارات الغربية، للحصول على فرصة اللجوء والحماية في دول أوربية مثل فرنسا وهولندا والمانيا، أو دول أميركية مثل كندا والبرازيل وغويانا الفرنسية.
ويؤكد كثير ممن تواصلت معهم "المدن"، ومنهم موسى أبو علي من قرى تل كلخ بريف حمص، على تزايد شعور اللاجئين المحسوبين على حزب الله، بوجود توجه للتخلص منهم وأعبائهم في لبنان، الأمر الذي قد يجعلهم في مستقبل الأيام ورقة مساومة مع الدولة السورية الجديدة.
ويقول: "منذ وصولنا لبنان وإلى اليوم، والقيود تزيد علينا، بدأت بتحديد مناطق إقامتنا وبالتالي ارتفاع الإيجارات، مقابل اقتصار المساعدات على السلل التموينية وهبات نقدية لا تتجاوز 100 دولار وهي غير دائمة، وصولاً إلى تقييد الحركة والتنقل ومراجعة مكاتب الحزب دورياً لتثبيت وجودنا وأعدادنا".
ويشير إلى أنه تقدم فعلاً بطلب لجوء إلى فرنسا، وسبقها بالتوجه للتسجيل لدى مفوضيات اللجوء الأممية للسفر مع عائلته لأي دولة قد تتوفر، على اعتبار أن الذهاب إلى دولة عربية "مجرد محاولة لتأجيل عملية إعادتنا إلى سوريا".
وتقدم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "UNHCR"، إمكانية إعادة التوطين في بلدٍ ثالث، للاجئين الذين لا يستطيعون الاندماج محلياً أو العودة إلى بلدهم الأصلي وممن لديهم احتياجات حماية مستمرة في البلد الذي يعيشون فيه، بحسب ما تقول المفوضية على موقعها، إلا أنها خدمات تُمنح لحاملي صفة اللاجئ وهي صفة ما تزال غائبة عن السوريين الذين وصلوا لبنان بعد سقوط الأسد، الأمر الذي يعقّد أوضاعهم ويقلل فرص نجاحهم بالوصول إلى بلد ثالث.
منصور حسين - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|