الصحافة

ماذا وراء صمت بكركي؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ليست الكنيسة المارونية صرحا "رعويا" او مجرد مرجعية روحية، فبكركي عبر تاريخها لعبت ادوارا سياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية، بحيث ارتبط اسم لبنان وهويته بها. فدور بكركي الوطني يتجاوز الكنيسة المارونية من مرحلة تكوين دولة لبنان الكبير، حين كان للبطاركة الموارنة أدوار أساسية في المحطات المفصلية، وكان الصرح مفتوحا دائما للطوائف الاخرى لاعلان مواقف وطنية كبيرة .

ففي السنوات الأخيرة، كان الصرح في حركة دائمة ومركز استقطاب سياسي، حتى لو لم ينخرط البطريرك الماروني في الشأن السياسي على نحو منهجي، فالبطريرك مار بشارة الراعي كما تقول مصادر مسيحية يستقبل كل طالب لقا،ء ولا قطيعة سياسية مع اي فريق لبناني مهما اختلفت المقاربات السياسية، فالصرح للجميع، ويسعى الكاردينال الراعي منذ إنتخابه للتقرب من الجميع والمساواة في علاقاته بين الاحزاب والقوى السياسية، حتى مع المختلفين في الموضوع السياسي

وتشير المصادر الى بقاء بكركي على مسافة واحدة من الجميع، فسيد بكركي حريص على عدم الدخول في الانقسامات الحادة، لكن القضايا الساخنة تطرح نفسها وحدها. من هذا المنطلق يطرح الراعي القضايا الوطنية بموضوعية ومقاربة تخدم المصلحة اللبنانية، كما يحصل عندما يطالب بالتزام لبنان الحياد ورفض ربطه بالمحاور الخارجية، وحصر السلاح بيد الدولة وحدها.

مؤخرا يلاحظ المتابعون لمواقف الراعي "هدنة" في مسائل داخلية وما يتعلق بموضوع السلاح، لكن ذلك ليس مرتبطا كما تقول المصادر بالحادث الصحي للراعي، بقدر ما هو تحسس وتعاطف مع وجع طائفة ومصابها بعد الحرب "الاسرائيلية" ، فموقف البطريركية واضح واسلوبها حكيم، وهي تقيم توازنا بين معادلة عدم الدخول في الصراعات من دون الانكفاء عن الساحة، فتطرح بالوقت نفسه القضايا الوطنية من دون ان تحل مكان السياسيين او تقوم بادوارهم.

هل ما تزال بكركي المرجع السياسي والوطني الأول؟ أم أنها محاصرة بالحسابات الحزبية والخطابات المتناقضة؟ يجيب الوزير السابق وعميد المجلس الماروني وديع الخازن إن الصرح البطريركي وعلى رأسه صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "لم يكن يوما طرفا في الصراعات، بل كان وسيبقى فوقها، لأن بكركي لم تُبنَ على حسابات آنية أو شعارات حزبية، بل على ثوابت راسخة في الضمير الوطني اللبناني، وعلى دور تاريخي لا يُمحى في الدفاع عن الكيان والحرية والسيادة والعيش المشترك".

ويضيف "غبطته لم يتخلَّ عن موقعه كمرجع أول، بل ثبّت هذا الدور في أحلك الظروف حين خفتت الأصوات أو ترددت. بكركي ليست محاصرة، بل هي الحارسة لما تبقّى من وجدان وطني جامع صوته حرّ وموقفه عابر للطوائف، ولا يُقاس بزحمة الشعارات بل بثبات المبدأ، ففي زمن التناقضات والصراعات، تبقى بكركي الصوت المتزن، والضمير الذي يُسمع ولو ضجّت المنابر، والمرجعية التي لا تغيب مهما تعاقبت الظروف".

يصف الخازن علاقة بكركي بالشخصيات المسيحية بانها "ليست علاقة سلطة أو اصطفاف، بل علاقة رعاية ومسؤولية أبوية ووطنية. فالصرح البطريركي لم يكن يوما مغلقا على أحد، بل كان ولا يزال مساحة لقاء وحوار، ومرجعا أخلاقيا ووطنيا لكل من يؤمن بلبنان الرسالة، وبدور المسيحيين فيه كمكون مؤسس لا تابع".

ويتابع "بكركي تحتضن الجميع، من دون تمييز بين تيار وآخر أو فريق وآخر. قد تختلف مع بعض المواقف، ولكنها لا تقطع الأبواب ولا تُقفل الأذن عن أي رأي، بل تدعو دائمًا إلى الوحدة في التنوع، والتعاون في ظل الثوابت الوطنية، لا الحسابات الفئوية".

ويشير الى ان الكاردينال الراعي "يلعب دورا توفقيا ويسعى لجمع الكلمة وردم الهوات، وترسيخ ثقافة الشراكة والتفاهم بين القيادات المسيحية، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن تشرذم الصف المسيحي يُضعف الموقع الوطني، وأن مسؤولية بكركي أن تكون الضمانة للجميع، لا حليفة أحد ضد أحد".

واكد ان بكركي "ليست في موقع المتفرج، بل في موقع المُبادر والداعي دوما إلى ما يجمع لا ما يُفرق، وهي تُصغي للجميع، وتنصح الجميع، ولكنها لا تُساوم على المبادئ ولا تُساير على حساب الوطن".

وعن سياسة البطريرك الراعي وتعاطيه مع القضايا الوطنية، يؤكد الخازن ان الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "أثبت دائما انه صاحب موقفً وطنيً ثابت في مقاربة القضايا الكبرى، عنوانه الأساس: حماية لبنان الكيان والدولة والرسالة. وسياسة البطريرك الراعي ليست سياسة بالمعنى الحزبي أو الظرفي، بل هي نهج وطني عميق الجذور، قائم على الثوابت التي أرستها بكركي عبر التاريخ. من أبرز معالم هذا النهج، الدعوة الصريحة والواضحة إلى تحييد لبنان عن صراعات المحاور، وتحييده لا يعني حياده عن قضايا الحق والعدالة، بل هو تحييد عن كل ما يُقحم الوطن في نزاعات لا طاقة له بها، ولا مصلحة لشعبه فيها".

ويختم الخازن "أن غبطته لم يتوقف عن التذكير بضرورة احترام الشرعية اللبنانية والاحتكام إلى مؤسسات الدولة، باعتبارها المرجع الوحيد لأي حل أو تسوية. فدولة القانون ليست خيارا بل ضرورة، وهي وحدها القادرة على ضمان كرامة المواطن وصون السلم الأهلي، واستعادة ثقة الداخل والخارج على حدّ سواء.

ابتسام شديد - الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا