متفرقات

كيف تستعد لكارثة نووية وسط تفاقم الصراع بين إسرائيل وإيران؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

المصدر:
الشرق
في ظلّ تصاعد الحرب بين إسرائيل وإيران، وتهديد تل أبيب العلني بتدمير البرنامج النووي الإيراني، والقلق من ردّ طهران، تتزايد المخاوف من كارثة نووية في حال تعرّض أي مفاعل لضربة مباشرة. ويثير مفاعل بوشهر المطلّ على الخليج العربي، ومفاعل ديمونة في صحراء النقب، قلقاً خاصاً لما قد ينجم عن أي أضرار فيهما من تسرّبات إشعاعية تهدد صحة السكان وسلامة البيئة في المنطقة.

1) كيف تنتشر المنشآت النووية في إيران؟
يضم البرنامج النووي الإيراني العديد من المنشآت النووية التي قد تكون أهدافاً محتملة في حال شنّت إسرائيل هجمات عليها. 

أبرز هذه المنشآت هي "نطنز" وهو مجمع خارج مدينة قم جنوب طهران، يضم منشآت تتضمن محطتين للتخصيب واحدة تحت الأرض وأخرى فوق الأرض. وكانت إسرائيل قد وجّهت بالفعل ضربات للمنشأة يوم الجمعة الماضي. وأشارت السلطات الإيرانية إلى أنها لم ترصد أي تلوث نووي خارج المحطة بعد الهجمات.

منظر لمبنى المفاعل في محطة بوشهر للطاقة النووية، روسية البناء، مع تحميل أول وقود في 21 أغسطس 2010 في بوشهر جنوب إيران. - المصدر: بلومبرغ
منظر لمبنى المفاعل في محطة بوشهر للطاقة النووية، روسية البناء، مع تحميل أول وقود في 21 أغسطس 2010 في بوشهر جنوب إيران. - المصدر: بلومبرغ
على الجانب المقابل من قم، يقع موقع "فوردو" للتخصيب، وهو محفور داخل جبل، وبالتالي يُحتمل أن يكون محصناً بشكل أفضل.

كما تمتلك إيران مركزاً كبيراً للتكنولوجيا النووية على مشارف أصفهان، ثاني أكبر مدنها، ويتضمن مصنعاً لتصنيع صفائح الوقود (FPFP) ومنشأة لتحويل اليورانيوم (UCF) التي يمكنها معالجة اليورانيوم إلى غاز سادس فلوريد اليورانيوم الذي يُغذى في أجهزة الطرد المركزي.

 

وتضمّ مفاعل أبحاث يعمل بالماء الثقيل كان يُعرف سابقاً باسم "أراك"، وأصبح الآن يُسمى "خنداب"، بالإضافة إلى "بوشهر" وهي محطة الطاقة النووية الوحيدة التي تعمل في إيران، وتطلّ على الخليج.

2) ماذا عن إسرائيل؟
يقع المفاعل النووي الرئيسي في إسرائيل في منطقة ديمونة بصحراء النقب، وقد بدأ تشغيله سرّاً في ستينيات القرن الماضي. 

وبحسب مركز الحد من التسلح ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، يُعتقد أن إسرائيل تمتلك 90 رأساً حربياً نووياً صنعتها من البلوتونيوم، وأنتجت ما يكفي من البلوتونيوم لصنع ما بين 100 إلى 200 سلاح نووي.

ولا يخضع مجمع ديمونة النووي لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما لا يُسمح لمفتشيها بالذهاب إلى هناك.

ويصف كثيرون امتلاك إسرائيل لسلاح نووي على أنه أكثر سرّ معروف في العالم. 

3) من في دائرة الخطر؟

في حال استُهدفت منشآت نووية داخل إيران أو إسرائيل، فإن المناطق المحيطة ستكون الأكثر تأثراً، حيث قد يؤدي انفجار في مفاعل أو منشأة نووية إلى انبعاث نظائر مشعة مثل اليود-131 والسيزيوم-137 وسترونتيوم - 90 في الهواء والمياه والتربة، بحسب تقارير للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ولا تتوقف التأثيرات عند حدود الدولتين، فقد يمتد نطاق الإشعاع إلى مئات الكيلومترات من موقع الانفجار حسب اتجاه الرياح، كما أظهرت تجربتا تشيرنوبيل عام 1986 وفوكوشيما عام 2011. ففي تشيرنوبيل، أدى الانفجار إلى تسرب إشعاعي هائل رُصد بعد يومين في محطة "فورسمارك" النووية بالسويد، على بُعد أكثر من ألف كيلومتر، بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبيانات منظمة الصحة العالمية.

أما في حالة كارثة فوكوشيما، فتشير تقارير "الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي" إلى رصد آثار إشعاعية على السواحل الغربية للولايات المتحدة.

بالتالي، إذا ضُرب مفاعل بوشهر، فإن دول الخليج: الإمارات، قطر، البحرين، الكويت، شرق السعودية، عُمان، بالإضافة إلى العراق، قد تواجه خطر التلوث الإشعاعي، خصوصاً مياه الخليج التي تعتمد عليها المنطقة في تحلية مياه الشرب.


وكان رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، حذر في مقابلة مع الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون في مارس، من أن استهداف مفاعل بوشهر الإيراني قد يؤدي إلى تلويث مياه الخليج.

 وقال إن بلاده أجرت تجربة محاكاة، قبل بناء خزانات المياه منذ بضع سنوات، أظهرت أن قطر قد تنفد من المياه الصالحة للشرب خلال ثلاثة أيام في حال وقوع تسرّب إشعاعي. وأضاف: "لا مياه، لا أسماك، لا شيء... لا حياة." ولفت إلى أن التداعيات لن تقتصر على قطر، بل ستطال أيضاً دولاً مجاورة مثل الكويت والإمارات.

وحذر المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي، خلال اجتماعه الاستثنائي المنعقد عبر الاتصال المرئي في 16يونيو من العواقب الخطيرة لأي استهداف للمنشآت النووية، لما يشكّله "من مخاطر بشرية وبيئية جسيمة".

أما إذا استُهدف مفاعل "ديمونة"، فقد يمتد الخطر إلى الأردن والضفة الغربية ولبنان وسوريا ومصر، وهي مناطق غنية بالزراعة والمياه الجوفية، ما يزيد من حجم التهديد للأمن الغذائي والبيئي.

 4) ما المخاطر الفورية وطويلة الأمد للكوارث النووية؟
تشمل الآثار الفورية لأي كارثة نووية الإصابة بمتلازمة الإشعاع الحاد خلال ساعات أو أيام، والتي تترافق مع أعراض تشمل الغثيان والتقيؤ والحروق الجلدية، وصولاً إلى فشل الأعضاء والموت. وسُجّلت مثل هذه الحالات في كارثة تشيرنوبل عام 1986، حيث توفي العديد من أوائل المستجيبين خلال أسابيع.

 أما الخطر الأكبر فيكمن في الآثار طويلة الأمد، إذ تبقى بعض النظائر المشعة في البيئة لعقود، ملوّثة التربة والمياه وسلاسل الغذاء. وترتبط هذه التراكمات بارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان، واضطرابات الهرمونات، والطفرات الجينية، حسبما أظهرته دراسات صادرة عن منظمة الصحة العالمية ولجنة الأمم المتحدة العلمية المعنية بآثار الإشعاع. ففي كارثة فوكوشيما (2011)، رغم أن التسرب كان أقل حدّة من تشيرنوبل، إلا أنه خلّف تلوثاً طويل الأمد وقاد إلى عمليات إجلاء جماعية. فالكارثة النووية لا تنتهي بالانفجار، بل تمتدّ لأجيال.

5) كيف تستعد لكارثة نووية؟
في حال حدوث كارثة نووية ناجمة عن استهداف منشأة نووية أو تسرّب إشعاعي، توصي الجهات المتخصصة مثل وكالة إدارة الطوارئ الأميركية (FEMA) ومراكز السيطرة على الأمراض (CDC) بعدد من الخطوات الوقائية الأساسية:

تبدأ أولى هذه الخطوات بالتوجّه فوراً إلى مأوى داخلي، مثل الطابق السفلي أو غرفة داخلية بعيدة عن النوافذ، وإغلاق الأبواب والنوافذ وإيقاف أنظمة التهوية لمنع دخول الجسيمات المشعّة، مع استخدام شريط لاصق ولفائف بلاستيكية لإغلاق الفتحات. مع العلم أن الإشعاع لا يُرى بالعين ولا يُشمّ، فهو خطر صامت بلا لون أو رائحة.

براميل تحمل علامة تحذير من الإشعاع، مغطاة بطبقة من الطلاء الأخضر - بلومبرغ
براميل تحمل علامة تحذير من الإشعاع، مغطاة بطبقة من الطلاء الأخضر - بلومبرغ
ومن المهم تجهيز حقيبة طوارئ تحتوي على كمية كافية من المياه وطعام معلب لا يحتاج إلى طهي، وراديو يعمل بالبطاريات أو يشحن يدوياً، ومصباح يدوي، وبطاريات احتياطية، وأدوية أساسية، بالإضافة إلى أقنعة تنفس من نوع N95 أو أعلى.

كما يُنصح بالحصول على أقراص يود للحماية من امتصاص اليود المشع، شرط تناولها فقط بعد صدور تعليمات رسمية من السلطات الصحية.

 

وفي حال التعرض للهواء الخارجي أثناء أو بعد الحادث، يجب خلع الملابس فوراً ووضعها في كيس بلاستيكي محكم، ثم الاستحمام بالماء الدافئ والصابون لتقليل التلوّث. كما يجب البقاء داخل الملجأ لمدة 24 إلى 72 ساعة على الأقل، أو حتى تُصدر الجهات الرسمية تعليمات بالخروج.

هذه الإجراءات ليست ضماناً كاملاً، لكنها تقلّل من مخاطر التعرّض للإشعاع والأضرار الصحية المحتملة.

6) ما هي استعدادات الدول العربية لمواجهة أي كارثة نووية؟
في السنوات الماضية، اتخذت عدة دول عربية خطوات متفاوتة لتعزيز جاهزيتها لمواجهة الطوارئ النووية والإشعاعية، ضمن جهود وطنية وإقليمية بالتنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتُعد الإمارات العربية المتحدة من الدول الأكثر تقدّماً في هذا المجال، إذ طوّرت منظومة متكاملة للاستجابة لحالات الطوارئ، بالتوازي مع تشغيل محطة "براكة" للطاقة النووية.

وفي السعودية، أُنشئت الهيئة الوطنية للرقابة النووية والإشعاعية لتطوير خطط الطوارئ الإشعاعية، من خلال تقييم المخاطر، ونمذجة انتشار الإشعاع، ووضع توصيات وقائية وتنظيمية. أما قطر، فقد نظّمت في عام 2024 ورشة عملية موسعة لتنفيذ الخطة الوطنية للطوارئ النووية والإشعاعية، بمشاركة وزارات الدفاع والداخلية والبيئة، شملت تأسيس نظام إنذار مبكر، وتدابير لحماية المواطنين، وكشف الإشعاع.

وفي الكويت، وُضعت خطة وطنية للطوارئ الإشعاعية تُعنى بالاستجابة لحوادث قد تقع في الدول المجاورة، وتُحدّد أدوار الوزارات والجهات المسؤولة. وأنشأت مصر الهيئة للرقابة النووية والإشعاعية التي أصدرت بياناً السبت الماضي طمأنت المواطنين أنها تتابع على مدار الساعة التطورات المتعلقة بوضع المنشآت النووية بالمحيط الإقليمي في ضوء التطورات الجارية. ويضمّ لبنان شبكة مراقبة إشعاعية تضم 26 محطة أرضية تغطي مختلف المناطق، بهدف رصد التغيرات في مستويات الإشعاع البيئي وإصدار تنبيهات.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا