قلعة نووية في باطن الجبال: حقائق وأرقام "فوردو"؟
لماذا تعتبر منشأة فوردو أساسيّة لإنهاء البرنامج النّوويّ الإيرانيّ؟ ولماذا تسعى تل أبيب إلى دفعِ واشنطن لضربِ هذه المنشأة؟ وماذا تمتلك الولايات المُتّحدة من وسائل لتدمير “فوردو” ولا تمتلكها إسرائيل؟
تتضارب التصريحات والتسريبات الإسرائيليّة عن قدرة تل أبيب على استهداف منشأة “فوردو” لتخصيب اليورانيوم. إذ تشير التقديرات إلى صعوبة استهداف إسرائيل للمنشأة المُحصّنة في قلبِ صخورِ جبال مُحافظة قُم، على عُمقٍ يراوح بين 80 و100 متر. في المُقابل نقلَت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤول إسرائيليّ قوله إنّ بلاده قادرة على ضربِ المُنشأة من دون أن يذكُرَ تفاصيل.
البداية مع أوباما
تعود حكاية منشأة فوردو إلى عام 2009، يومَ قال الرّئيس الأميركيّ الأسبَق باراك أوباما إنّ الاستخبارات الغربيّة اكتشفَت وجود المنشأة التي شُيِّدَت عام 2006 لتخصيب اليورانيوم عبر أكثر من 3,000 جهاز طرد مركزيّ.
الحصنُ الذي شُيّدَت فيه “فوردو” سمَحَ لإيران بتخصيب اليورانيوم عند مستوى 60%، حتّى بلغَت الكميّة ما يزيدُ على 400 كلغ من هذا المستوى. أهمّيةُ “فوردو” بالنّسبة لإيران تفوق أهميّة منشأة “نطنز” المُشيّدة في منطقةٍ تقَع جنوب طهران وشمال أصفهان على عمقٍ يراوح بين 40 و50 متراً تحتَ الأرض، وبعض مفاصل هذه المحطّة على عمقِ 8 – 10 أمتار، وهو ما يجعل “فوردو” أكثر تحصيناً من “نطنز”.
دائماً ما كانت العقدة الأساسيّة في المفاوضات النّوويّة بين إيران والولايات المُتّحدة قبل 2015 وفي الأشهر الأخيرة هي مسألة تخصيب اليورانيوم. ولذا تسعى إسرائيل بدعمٍ أميركيّ إلى ضربِ فكرة التخصيب مرّة وإلى الأبد.
من هذا المُنطلق تُصبِح إيران مُجرّدة من أوراق التفاوض وتصير أمام إمكان قبول تخصيب اليورانيوم خارج أراضيها، إلّا إذا طُرِحَت فكرة تفكيك المفاعلات النّوويّة بشكلٍ كامل. وهذا ما أشار إليه وزير الدّفاع الإسرائيليّ السّابق يوآف غالانت في حوارٍ مع شبكة “سي إن إن” بقوله: “لا نفهم لماذا تُريد إيران تشييد برنامجٍ نوويّ للطّاقة المدنيّة ما دامت واحدة من أكبر مُنتجي ومُصدّري النّفط والغاز في العالم؟”.
كيفَ يُمكنُ استهداف “فوردو”؟
العُمقُ الذي شُيّدَت فيه منشأة “فوردو” وصلابةُ صخور الجِبال التي تحميها يجعلُ إمكان استهدافها عسكريّاً مسألة صعبة ذات خيارات محدودة:
- الخيار الأوّل والأبرز هو أن تُشارك الولايات المُتّحدة في ضربِ المحطّة. إذ إنّها الوحيدة التي تمتلكُ صواريخ من طراز GBU-57 قادرة على الوصول إلى عُمقِ 100 متر، وتزِن 13,600 كلغ. ولا يُمكن إطلاق هذه القنبلة الفتّاكة من الطّائرات الحربيّة التقليديّة، بل تحتاج إلى قاذفات استراتيجيّة مثل طائرة B-52 وB2 Spirit. لكنّ استخدام هذه الطّائرات يحتاج إلى مواكبةٍ جويّة وتفوّقٍ جوّيّ لحمايتها من الدّفاعات الجوّيّة. إذ غالباً ما تُستعمل طائرات F15 للمواكبة الجوّيّة.
تمكث هذه الطّائرات حاليّاً في جزيرة دييغو غارسيا في المُحيط الهندي، وهو ما يجعلُ إمكان وصولها إلى قلب إيران أمراً سهلاً في اللحظة التي يُقرّر فيها الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب المُشاركة في الضّربات على إيران.
- الخيار الثّاني هو القيام بعمليّةٍ خاصّةٍ عبر فرق كوماندوس لاقتحام المُنشأة وتدميرها لتجنّب الانبعاث النّوويّ الذي قد ينجم عن عمليّة تفجير المُنشأة واليورانيوم الذي تحتويه. هذا ما قد يُفسّر إصرار إسرائيل على بسطِ السّيطرة الجوّيّة الكاملة في أجواء إيران وضربِ كلّ ما أمكن من الدّفاعات الجوّيّة. لكنّ هذا الخيار محفوف بالمخاطر، إذ من غير المضمون بشكلٍ تامّ أن تنجح هذه الفكرة بسبب الوجود الإيرانيّ الكثيف في محيط وداخل منشأة “فوردو”.
- الخيار الثّالث هو أن تُقدِم إسرائيل على عمليّة “من خارج الصّندوق” تُشبه عمليّة تفجير أجهزة “البيجرز” في لبنان. إذ كانت إسرائيل قد قامت في 2021 بعملٍ أمنيٍّ استهدَف أجهزة الطّرد المركزيّ في منشأة نطنز، وأسفرَ عن خروج عددٍ كبير منها عن الخِدمة.
يُمكنُ تأييد هذا الرأيّ عبر تحليل أسباب استهداف إسرائيل لمنشآت إيرانيّة تختصّ بصناعة وتركيب أجهزة الطّرد المركزيّ. وذلكَ لئلّا تُقدِم إيران في وقتٍ لاحقٍ على إعادة صناعة هذه الأجهزة إذا ما استهدفتها تل أبيب في هجماتها.
ليسَ من السّهل التكهّن بالطريقة التي ستُضرب بها منشأة “فوردو”. لكنّ ما يُمكن التسليم به أنّ إسرائيل لن تتوقّف قبل تدمير منشأة تخصيب اليورانيوم الأكثر تحصيناً في العالم، ومعها تدمير الحلم النّوويّ لإيران.
ابراهيم ريحان -اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|