الصحافة

مَن استهدف "بيان قاسم" إن تجاوز موقف "الأخ الأكبر"؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

شكّكت مراجع سياسية وديبلوماسية مطلعة بوجود أي انشقاق ما بين طرفي "الثنائي الشيعي"، بعد المقارنة بين تأكيدات الرئيس نبيه بري، بأنّ "حزب الله" لن ينخرط في المواجهة بنسبة 200%، وإشارة الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، بأنّه ليس على حياد في المواجهة بين تل أبيب وطهران. ذلك أنّ موقف قاسم يتجاوز هذه المعادلة الضيّقة، لتطاول المواقف اللبنانية الرسمية التي لا يمكنه تجاهلها. وهي معادلة تستدعي التوقف عند مجموعة من الاسئلة التي تحدّد حجم المنتظر من أحداث.
لولا زيارة الموفد الرئاسي الأميركي إلى سوريا توماس براك للبنان، لإبلاغ المسؤولين انّ الملف اللبناني بات موقتاً في عهدته لفترة وجيزة، قد لا تتجاوز منتصف الصيف، لما كنا قد سمعنا تأكيدات لبنانية رسمية موحّدة بتحييد لبنان عن المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، وأنّ لبنان يسعى إلى استكمال تطبيق ما تعهّد به من إجراءات، مع التمنّي بأن تُقدم إسرائيل على الخطوات التي تسهّل الطريق إلى البعض منها، في ظل الشكوك المتنامية بأنّها لا ترغب بذلك في استراتيجيتها البعيدة المدى، ولا سيما منها تلك التي تعزز سلطة الدولة اللبنانية بكل أجهزتها العسكرية والأمنية على أراضيها، وبلا أي شريك داخلي، ولا تقف عند حدود منطقة جنوبي الليطاني.
على هذه الخلفيات يمكن تفسير المواقف اللبنانية الرسمية الصريحة التي تبلّغها براك، وكان أولها من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، الذي شرح الخطوات المتخذة، وحدّد العوائق التي تحول دون إتمامها، والتي لا تقف عند ما فرضته الحرب الإسرائيلية ـ الإيرانية، بمقدار ما كانت نتيجة لبقاء إسرائيل في المواقع الحدودية المحتلة، على رغم من عدم أهميتها العسكرية، كما بالنسبة إلى مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أكّد إيجابية اللقاء ونتائجه التي تدفع إلى الارتياح لجهة إبقاء لبنان خارج ما بلغه النزاع الكبير. وصولاً إلى رئيس الحكومة نواف سلام الذي سجّل المواقف عينها.
وعليه، فقد أوحت مهمّة براك انّها كانت في جانب منها لإبلاغ لبنان بقرار تسلّمه الملف اللبناني إلى جانب مهمّته السورية. وهي خطوة بالغة الدقّة بعدما عبّرت بأنّه لم يعد هناك ملف لبناني منفصل عن بقية ملفات المنطقة، وتحوّله ورقة من أوراقها، بعدما تعدّدت أشكال الحروب بين إسرائيل ودول جوارها، وصولاً إلى المواجهة مع إيران وما يشهده الخليج العربي، بطريقة أعادت التذكير بمساحة المنطقة الجغرافية الموكلة إلى قيادة المنطقة الأميركية الوسطى، بطريقة ألغت الحدود الجغرافية لدولها بينها وتحولها مجسماً واحداً على مكتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وفي انتظار ما ستقود إليه عملية إعادة النظر بخرائط المنطقة التي عبثت بها إسرائيل في لبنان وسوريا وغزة، وانتهاكها لحدودها الجغرافية، فإنّ ورقة لبنان باتت في عهدة براك، بعدما أوحى انّه سيعود خلال اسبوعين او ثلاثة، من دون أن يشير إلى ما يمكن أن يتغّير فيها، بما يدل إلى أنّ ما تريده واشنطن التهدئة في هذه الساحات التي شهدت حروب إيران بالوكالة، قبل أن تضمّ إسرائيل اراضيها إلى بقعة الحرب بطريقة مباشرة بعد الإطباق على ما تسمّيه أذرعها في لبنان وغزة واليمن وسوريا، في تطور شكّل امتداداً لمجريات العمليات المؤدية إلى رسم معالم الشرق الأوسط الجديد، وما يمكن ان تعكسه نتائجها من تداعيات تثير القلق على كل المستويات.
وانطلاقاً مما تقدّم، يمكن النظر إلى موقف الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، الذي جاء في أسوأ توقيت، عندما قدّم عرضاً مختلفاً قد لا يشاركه فيه أي مسؤول لبناني على الإطلاق. ولكن ذلك لا يدعو إلى القلق بدرجة عالية. فبيانه جاء بما يعاكس مواقف ورغبات القادة اللبنانيين، ولا يمكن تفسيره على أنّه "تمرّد مباشر" على موقف "الأخ الأكبر" فحسب، وهو الذي كان قال صراحة بعد ساعات على مغادرة براك عين التينة "إنّ لبنان لن ينخرط في الحرب 200 في المئة". وإن شاء أحدهم القول إنّ بري لم يقل إنّ "حزب الله" لن ينخرط في المعركة، فإنّ الجميع يدرك انّ بري هو الذي وفّر الرعاية الحكومية لنهاية الحرب المأسوية التي خاضها الحزب تحت شعار "الإلهاء والإسناد".
ويزيد العارفون بحقيقة المواقف وموازين القوى على ساحة "الثنائي الشيعي"، انّ "الأخ الأكبر" لا يمكنه بعد اليوم أن يشير إلى أي دور للحزب بمعزل عن الموقف اللبناني الجامع على المستوى الرسمي على الاقل. وانّه وإن بقي في هذه "المرتبة" عند قيادة الحزب بما تعبّر عنه وجوهه السياسية والإعلامية اللبنانية، عليهم أن يدركوا بأنّه لن يسمح لأحد بأن يتجاوز ما يقول به إلى النهاية الحتمية في الاتجاه المؤدي إلى التحول السياسي المطلوب للحزب، والتخلّي عن الجناح العسكري الذي بات عبئاً لا يُحتمل على أكتاف أحد من بيئته ومن اللبنانيين و"قد دفعوا سلفاً ما يترتب عليهم من تضحيات حتى يوم الدين".
على كل حال، وأياً كانت ردات الفعل على بيان الشيخ قاسم الذي جرى تعميمه ليلاً بعد سيل المواقف التي تؤكّد حياد لبنان عن الحرب الحالية بين تل أبيب وطهران، فقد كان كافياً ما نُقل عن بري قوله إنّ الكلام المنسوب اليه أنّ الحزب لن يشارك في الحرب "أكيد"، لتصويب القراءة حول مدى تأثير كلام قاسم، وخصوصاً عندما اعتبره "موقفاً مبدئياً لا يمكن للحزب اتخاذ غيره لأنّه متضامن مع ايران". وبالتالي فهو ينزع المخاوف من أي خطوة خطيرة قد يُقدم عليها الحزب وتعيد زجّ لبنان في آتون الحرب .
وترى مراجع عليمة، انّ أي خطوة منتظرة من الحزب يجب ان تؤخذ وفق معايير محدّدة، ما زالت غامضة. وهي في شكلها ومضمونها تتناول مدى قدرته على التصرف بما تبقّى من أسلحة تعيد الساحة اللبنانية إلى قلب المعركة، والتثبت من الجهة التي تمتلك قرار التصرف بها، عدا إن كانت داخلية او خارجية فهي كلها عوامل لها تأثيراتها على كل ما هو متوقع، في انتظار الأجوبة الشافية عن مجموعة الاسئلة الغامضة والتي ما زالت ملك عدد قليل من المسؤولين اللبنانيين، يحيطونها بتكتم إلى الوقت المناسب، للكشف عن كثير من الحقائق الغامضة التي قد تشفي غليل كثير من اللبنانيين الذين لم يفهموا بعد من قادهم إلى آتون النار ومن يمكنه إخراجهم منه.

الجمهورية - جورج شاهين
 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا