جدال سياسي - مذهبي يتهدّد الحكومة!
كشفت مداولات مجلس الوزراء اللبناني أمس هشاشة التماسك الحكومي في لحظة إقليمية مفصلية، حيث انفجرت خلافات حادّة بين المكوّنات الحكومية على خلفية موقف وزير الخارجية يوسف رجّي الذي دعا إلى إصدار بيان رسمي يردّ على كلام نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، ويتمسّك بمرجعية الحكومة في قراري الحرب والسلم، وفقاً لما ينص عليه البيان الوزاري.
أثار الطرح الذي قدّمه رجّي حفيظة وزراء “الثنائي الشيعي”، الذين سارعوا إلى الاعتراض، مستندين إلى تطمينات رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن لبنان لن يُزجّ في أتون الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران ووكلائهما. إلا أن وزير الخارجية لم يتوانَ عن الرد بالقول: “مشكور الرئيس بري، ولكن هذا عمل الحكومة”، في تذكير واضح بأن الصلاحيات التنفيذية لا تعني رئاسة البرلمان بل مجلس الوزراء مجتمعًا.
لكن كلام رجّي لم يمرّ حتى على رئيس الحكومة نواف السلام الذي سارع بعد الجلسة إلى إبداء استغرابه "الكلام المنسوب إلى احد الوزراء بأنني رفضتُ أن تُصدر الحكومة موقفا ضد توريط لبنان في الحرب الإقليمية الدائرة، بينما كنت قد شددت أكثر من مرة ان الموقف اللبناني ثابت في رفض زجّ لبنان او إقحامه بأي طريقة من الطرق في هذه الحرب، مذكراً انني المخوّل دستورياً النطق باسم الحكومة". وناشد "الجميع الترفّع عن المزايدات في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد".
لم يقف الجدل عند حدود هذا الملف، بل امتدّ إلى الشق السياسي ذات الطابع الاقتصادي–الإنمائي بخلفية مذهبية واضحة المعالم، حيث انفجر إشكال ثانٍ بعد طرح مشروع تلزيم مطار القليعات في الشمال. وقد اعترض وزراء “الثنائي”، معتبرين أن أي خطوة في اتجاه القليعات يجب أن تترافق مع تلزيم مطار رياق في البقاع، مما أعاد إلى الواجهة خطاب الإنماء المتوازن الذي غالباً ما يتحوّل إلى أداة مساومة سياسية ومذهبية بين مكوّنات السلطة.
تعكس هذه التوترات داخل الحكومة حجم الانقسامات العميقة التي تهدد بانفجار داخلي سياسي في أي لحظة، لا سيما أن المرحلة تقتضي أقصى درجات التنسيق الوطني لمواجهة التحديات الخارجية والداخلية. ففي وقت تعيش فيه البلاد على وقع تصعيد إقليمي غير مسبوق، تُظهر الطبقة السياسية عجزاً فادحاً عن الاتفاق على أولويات استراتيجية، مما يعمّق المخاوف من أن يصبح مجلس الوزراء ساحة لتصفية الحسابات، بدل أن يكون منصة لاتخاذ قرارات تحمي البلاد من الانهيار.
تأسيسا على ذلك، تنكشف الحكومة التي تجهد للظهور بمظهر المتماسكة، على حقيقتها الهشة، مما يطرح علامات استفهام عن قدرتها على الصمود متى تصاعدت التحديات أو وقعت المفاجآت الكبرى.
ليبانون فايلز - ميرا جزيني
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|