لبنان "تحت رحمة" موقفٍ حمّال أوجه لـ حزب الله
... هل يكون موقف «الترويكا» الرئاسية، سواء «الجازم» بأن لبنان لن يَدخل الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، أو الرافض لأي إقحامٍ له فيها، كافياً لضمانِ أن «تُفْلِتَ» بلاد الأرز من العاصفة الأعتى التي تَضرب المنطقةَ وتُنْذِر بأن تَخرج عن سيطرةِ الجميع: «اللاعبون» بالنار، والساعون إلى إخمادها؟
سؤالٌ جديد في حلقةِ علامات الاستفهام «المتسلسلة» التي لا تنفكّ «تتناسل» في لبنان الذي لا يَبدو أحدٌ فيه قادراً على تقديم أجوبةٍ «أكيدة» في ضوء استمرار قرار الحرب والسِلم بمعناه «التنفيذي»، وليس السياسي النظري أو المبدئي، في يد «الدولة الموازية» التي يشكّلها واقعياً «حزب الله».
على أنّ «التفلّتَ المُزْمِنَ» لـ «حزب الله» لجهة إعلاء مقتضيات وضعيّته كذراعٍ متقدِّمة للمشروع الإيراني، في بُعْديه الايديولوجي والعسكري، على الاعتبارات اللبنانية، لا يُسْقِط أهميةَ «الابتعادِ خطوةً» وأكثر من لبنان الرسمي عن أي خياراتٍ «حربية» محتمَلة للحزب وتَظْهيرِ «جبهةِ رَفْضٍ» رئاسية معلنَة وضمنية لها.
ولم يكن عابِراً أن يتحوّل رئيسُ البرلمان نبيه بري، الذي سبق أن فوّضه «حزب الله» إدارةَ مفاوضات وَقْفِ حرب لبنان الثالثة وضمان إلزام إسرائيل تنفيذ اتفاق 27 نوفمبر، قاطِرَةً لموقفٍ رسمي ظاهِرُه «تطمينيّ» إلى أن «بلاد الأرز» لن تدخل الحرب وجوهره «اعتراضيّ» على أي انجرافٍ إليها.
فمنذ أن أعلن بري «أن لبنان لن يَدخل الحرب 200 في المئة لأنّ لا مصلحة له بذلك ولأنه سيدفع الثمن، وإيران ليست بحاجة لنا بل إسرائيل هي التي تحتاج دعماً»، بدا أن شريكَ «حزب الله» في الثنائية الشيعية حدّد «إطاراً ناظِماً» تم التعاطي معه على أنه:
- إما ينمّ عن «توزيعِ أدوارٍ» بينه وبين «حزب الله» الذي أكد أمينُه العام الشيخ نعيم قاسم بعيد موقف بري «لسنا على الحياد، ولذا نعبّر عن موقفنا إلى جانب إيران وقيادتها وشعبها، ونتصرّف بما نراه مناسباً في مواجهة هذا العدوان الإسرائيلي الأميركي الغاشم».
- وإما يَعكس تَناقُضاً، بدا معه بري وكأنه يرسّم لحزب الله «بالفم الملآن» حدودَ أي انغماسٍ في الحرب، على قاعدة أن رئيس البرلمان لن يكون قادراً على توفير أي «حماية» من تداعياته المدمّرة على البيئة الشيعية، ما يجعل الحزب «مكشوفاً» بحال تَفَرَّد في «تفجير الحزام الناسف».
- وإما أن موقفيْ بري وقاسم يَصبّان بالاتجاه نفسه، أي تَراجُع احتمالاتِ دخول «حزب الله» الحرب، وإن بتعبيراتٍ متمايزة تَفرض على الأخير صَوْغَها بلغةِ التضامن العالي مع إيران وعدم «الحرق المجاني» لأوراق قوّتها، ولو المستنزَفة، في المنطقة، وذلك في إطار محاولة طهران تشكيل «خطوط ردع» مزدوجة...
أولاً أمام أي اغتيالٍ للمرشد الأعلى السيد علي خامنئي، وهو ما سيَعني، إلى جانب البُعد الديني والمعنوي، إعلان الانتقال «الرسمي» لمرحلة السعي لتسديد «ضربة قاضية» للنظام الإيراني و«اجتثاثه».
وثانياً أمام انضمامِ واشنطن لإسرائيل في الحرب، ما سيرتّب تداعياتٍ عسكريةً هائلة ويكرّس دخول «المكاسرة» مرحلة الـ«لا عودة» قبل «طَحْنِ» البرنامج النووي برمّته وتالياً تقويض النظام الإيراني و«مناعته الباقية».
وكان بارزاً أن بري تَعَمَّدَ بعد موقف قاسم، إبداء استغرابِه من وَصْفِ البعض كلام الأخير كما لو أنه جاء ردّاً على ما أعلَنه، مكرّراً أن ما نُسب له عن أن الحزب لن يشارك بالحرب هو «أكيد»، أما كلام قاسم فهو «موقف مبدئي» لا يمكن للحزب اتخاذ موقف غيره، لأنه بطبيعة الحال متضامن مع إيران.
ولم يقلّ دلالةً أن يرتكز رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى موقف بري في معرض تأكيد «لا أحد يريد الحرب في لبنان وليس هناك مَن يتحمّل تكلفتها»، وذلك خلال إطلاقه مساء الجمعة في وسط بيروت ورشة أعمال تطوير وإعادة تأهيل ساحة الشهداء وإنارة ساحة النجمة.
فقد قال عون رداً على سؤال وُجّه إليه «ان لبنان يلبس ثوباً أبيض جديداً»، قبل أن يجيب حول إمكان عودة الحرب إلى لبنان «هل هناك مَن يريد الحرب في لبنان؟ مَن يرغب بها؟ مَن يمكنه تحملها أو أن يدفع ثمن كلفتها؟ مضيفاً: أؤيد في هذا الإطار ما قاله الرئيس بري من انه 200 في المئة ليس هناك حرب في لبنان، لأن لا مصلحة لنا فيها، كما أن إيران لا تحتاج إلينا».
وجاء موقف عون بعيد جلسة لمجلس الوزراء برئاسة الرئيس نواف سلام شهدت نقاشات حادة حول ما أدلى به قاسم، وخصوصاً بعدما اقترح وزير الخارجية يوسف رجي أن تتّخذ الحكومةُ موقفاً من كلام الأمين العام لـ«حزب الله»يؤكد رفْضه ويعاود تأكيد مضامين البيان الوزاري في ما خصّ حصرية السلاح والقرار 1701 وقرار الحرب والسلم.
وفيما أعلن وزير الإعلام بول مرقص بعد الجلسة «أن الشق الأمني والسياسي أخذ حيزاً من مداولات مجلس الوزراء ولكن لا لزوم لنؤكد كل مرة على البيان الوزاري، فالتوجه هو نفسه (...) ولن نصدر في كل جلسة قراراً تأكيدياً على ذلك»، استغرب سلام في بيانٍ لاحقاً«الكلام المنسوب إلى أحد الوزراء بأنه رفض أن تُصدر الحكومة موقفًا ضد توريط لبنان بالحرب الدائرة»، مذكّراً بأنه كان شدد أكثر من مرة على«أن الموقف اللبناني ثابت برفض زج لبنان أو إقحامه بأي طريقة في الحرب الإقليمية الدائرة»، وبأن«مواقفه تعبّر عن سياسة الحكومة وهو المخول دستورياً النطق باسمها».
سلام يزور قطر
وفي حين يستعدّ سلام لزيارة قطر غداً للبحث مع كبار مسؤوليها في تداعيات الحرب الإسرائيلية ـ الإيرانية والمساعدات التي تقدّمها الدوحة للبنان، أبدت أوساطٌ مطلعة خشيتها من استعادة الميدان الجنوبي«نشاطه الساخن»يوم الجمعة وهو ما تمت قراءته على أنه «إنذار بالنار» لحزب الله من أي «ضغطٍ على زرِّ» الالتحاق بالحرب التي ترتفع حظوظ استعارها أكثر مع ملامح «الحائط المسدود»في مفاوضات جنيف ودفع واشنطن قاذفات «بي - 2» إلى المحيط الهادئ.
وإذ أعلن الحزب بلسان نائبه حسين الحاج حسن موقفاً أقرب إلى «الغموضِ حمّال الأوجه» تعليقاً على الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، إذ أكد أن «واجب الحزب وكل حرٍ في العالم أن يقف مع الحق ويتضامن معه وينصره ويهتف له»، لم يتردّد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في ربط التصعيد جنوباً بمواقف قاسم الذي اتّهمه بأنه «لم يتعلّم درساً من أسلافه ويهدّد بالتحرّك ضد إسرائيل وفق أوامر خامنئي»، مهدداً بأن على الحزب أن يكون حذراً ويدرك أنّ صبر إسرائيل نفد حيال الإرهابيّين الذين يهدّدونها وإذا حصل إرهاب، فلن يعود هناك «حزب الله».
وسام أبوحرفوش وليندا عازار - الراي
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|