الحكومة تخصخص "ع العمياني".. سكانر لمرفأي بيروت وطرابلس: الدولة تدفع وCMA تربح
من أحدث أمثلة الخصخصة التي تقودها حكومة نواف سلام سماحها بتوسيع عقود شركة CMA بفرعيها في مرفأ بيروت ومرفأ طرابلس، لتوريد وتشغيل ثلاث ماسحات ضوئية (سكانر) بقيمة 9 ملايين دولار، على أن تجبي من كل حاوية (كونتينر) تخضع للمسح في المرفأين ولمدّة ست سنوات، مبالغ ستزيد على 27 مليون دولار، ثم تستردّ الإدارتان هذه التجهيزات سواء أصبحت هذه الآلات خردة أو تكنولوجيا «بائتة». هو عقد مماثل لعقود الـ«BOT» الذي قد لا يتوقف عند هذا الحدّ، بل سيشمل الكثير مما ستعرضه الحكومة للبيع بعيداً من أحكام قانون الشراء العام.
في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، عرضت وزارة الأشغال ملفاً يتعلق بتوسيع عقود شركتي «CMA Beirut terminal» مع مرفأ بيروت، و«CMA tripoli» مع مرفأ طرابلس.
الأولى حصلت على العقد في 10 آذار 2022 لمدة ست سنوات، والثانية حصلت على العقد في 28 تشرين الأول 2013 لمدّة 28 سنة.
التوسيع يشمل توريد ماسحات ضوئية «سكانر» ستشتريها الشركتان وتشغّلها مقابل بدلات مالية تستوفى عن كل حاوية (كونتينر) تخضع للكشف، وضمن العرض أن تكون رسوم الكشف 9 دولارات على الحاوية الواحدة في السنة الأولى وترتفع سنوياً بمعدل 0.5 دولار لتبلغ 11.5 دولاراً في السنة السادسة.
وبحسب دراسة وزارة الأشغال عن مرفأ بيروت، يتوقع أن يبلغ عدد الحاويات في السنة الأولى 364 ألفاً بمعدل نموّ سنوي يبلغ 5%، ولم تقدّم أي دراسة عن مرفأ طرابلس، علماً أن الأرقام الرسمية الصادرة عن مصلحة استثمار مرفأ طرابلس تفيد بأنه في آخر ست سنوات تجاوز متوسط عدد الحاويات الواصل عبره الـ27 ألفاً سنوياً.
وتذرّعت الوزارة في اقتراح توسيع العقد، بأنه يجب ضبط ومراقبة الحاويات الداخلة والخارجة باعتباره «هاجساً كبيراً للدولة اللبنانية، سواء من جهة مكافحة التهريب الجمركي وتحصيل الإيرادات الجمركية، أو من جهة معالجة الثغرات الأمنية المحتملة، ولا سيما على ضوء المتابعة الدولية لها».
وأشارت أيضاً إلى أنه يقتضي الامتثال الدولي لاكتشاف التهديدات الأمنية واتخاذ التدابير الوقائية ضدّ الحوادث الأمنية التي تؤثّر في السفن أو مرافق الموانئ المستخدمة في التجارة الدولية، فضلاً عن أنه لديها فرصة لشراء ماسحتين من دون انتظار مدة التصنيع التي تأخذ 14 شهراً، وأنهما «تستوفيان الشروط الفنية كافة تحت إشراف الاستشاري خطيب وعلمي وتعملان 24 ساعة في اليوم سبعة أيام في الأسبوع».
وعرضت الشركة كلفة شراء وتركيب الماسحتين في مرفأ بيروت بما قيمته 9 ملايين و85 ألف دولار موزّعة بين ثمن الماسحتين بقيمة 5 ملايين و70 ألف دولار، وكلفة اشغال البنى التحتية بمليونين و20 ألف دولار، وكلفة شحن وتأمين وتخليص وجمرك وضريبة على القيمة المضافة بـ 1.17 مليون دولار، إضافة إلى احتياط تكاليف بقيمة 825 ألف دولار. وبالقياس على العرض المقدّم لمرفأ بيروت، فإن كلفة تركيب ماسحة واحدة في مرفأ طرابلس يقدّر أن تبلغ 4.5 ملايين دولار، ليصبح مجموع كلفة 3 سكانر نحو 13.6 مليون دولار، ستدفعها الشركة بفرعيها، في مقابل ما يزيد على 27 مليون دولار.
لم يتضمن العرض أي دراسة جدوى، إذ إن المرفأين لديهما إمكانات مالية تتيح لهما شراء الماسحات وتشغيلها بلا «جميلة» CMA المملوكة من رجل الأعمال رودولف سعادة المقرّب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (الشركة الفرنسية تملك الشركتين اللبنانيتين).
ففي الواقع، أي دراسة جدوى بالاستناد إلى الأرقام الرسمية، ستخلص إلى أن مرفأ بيروت يمكنه استرداد كامل مبلغ الاستثمار في السنة الثالثة ثم يبدأ بتحقيق الأرباح، بينما يحتاج مرفأ طرابلس، إذا ظلّت أرقامه متدنية ضمن متوسط السنوات الست الأخيرة (في السنة الماضية استقبل 34 ألف حاوية، وهناك إمكانية لزيادتها بنسب عالية ربطاً ببدء الإعمار في سوريا)، إلى أكثر من عشر سنوات لاسترداد المبلغ والبدء بتحقيق الأرباح.
لكن مجلس الوزراء سار «على العمياني» وراء فكرة توسيع العقد لتوريد وتشغيل واسترداد هذه الآلات، أي تماماً ما يرد في عقود الـ«BOT».
بل ذهب أبعد، عندما قرّر أن بنود العقدين تسمح بتوسيعهما لأنهما ينصّان على «تكليف الشركتين بخدمات إضافية تكميلية»، لذا يمكن «توريد وتشغيل ماسحات ضوئية حديثة ومتطورة لمراقبة الحاويات». فهل تحويل العقد إلى «BOT» يمكن تفسيره في إطار الخدمات التكميلية؟
الأنكى أن مجلس وزراء الخصخصة تذرّع بأن هذا الأمر لا يكلّف الخزينة أو يضع عليها أعباء مالية، ليتخذ قراراً باعتبار عرض CMA بفرعيها «من متممات العقدين الأساسيين الموقعين»، وأسبغ استثناء على هذا التعاقد من موجبات أحكام قانون الشراء العام بحجّة أن المادة 113 من قانون الشراء العام تتيح للعقود الموقعة قبل دخوله حيّز التنفيذ الاستثناء منه.
ولم يكتف بذلك، بل أجرى تعديلاً على المرسوم 6748 الذي حدّد نظاماً إلزامياً لمعاينة ومراقبة الحاويات والبضائع والمركبات في المرافق الحدودية، لا سيما المادة التاسعة منه، بما لا يتعارض مع مندرجات قرار مجلس الوزراء.
فهذا المرسوم ينصّ في مادته الثالثة على أن تنشأ مؤسسة خاصة يُعهد إليها بمناقصة عمومية إنشاء نظام معاينة ومراقبة الحاويات والبضائع والمركبات.
كما إن المادة الرابعة منه تنصّ على أن إقامة التجهيزات واعتماد الأنظمة والبرامج وسواها، يجب أن تحدّده وزارة المال بناء على اقتراح المجلس الأعلى للجمارك، وأن يتضمن إنشاء غرف تحكم ومراقبة في كل المرافق الحدودية المحدّدة من قبل وزارة المالية، إضافة إلى غرفة تحكم ومراقبة مركزية تديرها إدارة الجمارك... وتنصّ المادة الخامسة من هذا النظام على أن تتولى المؤسسة الخاصة تمويل وتوريد وتركيب التجهيزات والأنظمة والبرامج كافة، وتأمين الموظفين والعمال وسائر الأدوات والمعدات لتركيب هذه التجهيزات والأنظمة والبرامج «على أن تعود ملكية هذه التجهيزات والأنظمة والبرامج إلى الدولة (إدارة الجمارك) بعد مدة زمنية معينة ومن دون مقابل.
ويقتصر دور الشركة المعتمدة على الإنشاء والصيانة وفقاً لما يحدّده دفتر الشروط الخاص بالمشروع». ويترتب على هذه المؤسسة أيضاً تحديث التجهيزات والأنظمة والبرامج وتطويرها وصيانتها لتبقى بحالة ممتازة، وتأهيل العدد الكافي من الموظفين والعاملين الذين تسميهم إدارة الجمارك لإدارة وتشغيل وصيانة تجهيزات وأنظمة وبرامج معاينة ومراقبة الحاويات والبضائع والمركبات قبل المباشرة بتشغيل نظام المعاينة.
محمد وهبة - الاخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|