الصحافة

من سقوط الأذرع… إلى تحسّس الرأس

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في لبنان، يتقدّم سقوط دور النظام الإيراني على سقوط النظام نفسه.

منذ إعلان «لبنان الكبير»، اختار المؤمنون بسيادته واستقلاله ونظامه الفريد خيارات صعبة، وواجهوا كل محاولات خنق «الفكرة اللبنانية» بالتذويب أو الإلحاق. ورغم ما تعرضت له من اجتياحات فكرية ومشاريع قومية وإسلامية، صمدت «الفكرة اللبنانية». واليوم، يحق لكل من راهن على الفطرة الإنسانية في العيش الحر والكريم أن يرتسم الرضا على وجهه، وهو يشهد انهيار المشاريع التي تناقض منطق التاريخ، وحق الإنسان في الحرية والكرامة والازدهار.

ولئلّا نعود إلى ما قبل «لبنان الكبير»، لا بدّ من الاعتراف بأن أنظمة عسكرية واستبدادية عدة في المشرق العربي ومغربه، ومعها المنظمات الفلسطينية والحركات اليسارية المسلحة، وقعت في خطيئتين قاتلتين لم تسعَ إلى تفاديهما رغم المؤشرات الكارثية:

الأولى، تغليب القمع على السياسة، والعسكرة على الديمقراطية، ما خنق المجتمعات وصحّرها في كل مجالات الحياة؛

والثانية، ارتهان تلك التنظيمات لأجهزة المخابرات التي حوّلتها إلى أدوات للابتزاز والإرهاب وتصفية الخصوم.

لكن عجلة التاريخ لا تتوقف، وإن تباطأت في محطة، فإنها تتسارع في محطات أخرى.

دول عربية أغدقت عليها الطبيعة خيراتٍ، ابتليت شعوبها بأنظمة قادتها إلى جحيم القمع والتخلّف، واصطفت ضمن معسكر «إرهاب الدولة» الذي بدوره احتضن منظمات الإرهاب. من اليمن الجنوبي إلى ليبيا، مرورًا بالسودان والعراق وسوريا، تحولت جغرافيا تلك الدول إلى مخيمات تدريب وتخطيط وحواضن للعصابات العابرة للحدود.

اليوم، سقطت معظم الأنظمة العربية التي لوّثت بلدانها بوصمة «إرهاب الدولة»، وكان آخرها نظام عائلة الأسد في سوريا. ولم يبقَ على مسرح العبث سوى إيران، بوصفها «دولة الإرهاب» غير العربية، لكنها تحرّك منظمات إرهابية أغلبها عربية.

ومع «طوفان الأقصى»، دخلنا لحظة مفصلية. لقد قرر التاريخ أن يتحرّك ويكسر المراوحة. و«جنت على نفسها براقش»، متمثلة بيحيى السنوار. أما في لبنان، فغلب الطبع على التطبّع، وانزلق «حزب الله» إلى المقصلة.

منذ أكثر من عامين، تتلقى الأذرع الإيرانية الضربات في لبنان واليمن وسوريا والعراق، من دون أن تجرؤ طهران على الرد.

ولا تجد بين أذرعها من يُسعفها بقوة عسكرية فاعلة. وكأن تقطّع هذه الأذرع يمهّد لقطع الرأس. هذا ما حصل مع القذافي وصدام وبشار من دون أن ننسى اليمن الجنوبي الماركسي أيام علي سالم البيض والسودان الإسلامي أيام عمر البشير.

خطابيًا، لا يريد الشيخ نعيم قاسم أن يكون على الحياد بين الخامنئي «ولي أمره»، من جهة، وأميركا وإسرائيل، من جهة أخرى.

لكن ذلك كان قبل أن يضرب ترامب ضربته، ويُلحق بالمشروع النووي الإيراني دمارًا بالغًا.

أما واقعيًا، فالدولة اللبنانية، ومعها القوى السيادية، تراقب وتنتظر. ولم يعد يختلف اثنان من العقلاء على أن الهزيمة الفكرية والسياسية أصابت خصوم السياديين. والمنتصر يجب أن يكون منطق «الفكرة اللبنانية»، التي صمدت في وجه مشاريع الاستبداد والظلام، ورفضت أن تكون بندقية للإيجار.

على الدولة اللبنانية أن تترجم هذا الانتصار قبل الأحزاب، وتنقل جذريًا لبنان إلى النظام العربي الجديد، القائم على السلام والتنمية والحرية. إن ترددت وعجزت فكل الخيارات ستصبح مفتوحة. ومهما كان الثمن، فلن يكون أغلى من تفويت الفرصة.

أمجد اسكندر - نداء الوطن

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا